تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » أقوال المعتزلة في اللطف واختلافهم في لعن الله للكفار في الدنيا

أقوال المعتزلة في اللطف واختلافهم في لعن الله للكفار في الدنيا

  • بواسطة

 

كتاب مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين

المؤلف: أبو الحسن علي بن إسماعيل بن إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري
(المتوفى: 324هـ)


المعتزلة

207 – أقوالهم في اللطف

واختلفوا في اللطف على أربعة أقاويل:

1 – فقال بشر بن المعتمر ومن قال بقوله: عند الله – سبحانه! – لطف لو فعله بمن يعلم أنه لا يؤمن لآمن وليس يجب على الله – سبحانه! – فعل ذلك ولو فعل الله – سبحانه! – ذلك اللطف فآمنوا عنده لكانوا يستحقون من الثواب على الإيمان الذي يفعلونه عند وجوده ما يستحقونه لو فعلوه مع عدمه وليس على الله – سبحانه! – أن يفعل بعباده أصلح الأشياء بل ذلك محال لأنه لا غاية ولا نهاية لما يقدر عليه من الصلاح وإنما عليه أن يفعل بهم ما هو أصلح لهم في دينهم وأن يزيح عللهم فيما يحتاجون إليه لأداء ما كلفهم وما تيسر عليهم مع وجوده العمل بما ليس هم به وقد فعل ذلك بهم وقطع مننهم.

2 – وكان جعفر بن حرب يقول أن عند الله لطفاً لو أتى به الكافرين لآمنوا اختياراً إيماناً لا يستحقون عليه من الثواب ما يستحقونه مع عدم اللطف إذا آمنوا والأصلح لهم ما فعل الله بهم لأن الله لا يعرض عباده إلا لأعلى المنازل وأشرفها وأفضل الثواب وأكثره.

وذكر عنه أنه رجع عن هذا القول إلى قول أكثر أصحابه.

3 – وقال جمهور المعتزلة: ليس في مقدور الله – سبحانه! – لطف لو فعله بمن علم أنه لا يؤمن آمن عنده وأنه لا لطف عنده لو فعله بهم لآمنوا فيقال يقدر على ذلك ولا يقدر عليه وأنه لا يفعل بالعباد كلهم إلا ما هو أصلح لهم في دينهم وأدعى لهم إلى العمل بما أمرهم به وأنه لا يدخر عنهم شيئاً يعلم أنهم يحتاجون إليه في أداء ما كلفهم أداءه إذا فعل بهم أتوا بالطاعة التي يستحقون عليها ثوابه الذي وعدهم.

وقالوا في الجواب عن مسألة من سألهم: “هل يقدر الله – سبحانه! – أن يفعل بعباده أصلح مما فعله بهم؟ ” إن أردت أنه يقدر على أمثال الذي هو أصلح فالله يقدر على أمثاله على ما لا غاية له ولا نهاية وإن أردت يقدر على شيء أصلح من هذا أي يفوقه في الصلاح قد ادخره عن عباده فلم يفعله بهم مع علمه بحاجتهم إليه في أداء ما كلفهم فإن أصلح الأشياء هو الغاية ولا شيء يتوهم وراء الغاية فيقدر عليه أو يعجز عنه.

4 – وقال محمد بن عبد الوهاب الجبائي: لا لطف عند الله – سبحانه – يوصف بالقدرة على أن يفعله بمن علم أنه لا يؤمن فيؤمن عنده وقد فعل الله بعباده ما هو أصلح لهم في دينهم ولو كان في معلومه شيء يؤمنون عنده أو يصلحون به ثم لم يفعله بهم لكان مريداً لفسادهم غير أنه يقدر أن يفعل بالعباد ما لو فعله بهم ازدادوا طاعة فيزيدهم ثواباً وليس فعل ذلك واجباً عليه ولا إذا تركه كان عابثاً في الاستدعاء لهم إلى الإيمان.

208 – أقوالهم في اللذة والألم؟

واختلفوا في الألم واللذة على مقالتين:

1 – فقال قوم: لن يجوز أن يؤلم الله – سبحانه! – أحداً بألم تقوم اللذة في الصلاح مقامه.

2 – وقال قوم: يجوز ذلك.

209 – هل كان يجوز أن يبتدئ الله الخلق في الجنة ولا يكلفهم؟

واختلفوا هل كان يجوز أن يبتدئ الله الخلق في الجنة ويتفضل عليهم باللذات دون الأذوات ولا يكلفهم شيئاً على مقالتين:

1 – فقال أكثر المعتزلة لن يجوز ذلك لأن الله – سبحانه – لا يجوز عليه في حكمته أن يعرض عباده إلا لأعلى المنازل وأعلى المنازل منزلة الثواب وقال: لا يجوز أن لا يكلفهم الله المعرفة ويستحيل أن يكونوا إليها مضطرين فلو لم يكونوا بها مأمورين لكان الله قد أباح لهم الجهل به وذلك خروج من الحكمة.

2 – وقال قائلون: كان جائزاً أن يبتدئ الله – سبحانه – الخلق في الجنة ويبتدئهم بالتفضل ولا يعرضهم لمنزلة الثواب ولا يكلفهم شيئاً من المعرفة ويضطرهم إلى معرفته وهذا قول الجبائي وغيره.

210 – اختلافهم في لعن الله للكفار في الدنيا؟

واختلفت المعتزلة في لعن الله الكفار في الدنيا على مقالتين:

1 – فقال أكثرهم: ذلك عدل وحكمة وخير وصلاح للكفار لأن فيه زجراً لهم عن المعصية وغلوا في ذلك حتى زعموا أن عذاب جهنم في الآخرة نظر للكافرين في الدنيا ورحمة لهم بمعنى أن ذلك نظر لهم إذا كان قد زجرهم بكون ذلك في الآخرة عن معاصيه في الدنيا واستدعاء لهم إلى طاعته وهذا قول الإسكافي.

2 – وقال قائلون منهم: ذلك عدل وحكمة ولا نقول هو خير وصلاح ونعمة ورحمة.

211 – هل للصلاح كل أم لا؟

واختلفت المعتزلة في الصلاح الذي يقدر الله عليه هل له كل أم لا كل له؟ على ثلاثة أقاويل:

1 – فقال أبو الهذيل: لما يقدر الله من الصلاح والخير كل وجميع وكذلك سائر مقدوراته لها كل ولا صلاح أصلح مما فعل.

2 – وقال غيره: لا غاية لما يقدر الله عليه من الصلاح ولا كل لذلك وقالوا أن الله يقدر على صلاح لم يفعله إلا أنه مثل ما فعله.

3 – وقال قائلون: كل ما يفعله يجوز ولا يجوز أن يكون صلاح لا يفعله وهذا قول عباد.

وقال قائلون: فيما يقدر الله أن يفعله بعباده شيء أصلح من شيء وقد يجوز أن يترك فعلاً هو صلاح إلى فعل آخر وهو صلاح يقوم مقامه.

212 – هل يجوز أن يميت الله من علم أنه يؤمن قبل أن يؤمن؟

واختلفت المعتزلة فيمن علم الله أن يؤمن من الأطفال والكفار أو يتوب من الفساق هل يجوز أن يميته قبل ذلك؟ على مقالتين:

1 – فقال قائلون: لا يجوز ذلك بل واجب في حكمة الله أن لا يميتهم حتى يؤمنوا أو يتوبوا.

2 – وأجاز بشر بن المعتمر وغيره أن يميتهم قبل أن يؤمنوا أو يتوبوا.

213 – هل يخترم الله من علم أنه يزداد إيمانا؟

واختلفوا فيمن علم الله – سبحانه! – أنه يزداد إيماناً خل يجوز أن يخترمه على مقالتين:

1 – فقال قوم من أصحاب الصلح: لا يجوز ذلك وقالوا في النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله امتحنه قبل موته بما بلغ ثوابه على طاعته إياه قبل مبلغ ثوابه على طاعاته إياه لو أبقاه إلى يوم القيامة وجعل في هذه المحنة إعلامه أنه يموت في الوقت الذي مات فيه.

2 – وقال قوم منهم” أن ذلك جائز.

214 – خلق الله الخلق لينفعهم

وأجمعت المعتزلة على أن الله – سبحانه! – خلق عباده لينفعهم لا ليضرهم وأن ما كان من الخلق غير مكلف فإنما خلقه لينتفع به المكلف ممن خلق وليكون عبرة لمن يخلقه ودليلاً.

215 – خلق الشيء لا ليعتبر به

واختلفوا في خلق الشيء لا ليعتبر به على مقالتين:

1 – فقال أكثرهم: لن يجوز أن يخلق الله – سبحانه! – الأشياء إلا ليعتبر بها العباد وينتفعوا بها ولا يجوز أن يخلق شيئاً لا يراه أحد ولا يحس به أحد من المكلفين.

2 – وقال بعضهم ممن ذهب إلى أن الله -عز وجل- لم يأمر بالمعرفة إن جميع ما خلقه الله فلم يخلقه ليعتبر به أحد ويستدل به أحد وهذا قول ثمامة بن أشرس فيما أظن.

216 – اختلافهم فيمن قطعت يده وهو كافر ثم آمن أو عكسه

واختلفوا فيمن قطعت يده وهو مؤمن ثم كفر ومن قطعت يده وهو كافر ثم آمن على ثلاثة أقاويل:

فقال قوم: إنه يبدل يداً أخرى لا يجوز غير ذلك.

2 – وقال قائلون: لو أن مؤمناً قطعت يده فأدخل النار لبدلت يده المقطوعة في حال إيمانه وكذلك الكافر إذا قطعت يده ثم آمن لأن الكافر والمؤمن ليس هما اليد والرجل.

3 – وقال قائلون: توصل يد المؤمن الذي كفر ومات على الكفر بكافر قطعت يده وهو كافر ثم آمن ثم مات على إيمانه وتوصل يد الكافر الذي قطعت يده وهو كافر ثم آمن ثم مات على إيمانه بالمؤمن الذي قطعت يده وهو مؤمن ثم مات على الكفر.

217 – هل خلق الله الخلق لعلة أم لا؟

واختلفت المعتزلة: هل خلق الله – سبحانه! – الخلق لعلة أم لا؟ على أربعة أقاويل:

1 – فقال أبو الهذيل: خلق الله -عز وجل- خلقه لعلة والعلة هي الخلق والخلق هو الإرادة والقول وأنه إنما خلق الخلق لمنفعتهم ولولا ذلك كان لا وجه لخلقهم لأن من خلق ما لا ينتفع به ولا يزيل بخلقه عنه ضرراً ولا ينتفع به غيره ولا يضر به غيره فهو عابث.

2 – وقال النظام: خلق الله الخلق لعلة تكون وهي المنفعة والعلة هي الغرض في خلقه لهم وما أراد من منفعتهم ولم يثبت علة معه لها كان مخلوقاً كما قال أبو الهذيل بل قال: هي علة تكون وهي الغرض.

3 – وقال معمر: خلق الله الخلق لعلة والعلة لعلة وليس للعلل غاية ولا كل.

4 – وقال عباد خلق الله – سبحانه – الخلق لا لعلة.

218 – اختلافهم في إيلام الأطفال

واختلفت المعتزلة في إيلام الأطفال على ثلاثة أقاويل:

1 – فقال قائلون: الله يؤلمهم لا لعلة ولم يقولوا أنه يعوضهم من إيلامه إياهم وأنكروا ذلك وأنكروا أن يعذبهم في الآخرة.

وقال أكثر المعتزلة: إن الله – سبحانه! – يؤلمهم عبرة للبالغين ثم يعوضهم ولولا أنه يعوضهم لكان إيلامه إياهم ظلماً.

3 – وقال أصحاب اللطف: إنه آلمهم ليعوضهم وقد يجوز أن يكون إعطاؤه إياهم ذلك العوض من غير ألم أصلح وليس عليه أن يفعل الأصلح.

219 – هل يجوز أن يبتدئ الأطفال بالعوض عن الألم؟

واختلفوا هل يجوز أن يبتدئ الله – سبحانه! – الأطفال بمثل العوض من غير ألم أم لا؟ على مقالتين:

1 – فأجاز ذلك بعض المعتزلة.

2 – وأنكره بعضهم.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *