الكتاب: فقه السنة المؤلف: سيد سابق (المتوفى: 1420هـ)
الحج
الاقتراض للحج:
عن عبد الله بن أبي أوفى قال: سألت رسول الله صلى اللهعليه وسلم عن الرجل لم يحج، أو يستقرض للحج؟ قال: ” لا “، رواه البيهقي.
الحج من مال حرام ويجزئ الحج وإن كان المال حراما ويأثم عند الاكثر من العلماء.
وقال الامام أحمد: لايجزئ، وهو الاصح لما جاء في الحديث الصحيح: ” إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا “.
وروى عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” إذا خرج الحاج حاجا بنفقة طيبة (1) ، ووضع رجله في الغرز (2) فنادى: لبيك اللهم ناداه مناد من السماء: لبيك وسعديك (3) زادك حلال، وراحلتك حلال وحجك مبرور غير مأزور (4) وإذاخرج بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز، فنادى: لبيك، ناداه مناد من السماء: لالبيك ولاسعد يك، زادك حرام، ونفقتك حرام، وحجك مأزور غير مأجور “.
قال المنذري: رواه الطبراني في الاوسط، ورواه الاصبهاني من حديث أسلم مولى عمر بن الخطاب مرسلا مختصرا.
أيهما أفضل في الحج: الركوب أم المشي؟ قال الحافظ في الفتح: قال ابن المنذر: اختلف في الركوب والمشي للحجاج أيهما أفضل؟ قال الجمهور: الركوب أفضل، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولكونه أعون على الدعاء والابتهال، ولما فيه من المنفعة.
وقال إسحق بن راهويه: المشي أفضل لما فيه من التعب.
ويحتمل أن يقال: يختلف باختلاف الاحوال والاشخاص.
روى البخاري عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى شيخا يهادى (5) بين ابنيه فقال: ” ما بال هذا؟ قالوا: نذر أن يمشي، قال:
إن الله عز وجل عن تعذيب هذا نفسه لغني، وأمره أن يركب “.
__________
(1) طيبة: حلال.
(2) الغرز. ركاب من جلد يعتمد عليه الراكب حين يركب.
(3) لبيك: أجاب الله حجك إجابة بعد إجابة.
(4) مبرور: مقبول، لا يخالطه وزر. مأزور: جالب للوزر والاثم.
(5) يهادى: يعتمد عليهما في المشي.
التكسب والمكاري في الحج لا بأس للحاج أن يتاجر، ويؤاجر ويتكسب، وهو يؤدي أعمال الحج والعمرة.
قال ابن عباس: إن الناس في أول الحج (1) كانوا يتبايعون بمنى وعرفة، وسوق ذي المجاز (2) ومواسم الحج، فخافوا البيع وهم حرم.
فأنزل الله تعالى: (ليس عليكم جناح (3) أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج) رواه البخاري، ومسلم، والنسائي.
وعن ابن عباس أيضا، في قوله تعالى: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) قال: كانوا لا يتجرون بمنى فأمروا أن يتجروا إذا أفاضوا من ” عرفات ” رواه أبو داود: وعن أبي أمامة التيمي: أنه قال لا بن عمر: إني رجل أكري (4) في هذا الوجه وإن ناسا يقولون لي: أنه ليس لك حج فقال ابن عمر: أليس تحرم وتلبي، وتطوف بالبيت، وتفيض من عرفات، وترمي الجار، قال: قلت: بلى، قال: فإن لك حجا، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن مثل ما سألتني، فسكت عنه حتى نزلت هذه الآية:
(ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) ، فأرسل إليه وقرأ عليه هذه الآية، وقال: ” لك حج ” رواه أبو داود، وسعيد بن منصور.
وقال الحافظ المنذري أبو أمامة لايعرف اسمه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلا سأله فقال: أؤجر نفسي من هؤلاء القوم فأنسك معهم المناسك، ألي أجر؟ قال ابن عباس: نعم أولئك لهم نصيب مما كسبوا، والله سريع الحساب “. رواه البيهقي، والدراقطني.
__________
(1) أي في الاسلام.
(2) ” ذو المجاز ” موضع بجوار عرفة.
(3) أي لا إثم عليكم، وإن تبتغوا فضلا من ربكم مع سفركم لتأدية ما افترضه الله عليكم من الحج، فالاذن في التجارة رخصة، والافضل تركها.
(4) ” أكري ” أي أؤجر الرواحل للركوب.