المنتديات
منتديات المكتبة العربية الكبرى

الأمومة والطفولة في الإسلام 1\7
أمين المكتبةفي 2020-10-11 19:18:24
عدد الردود : 1 عدد المشاهدات : 139
الأمومة والطفولة في الإسلام 1\7
محمد أحمد العزب
يخيل إلي . أننا أمام هذا البحث في إطار من حتمية الإجابة عن هذا السؤال : هل هناك فواصل منظورة أو مستورة بين الأمومة والطفولة ؟ أم أن هناك وشائج خالدة وواطدة بين الطفولة والأمومة ليس إلى تحديها من سبيل ؟
ويخيل إلي . . . أننا حين نخلص إلى إجابة صادقة عن هذا السؤال نكون قد خلصنا من خلال ذلك إلى مواجهة الموضوع هكذا في تبلج وائتلاق . . .
وفي يقيني أننا نسبح في الطين إذا بدأنا مثل هذا البحث هكذا في عفوية عريانة ، لا تتعمق حقائق هذه الروابط ، ولا تهوم خلف آفاقها البعيدة لمعانقة مشارقها الأصلية . . .
ولنبدأ معا . . .
هل هناك أمومة بدون طفولة ؟ أو طفولة بدون أمومة ؟ الذي أعرفه أن " شيئا " لا يمكن أن ينبثق هكذا من " لا شيء " وأن صفة " الأصل " لا نخلعها إلا على ما يحمل في طبيعته الوجودية أفرعا وأغصانا . . .
مقدمات الأمومة
الأمومة لا يمكن أن تتحقق إلا بتحقق مقدماتها . . . وأعني بمقدماتها الإنجاب . . .
والطفولة لا يمكن أن تولد من فراغ ، أو تنبثق من عدم . . . لا بد لها من أمومة . . .
ومن هنا . . . يتأكد لدى البداءة في غير تعمل أو اعتساف ، أن تلازما جذريا خالدا ينهض بين الأمومة من جهة . . . والطفولة من جهة أخرى . . .
ومن هنا يتحتم كذلك أن تتعانق المجالات وتتشابك ، فلا تقوم الحواجز الشاهقة بين طبيعة الحديث عن الأمومة . . . وطبيعة الحديث عن الطفولة . . .
قد يقال هنا : ليس من اللازم أن توجد الطفولة ليتحقق معنى " الأمومة " في الأنثى . . .
فما أكثر ما رأينا عبر أجيال البشر ، ومراحل التاريخ من أمهات ، لم يعقبن ذكرا ولا أنثى ، ومع ذلك فقد كن أمهات رائدات . . .
أليست أمهات المؤمنين - مثلا - لنا أمهات . . . مع انحسام الروابط المادية بيننا وبينهن ؟ " . . .
قد يقال هذا في مثل هذا الصدد . . . ولكنه لن يخرج عن أن يكون حيلة ذهنية بارعة ، تلفتنا عن الحقائق الموضوعية المنشودة في مثل ذلك البحث ، لتتوه في مجاهيل التربص الفكري ، الذي يترك الأعماق ويطفو على السطح في حركة رعاشة رعناء !
نحن لا نجهل أن أمهات المؤمنين لنا أمهات . . . ولا نجهل كذلك أن كل أنثى في تاريخ البشر ، مهما كان لونها . . . أو جنسها . . . تتربع على عرش الأمومة " الروحية " للملايين . . . إذا استوت على أفق معين من آفاق التفوق الإنساني . . .
ولكننا هنا - في مثل هذا البحث - لسنا بصدد الحديث عن الأمومة بمعناها العائم الغائم ، وإنما نحن بصدد الحديث عن الأمومة " النوعية " التي تضم جناحيها على أفراخها الصغار ،
ساكبة حنان قلبها في حنايا قلوبهم ،
وناسلة ريش جناحها لتدفئ به قرهم ، وسافحة أيامها ولياليها على أصابع الزمن ، لترى - بعد رحلة ربداء - إلى أطفالها الصغار ، وقد استووا أيقاعا . . . وتعملقوا رجالا . . .
نحن بصدد الحديث عن الأمومة الخالدة ، التي عناها الابن البار الرحيم محمد رسول الله صلوات الله عليه وسلامه - بكلماته : « الجنة تحت أقدام الأمهات » (1) .
ولنا بعد ذلك جولة مترامية المدى مع ألوان أخرى من الأمومات . . .
ولكني أتساءل : هل الإسلام هو الدين الوحيد الذي انحنى في غبطة وشمول على الأمومة الحانية . . . والطفولة الخضراء ؟
أم أن كل شرائع الأرض والسماء قد عرفت لهذين الكائنين حقهما من العطف . ونصيبهما من الرعاية والتكريم أم أن للإسلام موقفا خاصا يتميز به بين سائر الشرائع ، وكافة القوانين ؟
يجعل لموقفنا من الأمومة والطفولة على السواء فلسفة خاصة واتجاها فريدا ؟ وهذا هو الذي ستجيب عنه هذه الصفحات . . .
ولكن . . . قبل أن نمضي مع الإسلام الرائد في رحلته مع الأمومة والطفولة . . .
لا بد لنا من إلمامة خاطفة بمكانة كل منهما فيما عدا الإسلام من نظم . . . وفيما سوى الشرق من أرجاء . . .
حتى يتسنى لنا من بعد أن نقيم موازنة عادلة بين فلسفة الإسلام في هذا الصدد ، وبين فلسفات أخرى نبعت من هنا أو من هناك . . .
__________
(1) سنن النسائي الجهاد (3104),سنن ابن ماجه الجهاد (2781).

بحث بعنوان : الأمومة والطفولة في الإسلام
لمؤلفة محمد أحمد العزب
نشر في مجلة البحوث الإسلامية الرابط