الباب الثامن في الآيات والسور المستحبة في أوقات وأحوال مخصوصة

 

كتاب: التبيان في آداب حملة القرآن

المؤلف: أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)

 

الباب الثامن في الآيات والسور المستحبة في أوقات وأحوال مخصوصة

 
اعلم أن هذا الباب واسع جدا لا يمكن حصره لكثرة ما جاء فيه ولكن نشير إلى أكثره أو كثير منه بعبارات وجيزة فإن أكثر الذي نذكره فيه معروف للخاصة والعامة ولهذا لا أذكر الأدلة في أكثره فمن ذلك كثره الاعتناء بتلاوة القرآن في شهر رمضان وفي العشر آكد، وليالي الوتر منه آكد، ومن ذلك العشر الأول من ذي الحجة ويوم عرفة ويوم الجمعة وبعد الصبح وفي الليل وينبغي أن يحافظ على قراءة يس والواقعة وتبارك الملك القراءات المسنونة
 

[فصل] السنة أن يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة 

بعد الفاتحة في الركعة الأولى سورة الم تنزيل بكمالها وفي الثانية هل أتى على الإنسان بكمالها ولا يفعل ما يفعله كثير من أئمة المساجد من الاقتصار على آيات من كل واحدة منهما مع تمطيط القراءة بل ينبغي أن يقرأهما بكمالهما
ويدرج قراءته مع ترتيل والسنة أن يقرأ في صلاة الجمعة في الركعة الأولى سورة الجمعة بكمالها وإن شاء سبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية هل أتاك حديث الغاشية فكلاهما صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: وليتجنب الاقتصار على البعض وليفعل ما قدمناه والسنة في صلاة العيد في الركعة الأولى سورة ق وفي الثانية سورة الساعة بكمالها وإن شاء سبح وهل أتاك فكلاهما صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: وليجتنب الاقتصار على البعض
 
 

[فصل] ويقرأ في ركعتي سنة الفجر 

بعد الفاتحة الأولى قل يا أيها الكافرون وفي الثانية قل هو الله أحد وإن شاء قرأ في الأولى (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا الآية وفي الثانية قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) ويقرأ في سنة المغرب قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد ويقرأ بهما أيضا في ركعتي الطواف وركعتي الاستخارة
ويقرأ من أوتر بثلاث ركعات في الركعة الأولى سبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية قل يا أيها الكافرون وفي الثالثة قل هو الله احد والمعوذتين
 
 

[فصل] ويستحب أن يقرأ سورة الكهف يوم الجمعة 

لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وغيره فيه قال الامام الشافعي في الأم ويستحب أن يقرأها أيضا ليلة الجمعة ودليل هذا ما رواه أبو محمد الدارمي باسناده عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له النور فيما بينه وبين البيت العتيق وذكر الدارمي حديثا في استحباب قرأءة سورة هود يوم الجمعة وعن مكحول التابعي الجليل استحباب قراءة آل عمران يوم الجمعة
 

[فصل] ويستحب الأكثار من تلاوة آية الكرسي في جميع المواطن 

وأن يقرأها كل ليلة إذا أوى إلى فراشه وأن يقرأ المعوذتين عقب كل صلاة فقد صح عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أقرأ المعوذتين دبر كل صلاة رواه أبو داود والترمذي والنسائي قال الترمذي حديث حسن صحيح
 

 ما يقرأ عند النوم

[فصل] يستحب أن يقرأ عند النوم آية الكرسي وقل هو الله أحد والمعوذتين وآخر سورة البقرة 

فهذا مما يهتم له ويتأكد الاعتناء به فقد ثبت فيه أحاديث صحيحة عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأ بهما في ليلة كفتاه قال جماعة من أهل العلم كفتاه عن قيام الليل وقال آخرون كفتاه المكروه في ليلته
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله علية وسلم: كان كل ليلة يقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين وقد قدمناه في فصل النفث بالقرآن وروى عن أبي داود باسناده عن علي كرم الله وجهه قال ما كنت أرى أحدا يعقل دخل في الاسلام ينام حتى يقرأ آية الكرسي * وعن علي كرم الله وجهه أيضا قال ما كنت أرى أحدا يعقل ينام قبل أن يقرأ الآيات الثلاث الأواخر من سورة البقرة اسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم * وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تمر بك ليلة إلا قرأت فيها قل هو الله أحد والمعوذتين فما أتت علي ليلة إلا وأنا أقرؤهن * فإن وعن إبراهيم النخعي قال كانوا يستحبون أن يقرؤوا هذه السور كل ليلة ثلاث مرات قل هو الله أحد والمعوذتين إسناده صحيح على شرط مسلم * وعن إبراهيم أيضا كانوا يعلمونهم إذا أووا إلى فراشهم أن يقرؤوا المعوذتين
* وعن عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم: لا ينام حتى يقرأ الزمر وبني اسرائيل رواه الترمذي وقال حسن * ويستحب أن يقرأ إذا استيقظ من النوم كل ليلة آخر آل عمران من قوله تعالى إن في خلق السماوات والأرض إلى أخرها فقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يقرأ خواتيم آل عمران إذا استيقظ
 

[فصل] فيما يقرأ عند المريض 

يستحب أن يقرأ عند المريض بالفاتحة لقوله صلى الله عليه وسلم: في الحديث الصحيح فيها وما أدراك أنها رقية * ويستحب أن يقرأ عنده قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس مع النفث في اليدين فقد ثبت في الصحيحين من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم: وقد تقدم بيانه في فصل النفث في آخر الباب الذي قبل هذا وعن طلحة بن مطرف قال كان المريض إذا قرئ عنده القرآن وجد لذلك خفة فدخلت على خيمته وهو مريض فقلت إني أراك اليوم صالحا فقال إني قرئ عندي القرآن وروى الخطيب أبو بكر البغدادي رحمه الله باسناده أن الرمادي رضي الله عنه كان إذا اشتكى شيئا قال هاتوا أصحاب الا حديث فإذا حضروا قال اقرؤوا على الحديث فهذا في الحديث فالقرآن أولى
 

[فصل] فيما يقرأ عند الميت

 قال العلماء من أصحابنا وغيرهم يستحب أن تقرأ عنده يس لحديث معقل بن يسار رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: قال اقرؤوا يس على موتاكم رواه أبو داود والنسائي في عمل اليوم والليلة وابن ماجه باسناد ضعيف وروى مجالد عن الشعبي قال كانت الأنصار إذا حضروا عند الميت قرؤوا سورة البقرة ومجالد ضعيف والله أعلم
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *