جامع العلوم والحكم
في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم
ابن رجب الحنبلي
الحديث التاسع
عَنْ أَبي هُرُيرة رضي الله عنه قال : سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ : (( ما نَهَيتُكُمْ عَنْهُ ، فاجْتَنِبوهُ ، وما أمرتُكُم به ، فأتُوا منهُ ما استطعتُم ، فإنَّما أهلَكَ الَّذين من قبلِكُم كَثْرَةُ مسائِلِهم واختلافُهم على أنبيائِهم )) . رواهُ البخاريُّ ومُسلمٌ([1]) .
هذا الحديثُ بهذا اللفظ([2]) خرَّجه مسلم وَحْدَهُ من رواية الزهري ، عن سعيد ابن المسيب وأبي سلمة ، كلاهما عن أبي هُريرة([3]) ، وخرَّجاه من رواية أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال : (( دَعُوني ما تركتُكم ، إنَّما أهلَكَ مَنْ كَانَ قَبلَكُم سؤالُهم واختلافُهم على أنبيائهم ، فإذا نهيتُكم عن شيءٍ فاجتَنبُوه ، وإذا أمرتُكم بأمرٍ فأتُوا منه ما استطعتم )) ([4]) وخرَّجه مسلم مِن طريقين آخرين([5]) عن أبي هريرة بمعناه([6]) .
وفي رواية له ذكرُ سبب هذا الحديث من رواية محمد بن زياد ، عن أبي هريرة قال : خطبنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال : (( يا أيَّها النَّاس قد فرضَ الله عليكم الحجَّ
فحجُّوا )) فقال رجل : أكُلَّ عامٍ يا رسول الله ؟ فسكت حتَّى قالها ثلاثاً ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : (( لو قلتُ : نعم ، لوجبت ، ولما استطعتُم )) ثمَّ قال : (( ذَرُوني ما تَرَكْتُكُم ، فإنَّما أُهْلِكَ مَنْ كانَ قبلَكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتُكُم بشيءٍ ، فأتوا منه ما استطعتُم ، وإذا نهيتُكم عن شيءٍ ، فدعوه([7]) ))([8]) .
وخرَّجه الدَّارقطني من وجه آخر مختصراً([9]) ، وقال فيه : فنَزل قولُه تعالى
: } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُم {([10]) .
وقد رُوِي مِن غير وجهٍ أنَّ هذه الآية نزلت لمَّا سألوا النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عن الحجِّ ، وقالوا : أفي كلِّ عام ؟ ([11])
وفي ” الصحيحين ” ([12]) عن أنس قال : خطبنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رجل :
من أبي ؟ فقال : (( فلان )) ، فنَزلت هذه الآية } لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ {([13]) .
وفيهما أيضاً عن قتادة ، عن أنسٍ قال : سألوا([14]) رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم حتى أحْفَوهُ في المسألة، فغضب ، فصَعدَ المنبر ، فقال : (( لا تسألوني اليومَ عن شيءٍ إلا بيَّنتُه )) ، فقام رجل كان إذا لاحى الرجالَ دُعِيَ إلى غير أبيه ، فقال : يا رسول الله من أبي ؟ قالَ : (( أبوك حُذافة )) ، ثم أنشأ([15]) عمرُ ، فقال : رضينا بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمَّد رسولاً ، نعوذ بالله من الفتن . وكان قتادة يذكر عند هذا الحديث هذه الآية([16]) } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ {([17]) .
وفي ” صحيح البخاري “([18]) عن ابن عباس قال : كان قومٌ يسألون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم استهزاءً ، فيقولُ الرجلُ : من أبي ؟ ويقول الرجلُ تَضِلُّ ناقته : أين ناقتي ؟ فأنزل الله هذه الآية } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ { .
وخَرَّج ابن جرير الطبري في ” تفسيره ” ([19]) من حديث أبي هريرة ، قال :
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غضبانُ مُحمارّاً وجهه ، حتّى جلس على المنبرِ ، فقام إليه رجلٌ ، فقال : أين أنا ؟ فقالَ : (( في النار )) ، فقام إليه آخر([20]) فقالَ : من أبي ؟ قال : (( أبوك حُذافة )) ، فقام عمر فقال : رضينا بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد نبياً ، وبالقرآن إماماً ، إنا يا رسول الله حديثو عهدٍ بجاهلية وشركٍ ، والله أعلم مَن آباؤنا ، قال : فسكن غضبُه ، ونزلت هذه الآية : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُم {([21]) .
وروى أيضاً([22]) من طريق العَوْفي عن ابن عباس في قوله : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُم { قال : إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أذَّن في الناس ، فقال : (( يا قوم كُتِبَ عليكُم الحجُّ )) ، فقام رجل ، فقال : يا رسول الله ، أفي كلِّ عامٍ ؟ فأُغْضِبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً ، فقال : (( والذي نفسي بيده ، لو قلت : نعم ، لوجَبَت ، ولو وجبت ما استطعتم ، وإذن لكفرتُم ، فاتركُونِي ما تركتُكم ، فإذا أمرتكم بشيءٍ ، فافعلوا منه ما استطعتم ([23])، وإذا نهيتُكم عن شيءٍ ، فانتهوا عنه )) ، فأنزل الله : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ
تَسُؤْكُم { ، نهاهم أنْ يسألوا مثلَ الذي سألتِ النَّصارى في المائدة ، فأصبحوا بها كافرين ، فنهى الله تعالى عن ذلك ، وقال : لا تسألوا عن أشياء إنْ نزل القرآن فيها بتغليظٍ ساءكم([24]) ، ولكن انتظروا ، فإذا نزل القرآنُ ، فإنَّكم لا تسألون عن شيء
إلا وجدتُم تبيانه .
فدلَّت هذه الأحاديثُ على النهي عن السُّؤال عمَّا لا يُحتاج إليه مما يسوءُ السائلَ جوابُه مثل سؤال السائل ، هل هوَ في النار أو في الجنة ، وهل أبوه من ينتسب إليه أو غيره ، وعلى النهي عن السؤال على وجه التعنت والعبث
والاستهزاء ([25]) ، كما كان يفعلُه كثيرٌ من المنافقين وغيرهم .
وقريبٌ من ذلك سؤالُ الآيات واقتراحُها على وجه التعنتِ ، كما كان يسأله المشركون وأهل الكتاب ، وقد قال عكرمة وغيرُه : إنَّ الآية نزلت في ذلك([26]) .
ويقرب من ذلك السؤالُ عما أخفاه الله عن عباده ، ولم يُطلعهم عليه ، كالسؤال عن وقتِ الساعة ، وعن الروح .
ودلَّت أيضاً على نهي المسلمين عن السؤال عن كثيرٍ من الحلالِ والحرام مما يُخشى أنْ يكون السؤال سبباً لنـزول التشديد فيه ، كالسُّؤال عَنِ الحجِّ : هل يجب كلَّ عامٍ أم لا([27]) ؟ وفي ” الصحيح ” ([28]) عن سعدٍ ، عنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال : (( إنَّ أعظمَ المسلمين في المسلمين جرماً مَنْ سأل عن شيءٍ لم يحرَّم ، فحُرِّمَ من أجل مسألته )) .
ولما سُئِلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عن اللِّعان كره المسائل وعابها حتى ابتُلي السائلُ عنه قبلَ
وقوعه بذلك في أهله([29]) ، وكان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ينهى عن قيل وقال ، وكثرة السؤال ، وإضاعةِ المال([30]) .
ولم يكن النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُرخِّصُ في المسائل إلاَّ للأعرابِ ونحوهم من الوُفود القادمين
عليه ، يتألَّفهم بذلك ، فأمَّا المهاجرون والأنصار المقيمون بالمدينة الذين رَسَخَ الإيمانُ في قلوبهم ، فنُهُوا عَنِ المسألة ، كما في ” صحيح مسلم “([31]) عن النَّوَّاس بن سمعان ، قال : أقمتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة سنة ما يمنعني منَ الهجرة إلاَّ المسألةُ ، كان أحدُنا إذا هاجر لم يسأل النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم .
وفيه أيضا عن أنسٍ ، قال : نُهينا أنْ نسألَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن شيءٍ ، فكان يُعجِبُنا أنْ يجيءَ الرجلُ من أهل البادية العاقل ، فيسأله ونحنُ نَسْمَعُ([32]) .
وفي ” المسند “([33]) عن أبي أُمامة قال : كان الله قد أنزل : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُم {([34]) قال : فكنَّا قد كرهنا كثيراً مِنْ مسألته ، واتَّقينا ذلك حين أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم ، قال : فأتينا أعرابياً ، فرشوناه بُرداً ، ثمَّ قلنا له : سلِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وذكر حديثاً .
وفي “مسند أبي يعلى”([35]) عن البراء بنِ عازب، قال([36]): إنْ كان لتأتي عليَّ السنةُ أريد أنْ أسألَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن شيءٍ ، فأتهيب منه ، وإنْ كنَّا لنتمنَّى الأعرابَ .
وفي ” مسند البزار ” ([37]) عن ابن عباس قال : ما رأيت قوماً خيراً من أصحابِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ما سألوه إلا عن اثنتي عشرة مسألةً ، كلُّها في القرآن : } يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ {([38]) ،} يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ {([39]) ، } وَيَسْأَلونَكَ عَنِ
الْيَتَامَى {([40]) ، وذكر الحديث .
وقد كان أصحابُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أحياناً يسألونه عن حكم حوادثَ قبلَ وقوعها ، لكن للعمل بها عند وقوعها، كما قالوا له : إنَّا لاقوا العدوِّ غداً ، وليس معنا مُدىً ، أفنذبح بالقصَبِ ؟([41]) وسألوه عَنِ الأُمراءِ الَّذينَ أخبر عنهم بعدَه ، وعن طاعتهم وقتالهم ، وسأله حذيفةُ عن الفتنِ ، وما يصنع فيها([42]) .
فهذا الحديث ، وهو قولهُ صلى الله عليه وسلم : (( ذَرُوني ما تركتُكم ، فإنَّما هلك مَنْ كان قبلَكُم بكثرةِ سُؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، يدلُّ على كراهة المسائل وذمِّها ، ولكن بعضَ الناس يزعمُ أنَّ ذلك كان مختصاً بزمن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لما يخشى حينئذ من تحريم ما لم يُحرم ، أو إيجاب ما يشقُّ القيام به ، وهذا قد أمن بعد وفاته صلى الله عليه وسلم .
ولكن ليس هذا وحده هو سببَ كراهة المسائل ، بل له سببٌ آخر ، وهو
الذي أشارَ إليه ابنُ عباس في كلامه الذي ذكرنا بقوله : ولكن([43]) انتظرُوا ، فإذا نزل
القرآن ، فإنَّكم لا تَسألونَ عن شيءٍ إلا وجدتم تبيانه .
ومعنى هذا : أنَّ جميعَ ما يَحتاجُ إليه المسلمون في دينهم لابدَّ أنْ يُبينه الله في كتابه العزيز ، ويبلِّغ ذلك رسوله عنه ، فلا حاجةَ بعدَ هذا لأحدٍ في السؤال ، فإنَّ الله تعالى أعلمُ بمصالح عباده منهم ، فما كان فيه هدايتُهم ونفعُهُم ، فإن الله لابدَّ أنْ يبيِّنه لهمُ ابتداءً من غيرِ سؤال ، كما قال :} يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا {([44]) ، وحينئذ فلا حاجة إلى السُّؤال عن شيءٍ ، ولا سيما قبلَ وقوعه والحاجة إليه ، وإنَّما الحاجةُ المهمةُ إلى فهم ما أخبرَ الله به ورسولُه ، ثمَّ اتباعُ ذلك والعملُ به ، وقد كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُسأَل عنِ المسائل ، فيُحيل على القرآن ، كما سأله عمرُ عنِ الكَلالَةِ ، فقالَ
: (( يَكفيك آيةُ الصيف ))([45]) .
وأشار صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلى أنَّ في الاشتغال بامتثالِ أمرِه ، واجتنابِ نهيه شغلاً عن المسائل ، فقال : (( إذا نهيتُكم عن شيءٍ ، فاجتنبوه ، وإذا أمرتُكم بأمرٍ ، فأتوا منه ما استطعتم )) فالذي يتعيَّنُ على المسلم الاعتناءُ به والاهتمامُ أنْ يبحثَ عمَّا جاءَ عن الله ورسوله([46]) صلى الله عليه وسلم ، ثم يجتهدُ في فهم ذلك ، والوقوف على معانيه ، ثم يشتغل بالتصديقِ بذلك إنْ كان من الأمور العلمية ، وإنْ كان من الأمور العملية ، بذل وسْعَهُ في الاجتهاد في فعل ما يستطيعه من الأوامر ، واجتناب ما يُنهى عنه ، وتكون همَّتُهُ مصروفةً بالكلية إلى ذلك ؛ لا إلى غيره . وهكذا كان حالُ([47]) أصحابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسّانٍ في طلب العلم النافع مِنَ الكتاب والسنة .
فأما إنْ كانت همةُ السامع مصروفةً عند سماعِ الأمر والنهي إلى فرض أمورٍ قد
تقع ، وقد لا تقع ، فإنَّ هذا مما يدخل في النَّهي ، ويثبِّطُ عنِ الجد في متابعة الأمر . وقد سألَ رجلٌ ابنَ عمر عن استلام الحجر ، فقال له : رأيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبِّلُه ، فقال له الرجل : أرأيتَ إنْ غُلِبْتُ عليه ؟ أرأيت إنْ زُوحِمْتُ ؟ فقالَ لهُ ابن عمر : اجعل (( أرأيت )) باليمن، رأيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يستلِمُه ويقبِّلُه . خرَّجه الترمذي([48]).
ومرادُ ابن عمر أنَّه لا يكن لك همٌّ إلا في الاقتداء بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، ولا حاجةَ إلى فرضِ العجزِ عنْ ذلك أو تعسُّره قبلَ وقوعه ؛ فإنَّه قد يفتُرُ العزمُ على التَّصميم على المتابعة ، فإنَّ التَّفقُّهَ في الدِّين ، والسُّؤالَ عن العِلم إنَّما يُحمَدُ إذا كان للعمل ، لا لِلمراءِ والجدال .
وقد روي عن عليٍّ رضي الله عنه أنَّه ذكر فتناً تكونُ في آخر الزَّمان ، فقال له عمر : متَى ذلك يا عليُّ ؟ قال : إذا تُفُقِّه لغير الدين ، وتُعُلِّم لغير العمل ، والتمست الدنيا بعمل ([49]) الآخرة ([50]) .
وعن ابن مسعود أنَّه قال : كيف بكم إذا لَبِستكم فتنةٌ يربو فيها الصغيرُ ، ويَهْرَمُ فيها الكبيرُ، وتُتَّخَذُ سُنةً، فإنْ غيرت يوماً قيل: هذا منكر ؟ قالوا: ومتى ذَلِكَ؟ قال : إذا قلَّت أمناؤكم ، وكثرت أمراؤُكم ، وقلَّت فقهاؤُكم ، وكثر قُرَّاؤُكم ،
وتُفُقِّهَ لغير الدين، والتُمِسَتِ الدنيا بعمل الآخرة. خرَّجهما عبد الرزاق في “كتابه”([51]).
ولهذا المعنى كان كثيرٌ من الصحابة والتابعين يكرهون السؤال عن الحوادث قبلَ وقوعها ، ولا يُجيبون عن ذلك ، قال عمرو بن مُرة : خرج عمرُ على الناس ، فقال : أُحرِّجُ عليكم أنْ تسألونا عن ما لم يكن ، فإنَّ لنا فيما كان شغلاً([52]) .
وعن ابن عمر ، قال : لا تسألوا عما لم يكن ، فإني سمعتُ عمر لعنَ السَّائل عمَّا لم يكن([53]) .
وكان زيدُ بنُ ثابتٍ إذا سُئِلَ عن الشَّيءِ يقول : كان هذا ؟ فإنْ قالوا : لا ، قال : دعوه حتّى يكون([54]) .
وقال مسروقٌ : سألت أبيَّ بن كعبٍ عن شيءٍ ، فقال : أكان بعدُ ؟ فقلت : لا ، فقال : أجِمَّنا – يعني : أرحنا حتَّى يكونَ – ، فإذا كان اجتهدنا لك رأينا([55]) .
وقال الشَّعبيُّ : سئل عمارٌ عن مسألة فقال : هل كان هذا بعدُ ؟ قالوا : لا ، قال : فدعونا حتَّى يكون ، فإذا كان تَجَشَّمْنَاهُ لكم([56]) .
وعن الصَّلْتِ بنِ راشدٍ ، قال : سألت طاووساً عن شيء ، فانتهرني وقال : أكان هذا ؟ قلت : نعم ، قال : آلله ؟ قلت : آلله ، قال : إنَّ أصحابنا أخبرونا عن معاذ بن جبل أنَّه قال : أيُّها النَّاسُ ، لا تعجلوا بالبلاء قَبْلَ نزوله([57]) ، فيذهب بكم هاهنا وهاهنا ، فإنَّكم إنْ لم تعجَلوا بالبلاء قَبْلَ نزوله ، لم ينفكَّ المسلمون أنْ يكونَ فيهم مَنْ إذا سُئِلَ سُدِّدَ ، أو قال وُفِّقَ([58]) .
وقد خرَّجه أبو داود في كتاب ” المراسيل “([59]) مرفوعاً من طريق ابن عجلان ، عن طاووس ، عن معاذ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا تعجَلوا بالبلية قبل نزولها ، فإنَّكم إنْ لم تفعلوا لم ينفك المسلمون أنْ يكون منهم من إذا قال سُدِّدَ أو وفق ، وأنَّكم إنْ عجِلْتُم ، تشتِّتُ بكمُ السُّبُلَ هاهنا وهاهنا . ومعنى إرساله([60]) أنَّ طاووساً لم يسمع من معاذ .
وخرَّجه أيضاً من رواية يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، بمعناه ([61]) مرسلاً([62]) .
وروى الحجاج بن منهال : حدَّثنا جرير بن حازم ، سمعتُ الزبير بنَ سعيدٍ : أنَّ رجلاً من بني هشامٍ قالَ : سمعتُ أشياخنا يحدِّثونَ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ : (( لا يزالُ في أمتي من إذا سئلَ سدّد وأرشدَ حتَّى يسألوا عنْ ما لا ينْزل تبينهُ ، فإذا فعلوا ذَلِكَ ذُهبَ بهم هاهنا وهاهنا([63]) )) .
وقد روى الصنابحيُّ، عنْ معاوية، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم : (( أنَّهُ نهى عنِ الأغلوطات )) خرَّجهُ الإمامُ أحمد رحمه الله ([64]) .
وفسرهُ الأوزاعيُّ وقالَ : هي شدادُ المسائلِ([65]) .
وقال عيسى بنُ يونسَ : هي ما لا يحتاجُ إليهِ منْ كيف وكيف([66]) .
ويروى من حديثِ ثوبانَ ، عنِ النَّبيِّصلى الله عليه وسلم ، قالَ : (( سيكونُ أقوامٌ منْ أمتي يُغَلِّطونَ فقهاءهم بعضلِ المسائلِ ، أولئكَ شرارُ أمتي )) .([67])
وقالَ الحسنُ : شرارُ عبادِ اللهِ الذينَ يتبعونَ شرارَ المسائلَ يَغُمُّون بها عبادَ اللهِ([68]).
وقالَ الأوزاعيُّ : إنَّ اللهَ إذا أرادَ أنْ يَحرُمَ عبدَهُ بركةَ العلمِ ألقى على لسانهِ
المغاليط ، فلقدْ رأيتهم أقلَّ النَّاسِ علماً([69]) .
وقالَ ابنُ وهبٍ ، عنْ مالكٍ : أدركتُ هذه البلدة وإنَّهم ليكرهون الإكثارَ الذي فيهِ النَّاس اليومَ : يريدُ المسائلَ([70]) .
وقالَ أيضاً : سمعتُ مالكاً وهو يعيبُ كثرةَ الكلامِ وكثرةَ الفتيا ، ثُمَّ قالَ : يتكلمُ كأنَّهُ جملٌ مغتلمٌ ، يقولُ : هوَ كذا هوَ كذا يهدرُ في كلامهِ .
وقال: سمعتُ مالكاً يكره([71]) الجوابَ في كثرة المسائل([72])، وقال : قال الله جل جلاله : } وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي {([73]) فلم يأته في ذلك جواب .
وكان مالكٌ يكره المجادلة عن السُّنن أيضاً([74]) . قال الهيثم بن جميل : قلت لمالك : يا أبا عبدِ الله ، الرجلُ يكونُ عالماً بالسُّنن يُجادل عنها ؟ قال : لا ، ولكن يخبر بالسُّنَّةِ ، فإنْ قُبِلَ منه ، وإلاّ سكت .
قال إسحاق بن عيسى : كان مالك يقول : المِراء والجِدال في العلم يَذهبُ بنور العلم من قلب الرجل .
وقال ابن وهب : سمعت مالكاً يقول([75]) : المراء في العلم يُقسِّي القلوب ، ويورِّث الضغن .
وكان أبو شريح الإسكندراني يوماً في مجلسه ، فكثُرَتِ المسائلُ ، فقال : قد دَرِنَتْ قلوبُكم منذُ اليوم ، فقوموا إلى أبي حُميدٍ خالد بن حميد اصقُلوا قلوبكم ، وتعلَّمُوا هذه الرغائب ، فإنَّها تُجدِّدُ العبادة ، وتُورث الزهادة ، وتجرُّ الصداقة ، وأقِلُّوا المسائلَ إلا ما نزل ، فإنَّها تقسي القلوب ، وتورث العداوة .
وقال الميمونيُّ : سمعتُ أبا عبد الله – يعني : أحمد – يُسأل عن مسأَلة ، فقال : وقعَت هذه المسألة ؟ بُليتم بها بعدُ ؟
وقد انقسم الناسُ في هذا الباب أقساماً :
فمن أتباع أهلِ الحديث منْ سدَّ بابَ المسائل حتَّى قلَّ فقهه وعلمُه بحدود ما أنزل الله على رسوله ، وصار حامِلَ فقه غير فقيه([76]) .
ومن فقهاء أهل الرأي من توسَّع في توليدِ المسائل قبلَ وقوعها ، ما يقع في العادة منها وما لا يقع ، واشتغلُوا بتكلُّفِ الجواب عنْ ذلك([77]) ، وكثرة الخصومات فيه ، والجدال عليه حتَّى يتولدَ مِنْ ذلك افتراقُ القلوب ، ويستقرَّ فيها بسببه الأهواءُ والشحناءُ والعداوةُ والبغضاءُ، ويقترن ذلك كثيراً بنية المغالبة، وطلب العلوِّ والمباهاة ، وصرف وجوه الناس وهذا ممَّا ذمه العلماءُ الربانيون ، ودلَّتِ السُّنَّةُ على قبحه
وتحريمه .
وأما فقهاء أهل الحديث العامِلُون به ، فإنَّ معظمَ همِّهمُ البحثُ عن معاني كتاب الله جل جلاله ، وما يُفسِّرُهُ من السنن الصحيحة ، وكلام الصحابة والتابعين لهم بإحسّان ، وعن سُنَّةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعرفة صحيحها وسقيمِها ، ثم التفقه فيها وتفهمها ، والوقوف على معانيها ، ثم معرفة كلام الصحابة والتابعين لهم بإحسّان في أنواع العلوم من التفسير والحديث ، ومسائل الحلال والحرام ، وأصول السُّنة والزهد والرقائق وغيرِ ذلك ، وهذا هو طريقة الإمام أحمد ومَنْ وافقه من علماء الحديث الرَّبّانيين ، وفي معرفة هذا شغلٌ شاغلٌ عن التَّشاغُل بما أحدثَ من الرأي ممَّا لا يُنتفع به ، ولا يقع ، وإنَّما يُورثُ التجادلُ فيه الخصوماتِ والجدالَ وكثرة القيل والقال . وكان الإمام أحمد كثيراً إذا سُئِلَ عن شيء من المسائل المولدات التي لا تقع يقول : دعونا منْ هذه المسائل المحدثة([78]) .
وما أحسن ما قاله يونسُ بنُ سليمان السَّقَطِيُّ : نظرتُ في الأمرِ ، فإذا هو الحديث والرأي ، فوجدتُ في الحديث ذكرَ الرب جل جلاله وربوبيتَه وإجلاله وعظمته ، وذكرَ العرش وصفة الجنة والنار ، وذكرَ النبيين والمرسلين ، والحلال والحرام ، والحثَّ على صلة الأرحام([79]) ، وجماع الخير فيه ، ونظرت في الرأي ، فإذا فيه المكرُ ، والغدرُ ، والحيلُ ، وقطيعة الأرحام ، وجماع الشَّرِّ فيه .
وقال أحمد بن شبويه : من أراد علمَ القبرِ فعليه بالآثار ، ومن أراد علم الخُبْزِ ، فعليه بالرأي([80]) .
ومن سلك طريقة طلب العلم على ما ذكرناه ، تمكَّن من فهم جواب
الحوادث الواقعة غالباً ؛ لأنَّ أصولها تُوجد في تلك الأصول المشار إليها ، ولابدَّ أنْ
يكون سلوكُ هذا الطريق خلف أئمة أهل الدين المجمَعِ على هدايتهم ودرايتهم
كالشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عُبيد ومن سلك مسلكَهم ، فإنَّ مَنِ ادعى سلوكَ
هذا الطريق على غير طريقهم وقع في مفاوزَ ومهالك ، وأخذ بما لا يجوز الأخذُ به ، وترك ما يجب العملُ به([81]) .
ومِلاكُ الأمرِ كلِّه أنْ يقصِدَ بذلك وجه الله ، والتقرُّبَ إليه بمعرفة ما أنزل على رسوله ، وسلوكِ طَريقه ، والعمل بذلك ، ودعاء الخلق إليه ، ومَنْ كان كذلك ، وفَّقه الله وسدَّده ، وألهمه رشده ، وعلَّمه ما لم يكن يعلم ، وكان من العلماء الممدوحين في الكتاب في قوله تعالى : } إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء {([82]) ، ومن الراسخين في العلم، وقد خرَّج ابنُ أبي حاتم في “تفسيره” من حديث أبي الدرداء : أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئِل عن الرَّاسخين في العلم ، فقال : (( من برَّت يمينُه ، وصدق لسانُه ، واستقامَ قلبُه ، ومن عفَّ بطنُه وفرجُه ، فذلك مِنَ الرَّاسخين في العلم ))([83]) .
وقال نافع بن يزيد : يقال : الرَّاسخونَ في العلم : المتواضعون لله ، والمتذلِّلون لله في مرضاته لا يتعاطون من فوقهم ، ولا يحقرون من دونهم([84]) .
ويشهد لهذا قول النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم : (( أتاكم([85]) أهلُ اليمن ، هُمْ أبرُّ قلوباً ، وأرقُّ أفئدةً . الإيمان يمانٍ ، والفِقه يمانٍ ، والحكمة يمانيةٌ ))([86]) . وهذا إشارة منه إلى أبي موسى الأشعري ، ومن كان على طريقهِ من عُلَماء أهلِ اليمن ، ثمَّ إلى مثل أبي مسلم الخولاني ، وأويس القَرَنيِّ ، وطاووس ، ووهب بن منبه ، وغيرهم من عُلماء أهل اليمن ، وكلُّ هؤلاء مِنَ العلماء الربانيين الخائفين لله ، فكلهم علماءُ بالله يخشونه ويخافونه ، وبعضُهم أوسعُ علماً بأحكام الله وشرائع دينه من بعض ، ولم يكن تميُّزهم عن الناس بكثرة قيلٍ وقالٍ ، ولا بحثٍ ولا جدالٍ .
وكذلك معاذُ بنُ جبل رضي الله عنه أعلم الناس بالحلال والحرام([87]) ، وهو الذي يحشر يومَ القيامة أمام العلماء برتوة([88]) ، ولم يكن علمه بتوسعة المسائل وتكثيرها ، بل قد سبق عنه كراهةُ الكلام فيما لا يقع ، وإنما كان عالماً بالله وعالماً بأصول دينه . وقد قيل للإمام أحمد : مَنْ نسألُ بعدَك ؟ قال : عبد الوهَّاب الورَّاق ، قيل له : إنَّه ليس
له اتَّساعٌ في العلم ، قال : إنَّه رجل صالح مثلُه يُوفَّقُ لإصابة الحق .
وسئل عن معروف الكرخي ، فقال : كان معه أصلُ العلم : خشية الله . وهذا يرجعُ إلى قولِ بعض السَّلف : كفى بخشية الله علماً ، وكفى بالاغترار بالله جهلاً . وهذا بابٌ واسع يطول استقصاؤه .
ولنرجع إلى شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه فنقول : مَنْ لم يشتغل بكثرة المسائل التي لا يوجدُ مثلُها في كتاب ، ولا سنة ، بل اشتغل بفهم كلام الله ورسوله ، وقصدُه بذلك امتثالُ الأوامر ، واجتنابُ النواهي ، فهو ممَّنِ امتثلَ أمرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ، وعَمِلَ بمقتضاه ، ومن لم يكن اهتمامُه بفهم ما أنزل الله على رسوله ، واشتغل بكثرةِ توليدِ المسائل قد تقع وقد لا تقع ، وتكلَّفَ أجوبتها بمجرَّد الرأي ، خُشِيَ عليه أنْ يكونَ مخالفاً لهذا الحديث ، مرتكباً لنهيه ، تاركاً لأمره .
واعلم أنَّ كثرةَ وقوع الحوادث التي لا أصل لها في الكتاب والسنة إنَّما هو مِنْ ترك الاشتغال بامتثالِ أوامر الله ورسوله ، واجتنابِ نواهي الله ورسوله ، فلو أنَّ من أرادَ أنْ يعمل عملاً سأل عمَّا شرع الله في ذلك العمل فامتثله ، وعما نهى عنه فاجتنبه ، وقعت الحوادثُ مقيدةً بالكتاب والسنة .
وإنَّما يعمل العاملُ بمقتضى رأيه وهواه ، فتقع الحوادثُ عامَّتُها مخالفةً لما شرعه الله وربما عسر ردُّها إلى الأحكام المذكورةِ في الكتاب والسنة ؛ لبعدها عنها .
وفي الجملة : فمن امتثل ما أمر به النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ، وانتهى عما نهى
عنه ، وكان مشتغلاً بذلك عن غيره ، حَصَلَ له النجاةُ في الدنيا والآخرة ، ومَنْ خالف ذلك ، واشتغلَ بخواطرهِ وما يستحسنه ، وقع فيما حذَّرَ منه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم من حال أهل الكتاب الذين هلكوا بكثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم ، وعدمِ انقيادهم وطاعتهم لرسلهم .
وقوله صلى الله عليه وسلم : (( إذا نهيتُكم عن شيءٍ ، فاجتنبوه وإذا أمرتُكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم )) قال بعضُ العلماء : هذا يؤخذ منه أنَّ النَّهيَّ أشدُّ من الأمر ؛ لأنَّ النَّهيَّ لم يُرَخَّصْ في ارتكاب شيء منه ، والأمر قُيِّدَ بحسب الاستطاعة([89]) ، ورُوي هذا عن الإمام أحمد .
ويشبه هذا قولُ بعضهم : أعمال البِرِّ يعملُها البرُّ والفاجرُ ، وأمَّا المعاصي ، فلا يتركها إلاَّ صِدِّيق([90]) .
ورُوي عن أبي هريرة ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال له : (( اتَّق المحارم ، تَكُن أعبدَ
الناس ))([91]) .
وقالت عائشة رضي الله عنها : من سرَّه أنْ يسبق الدائبَ المجتهدَ ، فليكفَّ عن الذنوب ، وروي عنها مرفوعاً([92]) .
وقال الحسن : ما عُبِّدَ العابدون بشيءٍ أفضلَ من ترك ما نهاهم الله عنه .
والظاهر أنَّ ما ورد مِن تفضيل ترك المحرَّمات على فعل الطاعات ، إنَّما أُريد به على نوافل الطّاعات ، وإلاّ فجنسُ الأعمال الواجبات أفضلُ مِنْ جنسِ ترك المحرَّمات ؛ لأنَّ الأعمال مقصودة لذاتها ، والمحارم المطلوبُ عدمها ، ولذلك لا تحتاج إلى نية بخلاف الأعمالِ ، وكذلك كان جنسُ ترك الأعمال قد يكون كفراً كتركِ التوحيد ، وكتركِ أركان الإسلام أو بعضها على ما سبق ، بخلاف ارتكاب([93]) المنهيات فإنَّه لا يقتضي الكفر بنفسه ، ويشهد لذلك قولُ ابنِ عمر : لردُّ دانقٍ من حرام أفضلُ مِنْ مئة ألف تُنْفَقُ في سبيل الله .
وعن بعض السَّلفِ قال : تركُ دانق مما يكره الله أحبُّ إليَّ من خمس مئة
حجة .
وقال ميمون بن مِهران : ذكرُ اللهِ باللسان حسن ، وأفضلُ منه أنْ يذكر الله العبدُ عندَ المعصية فيمسِكَ عنها([94]) .
وقال ابنُ المبارك : لأنْ أردَّ درهماً من شبهة أحبُّ إلىَّ من أنْ أتصدَّقَ بمئة ألفٍ ومئة ألف ، حتّى بلغ ست مئة ألف .
وقال عمر بنُ عبد العزيز : ليست التقوى قيامَ الليل ، وصِيام النهار ، والتخليطَ فيما بَيْنَ ذلك ، ولكن التقوى أداءُ ما افترض الله ، وترك ما حرَّم الله ، فإنْ كان مع ذلك عملٌ ، فهو خير إلى خير ، أو كما قال([95]) .
وقال أيضاً : وددتُ أني لا أصلي غيرَ الصَّلوات الخمس سوى الوتر ، وأنْ أؤدِّي الزكاة ، ولا أتصدَّق بعدها بدرهم ، وأنْ أصومَ رمضان ولا أصوم بعده يوماً أبداً ، وأنْ أحجَّ حجة الإسلام ثم لا أحجَّ بعدها أبداً ، ثم أعمد إلى فضل قوتي ، فأجعله فيما حرَّم الله عليَّ ، فأمسك عنه .
وحاصل كلامهم يدلُّ على أنَّ اجتناب المحرمات – وإنْ قلَّتْ – فهي أفضلُ من الإكثار من نوافل الطاعات فإنَّ ذلك فرضٌ ، وهذا نفلٌ .
وقالت طائفة من المتأخرين : إنَّما قال صلى الله عليه وسلم : (( إذا نهيتُكم عن شيءٍ فاجتنبوه ، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم )) ؛ لأنَّ امتثالَ الأمر لا يحصلُ إلاّ بعمل ، والعملُ يتوقَّفُ وجودُه على شروط وأسباب ، وبعضها قد لا يُستطاع ، فلذلك قيَّده بالاستطاعة ، كما قيد الله الأمر بالتقوى بالاستطاعة ، قال تعالى : } فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {([96]) . وقال في الحجّ : } وَلله عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً {([97]) .
وأما النهيُّ : فالمطلوب عدمُه ، وذلك هو الأصل ، فالمقصود استمرار
العدم ([98]) الأصلي ، وذلك ممكن ، وليس فيه ما لا يُستطاع ، وهذا أيضاً فيه نظر ، فإنَّ الداعي إلى فعل المعاصي قد يكون قوياً ، لا صبر معه للعبد على الامتناع مع فعل المعصية مع القدرة عليها ، فيحتاج الكفُّ عنها حينئذٍ إلى مجاهدةٍ شديدةٍ ، ربما كانت أشقَّ على النفوس من مجرَّدِ مجاهدة النفس على فعل الطاعة ، ولهذا يُوجَدُ كثيراً من يجتهد فيفعل الطاعات ، ولا يقوى على ترك المحرمات([99]) .
وقد سئل عمرُ عن قومٍ يشتهون المعصية ولا يعملون بها ، فقال : أولئِكَ قومٌ امتحنَ الله قلوبهم للتقوى ، لهم مغفرةٌ وأجرٌ عظيم .
وقال يزيد بن ميسرة : يقولُ الله في بعض الكتب : أيُّها الشابُّ التارك
شهوتَه ، المتبذل شبابه من أجلي ، أنت عندي كبعض ملائكتي([100]) .
وقال : ما أشد الشهوة في الجسد ، إنَّها مثلُ حريق النار ، وكيف ينجو منها الحصوريون ؟([101]) .
والتحقيق في هذا أنَّ الله لا يكلِّفُ العبادَ مِنَ الأعمال ما لا طاقةَ لهم به ، وقد أسقط عنهم كثيراً من الأعمال بمجرَّدِ المشقة رخصةً عليهم ، ورحمةً لهم ،
وأمَّا المناهي ، فلم يَعْذِرْ أحداً بارتكابها بقوَّةِ الدَّاعي والشَّهوات ، بل كلَّفهم
تركها على كلِّ حال، وأنَّ ما أباح أنْ يُتناول مِنَ المطاعم المحرَّمة عند الضرورة ما تبقى معه الحياة ، لا لأجل التلذذ والشهوة ، ومن هنا يعلم صحة ما قاله الإمام أحمد: إنَّ النهي أشدُّ من الأمر. وقد روي عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم من حديث ثوبان وغيره أنَّه قال : (( استقيموا ولن تُحْصُوا )) ([102]) يعني : لن تقدروا على الاستقامة كلها .
وروى الحكم بن حزن الكُلَفي ، قال : وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فشهدتُ معه الجمعة ، فقام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم متوكئاً على عصاً أو قوسٍ ، فحمِدَ الله ، وأثنى عليه بكلماتٍ خفيفاتٍ طيباتٍ مباركاتٍ ، ثُمَّ قال : (( أيُّها النَّاسُ إنَّكم لن تُطيقُوا ، أو لن تَفْعَلوا كُلَّ ما أَمَرْتُكم به ، ولكن سَدِّدُوا وأبشِرُوا )) خرَّجه الإمام أحمد وأبو داود([103]) .
وفي قوله صلى الله عليه وسلم : (( إذا أمرتُكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم )) دليلٌ على أنَّ من عَجَزَ عن فعل المأمور به كلِّه ، وقدرَ على بعضه ، فإنَّه يأتي بما أمكنه منه ، وهذا مطرد في مسائل :
منها : الطهارة ، فإذا قدر على بعضها ، وعجز عن الباقي : إما لعدم الماء ، أو لمرض في بعض أعضائه دون بعض، فإنَّه يأتي مِنْ ذلك بما قدر عليه ، ويتيمم للباقي، وسواء في ذلك الوضوء والغسل على المشهور([104]) .
ومنها : الصلاة ، فمن عَجَزَ عن فعل الفريضة قائماً صلَّى قاعداً ، فإن عجز صلَّى مضطجعاً([105]) ، وفي “صحيح البخاري” ([106]) عن عِمْرَانَ بن حصين: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: (( صَلِّ قائماً، فإنْ لم تستطع فقاعداً ، فإنْ لم تستطع فعلى جنبٍ )) ، ولو عجز عن ذلك كلِّه ، أومأ بطرفه ، وصلى بنيته ، ولم تسقُط عنه الصلاةُ على المشهور([107]) .
ومنها : زكاة الفطر ، فإذا قَدَرَ على إخراج بعضِ صاع ، لزمه ذلك على الصحيح([108]) ، فأمَّا من قدر على صيامِ بعض النهار دُونَ تكملته ، فلا يلزمه ذلك بغير
خلاف ؛ لأنَّ صيامَ بعض اليوم ليس بقُربَةٍ في نفسه([109]) ، وكذا لو قدر على عتق بعض رقبة في الكفارة لم يلزمه ؛ لأنَّ تبعيض العتق غير محبوب للشارع بل يُؤْمَرُ بتكميله بكلِّ طريق([110]) .
وأما من فاته الوقوفُ بعرفةَ في الحج، فهل يأتي بما بقيَ منه من المبيت بمزدلفة ، ورمي الجمار أم لا ؟ بل يقتصر على الطواف والسعي ، ويتحلل بعمرة على روايتين عن أحمد ، أشهرهما : أنَّه يقتصر على الطواف والسعي ؛ لأنَّ المبيتَ والرميَّ من لواحق الوقوف بعرفة وتوابعه ، وإنَّما أمر الله تعالى بذكره عند المشعر الحرام ، وبذكره في الأيام المعدودات لمن أفاض من عرفات ، فلا يؤمر به من لا يقف بعرفة كما لا يؤمر به المعتمر([111]) .
([1]) أخرجه : البخاري 9/116 ( 7288 ) ، ومسلم 4/102 ( 1337 ) ( 412 ) و7/91
( 1337 ) ( 130 ) و( 131 ) .
وأخرجه : معمر في ” جامعه ” ( 20372 ) ، والحميدي ( 1125 ) ، وأحمد 2/247 و258 و428 و447 و448 و457 و467 و482 و495 و508 و517 ، وابن ماجه
( 1 ) و( 2 ) ، والترمذي ( 2679 ) ، والنسائي 5/110-111 ، وابن خزيمة ( 2508 ) ، وابن حبان ( 18 ) و( 19 ) و( 21 ) ، والبيهقي 4/326 و7/103 ، والبغوي ( 99 ) من حديث أبي هريرة ، به .
([2]) عبارة : (( بهذا اللفظ )) سقطت من ( ص ) .
([3]) في ” صحيحه ” 7/91 ( 1337 ) ( 130 ) .
([4]) صحيح البخاري 9/116 ( 7288 ) ، وصحيح مسلم 7/91 ( 1337 ) ( 131 ) .
([5]) زاد بعدها في ( ص ) : (( عن الزهري )) .
([6]) في ” صحيحه ” 4/102 ( 1337 ) ( 412 ) و7/91 ( 1337 ) ( 131 ) .
([7]) في ( ص ) : (( فاجتنبوه )) .
([8]) أخرجه : مسلم 4/102 ( 1337 ) ( 412 ) .
وأخرجه : أحمد 2/508 ، والنسائي 5/110-111 ، والطبري في ” تفسيره ” ( 9980 ) ، وابن حبان ( 3704 ) ، والدارقطني 2/247 ( 2679 ) ( طبعة دار الكتب العلمية ) من حديث أبي هريرة ، به .
([9]) ” السنن ” 2/247 ( 2680 ) ( طبعة دار الكتب العلمية ) من حديث أبي هريرة ، به .
([10]) المائدة : 101 .
([11]) انظر : تفسير ابن أبي حاتم 4/1217 ( 6875 ) ، وتفسير القرطبي 6/331 ، وأسباب النـزول للواحدي : 334 بتحقيقي ، وتفسير البغوي 2/92 ، وبحر العلوم 3/158 ، وتفسير ابن الجوزي 2/434 ، والبحر المحيط 4/35 ، والدر المنثور 2/592 .
([12]) أخرجه : البخاري 1/34 ( 93 ) و1/143 ( 540 ) و6/68 ( 4621 ) و9/118
( 7294 ) وفي ” الأدب المفرد ” ، له ( 1184 ) ، ومسلم 7/93 ( 2359 ) ( 136 ) و7/94 ( 2359 ) ( 136 ) .
([13]) المائدة : 101 .
([14]) في ( ص ) : (( يا )) .
([15]) في ( ص ) : (( جثا )) .
([16]) أخرجه : البخاري 8/96 ( 6362 ) و9/66 ( 7089 ) و118 ( 7294 ) ، ومسلم 7/94 ( 2359 ) ( 137 ) .
وأخرجه : الطبري في ” تفسيره ” ( 9972 ) ، وابن أبي حاتم في ” تفسيره ” 4/1218
( 6878 ) من حديث أنس بن مالك ، به .
([17]) المائدة : 101 .
([18]) الصحيح 6/68 ( 4622 ) .
وأخرجه : الطبري في ” تفسيره ” ( 9971 ) ، والبغوي في ” تفسيره ” 2/92 ، وابن الجوزي في ” تفسيره ” 2/434 ، من حديث عبد الله بن عباس ، به .
([19]) التفسير ( 9977 ) ، وطبعة التركي 9/17 .
وأخرجه : الطحاوي في ” شرح مشكل الآثار ” ( 1475 ) ، وقال ابن كثير في ” تفسيره ” : 660 : (( إسناده جيد )) ، وانظر : الدر المنثور 2/592 .
([20]) في ( ص ) : (( رجل )) .
([21]) المائدة : 101 .
([22]) أي الطبري ، وهو في ” تفسيره ” ( 9982 ) ، وفي طبعة التركي 9/20-21 .
وأخرجه : ابن أبي حاتم ( 6881 ) و( 6884 ) ، وإسناده ضعيف جداً .
([23]) (( منه ما استطعتم )) سقطت من ( ج ) .
([24]) من قوله : (( وقال لا تسألوا … )) إلى هنا سقط من ( ص ) .
([25]) في ( ص ) : (( على التعنت والاستهزاء )) .
([26]) ذكره : ابن الجوزي في ” تفسيره ” 2/435 ، وأبو حيان في ” تفسيره ” 4/35 ، والسيوطي في ” الدر المنثور ” 2/594 .
([27]) (( أم لا )) سقطت من ( ص ) .
([28]) صحيح البخاري 9/117 ( 7289 ) .
وأخرجه : الحميدي ( 67 ) ، وأحمد 1/176 و179 ، ومسلم 7/92 ( 2358 ) ( 132 ) و( 133 ) ، وأبو داود ( 4610 ) ، وابن حبان ( 110 ) من حديث سعد ، به .
([29]) أخرجه : أحمد 2/12 و19 و42 ، والدارمي ( 2237 ) ، ومسلم 4/206 ( 1493 )
( 4 ) ، والترمذي ( 1202 ) ، والنسائي 6/175 وفي “التفسير” ، له ( 377 ) و( 378 ) ، وابن الجارود ( 752 ) ، وأبو يعلى ( 5656 ) و( 5772 ) ، والطبري في ” تفسيره “
( 19542 ) ، وابن حبان ( 4286 ) و( 4287 ) ، والبيهقي 7/404-405 من حديث
عبد الله بن عمر ، به .
([30]) أخرجه : البخاري 2/153 ( 1477 ) .
ونصه : قال رسول الله r : (( إنّ الله كره لكم ثلاثاً : قيل وقال ، وإضاعة المال ، وَكثرة السؤال )) من حديث المغيرة بن شُعبة ، به .
([31]) الصحيح 8/7 ( 2553 ) ( 15 ) .
([32]) صحيح مسلم 1/32 ( 12 ) ( 10 ) .
وأخرجه : أحمد 3/143 و168 و193 ، وعبد بن حميد ( 1285 ) ، والدارمي ( 656 ) ، والبخاري 1/24 ( 63 ) ، وأبو داود ( 486 ) ، وابن ماجه ( 1402 ) ، والترمذي
( 619 ) ، والنسائي 4/121-122 ، وابن خزيمة ( 2358 ) ، وأبو عوانة 1/2-3 ، وابن حبان ( 154 ) و( 155 ) ، وابن منده في ” الإيمان ” ( 129 ) و( 130 ) ، والحاكم في
” معرفة علوم الحديث ” ( 5 ) ، والبيهقي 4/325 ، والبغوي ( 3 ) و( 4 ) و( 5 ) من حديث أنس بن مالك ، به .
([33]) مسند أحمد 5/266 .
وأخرجه : الدارمي ( 240 ) ، وابن ماجه ( 228 ) ، والطبراني في ” الكبير ” ( 7867 )
و( 7875 ) و( 7906 ) ، والخطيب في ” تاريخ بغداد ” 2/212 ، وابن عبد البر في ” جامع بيان العِلم وفضله ” 1/28 ، وإسناده ضعيف لضعف يزيد بن علي الألهاني .
([34]) المائدة : 101 .
([35]) في ” مسنده الكبير ” كما في ” المطالب العالية ” ( 3961 ) ، وأخرجه الروياني في ” مسنده ” ( 308 ) ، وإسناده جيد .
([36]) في ( ص ) : (( وفي مسند البزار عن ابن عباس ، قال )) .
([37]) بعد تتبع مسند البزار لم نجده قد خرّج هذا الحديث ، كما أن الهيثمي لم يخرجه في ” مجمع الزوائد ” ولا في ” كشف الأستار ” . وأخرجه : الدارمي ( 125 ) ، والطبراني في ” الكبير “
( 12288 ) ، وعندهما ثلاثة عشرة مسألة .
ونسبه الهيثمي في ” المجمع ” 1/158-159 للطبراني عن ابن عباس ، به .
([38]) البقرة : 217 .
([39]) البقرة : 220 .
([40]) البقرة : 220 .
([41]) أخرجه : البخاري 3/181 ( 2488 ) و3/185 ( 2507 ) و4/91 ( 3075 ) و7/117
( 5498 ) و7/119 ( 5503 ) و( 5506 ) و7/127 ( 5543 ) و( 5544 ) ، ومسلم 6/78 ( 1968 ) ( 20 ) و( 21 ) و( 22 ) و( 23 ) ، وأبو داود ( 2821 ) ، وابن ماجه ( 3137 ) و(3178 ) و( 3183 ) ، والترمذي ( 1491 ) و( 1492 ) و( 1600 ) ، والنسائي 7/191 و221 و226 و228 ، والطبراني في ” الكبير ” ( 4385 ) من حديث رافع بن خديج ، به .
([42]) أخرجه : البخاري 4/242 ( 3606 ) و9/65 ( 7084 ) ، ومسلم 6/20 ( 1827 )
( 51 ) ، وابن ماجه ( 3979 ) .
([43]) سقطت من ( ص ) .
([44]) النساء : 176 .
([45]) أخرجه : الطيالسي ( 11 ) ، وأحمد 1/15 و26 و27 و48 ، ومسلم 2/81-82
( 567 ) ( 78 ) و5/61 ( 1617 ) ، وابن ماجه ( 2726 ) ، وأبو يعلى ( 184 ) ، وابن خزيمة ( 1666 ) ، وابن حبان ( 2091 ) ، والبيهقي 3/78 و6/224 من حديث عمر بن الخطاب ، به .
والمصقود بآية الصيف : الآية التي نزلت في الصيف ، وهي قوله تعالى : ] يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ [ النساء : 176 . شرح النووي لصحيح مسلم 3/46 .
([46]) في ( ص ) : (( عما جاء به الرسول )) .
([47]) سقطت من ( ص ) .
([48]) في ” جامعه ” ( 861 ) .
وأخرجه : الطيالسي ( 1864 ) ، وأحمد 2/152 ، والبخاري 2/186 ( 1611 ) ، والنسائي 5/231 ، والبيهقي 5/74 من حديث عبد الله بن عمر ، به .
([49]) في ( ج ) : (( بغير )) .
([50]) أخرجه : معمر في ” جامعه ” ( 20743 ) من رواية عبد الرزاق عنه .
([51]) أخرجه : معمر في ” جامعه ” ( 20742 ) من رواية عبد الرزاق ، والدارمي 1/64 ( طبعة دار الفكر ) ، والحاكم 4/514 ، وأبو نعيم في ” الحلية ” .
([52]) ذكره : ابن عبد البر في ” جامع بيان العلم وفضله ” 2/141 ، وابن حجر في ” فتح الباري ” 13/327 ، وابن القيم في ” إعلام الموقعين ” 1/76 .
([53]) ذكره : ابن عبد البر في ” جامع بيان العلم وفضله ” 2/139 و143 ، وابن حجر في ” فتح الباري ” 13/327 ، وابن القيم في ” إعلام الموقعين ” 1/75 .
([54]) ذكره : الآجري في ” أخلاق العلماء ” : 183 ، وابن عبد البر في ” جامع بيان العلم وفضله ” 2/142-143 ، وابن حجر في ” فتح الباري ” 13/327 .
([55]) ذكره : ابن عبد البر في ” جامع بيان العلم وفضله ” 2/142 .
([56]) ذكره : إسحاق بن راهويه كما في ” المطالب العالية ” ( 3328 ) ، وابن حجر في ” فتح الباري ” 13/327 .
([57]) من قوله : (( فيذهب بكم ها هنا … )) إلى هنا سقط من ( ص ) .
([58]) ذكره : الآجري في ” أخلاق العلماء ” : 183-184 .
([59]) المراسيل : 224 .
وأخرجه : إسحاق بن راهويه كما في ” المطالب العالية ” ( 3329 ) ، والطبراني في ” الكبير ” 20/( 353 ) .
وذكره : ابن عبد البر في ” جامع بيان العلم وفضله ” 2/142 ، وابن حجر في ” فتح الباري ” 13/327 ، وهو ضعيف لانقطاعه ؛ فإنَّ طاووساً لم يسمع من معاذ ، ومعنى الإرسال هنا هو المعنى العام الذي يراد به كل انقطاع .
([60]) سقطت من ( ص ) .
([61]) سقطت من ( ص ) .
([62]) ذكره : ابن حجر في ” فتح الباري ” 13/327 .
([63]) ذكره : ابن حجر في ” فتح الباري ” 13/327 ، وهو ضعيف لضعف الزبير بن سعد ، ولجهالة من فوقه .
([64]) في ” مسنده ” 5/435 .
وأخرجه : أبو داود ( 3656 ) ، والطبراني في ” الكبير ” 19/( 892 ) و( 913 ) وفي
” مسند الشاميين ” ، له ( 2108 ) ، والآجري في ” أخلاق العلماء ” : 185 ، وإسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن سعد .
([65]) أخرجه : سعيد بن منصور في ” سننه ” ( 1179 ) ، وأحمد 5/435 ، والطبراني في “الكبير” 19/( 892 ) ، وابن عبد البر في ” جامع بيان العلم وفضله ” 2/139 .
وذكره ابن القيم في ” إعلام الموقعين ” 1/76 ، وابن حجر في ” فتح الباري ” 13/323 .
([66]) ذكره : الآجري في ” أخلاق العلماء ” : 185 ، والخطيب في ” الفقيه والمتفقه ” 2/11 .
([67]) أخرجه : الطبراني في ” الكبير ” ( 1431 ) ، والآجري في ” أخلاق العلماء ” : 185 ، وإسناده ضعيف جداً ؛ فإنَّ يزيد بن ربيعة متروك ، وانظر : مجمع الزوائد 1/155 .
([68]) ذكره : الآجري في ” أخلاق العلماء ” : 185 ، وابن عبد البر في ” جامع بيان العلم وفضله ” 2/145 .
([69]) ذكره : ابن عبد البر في ” جامع بيان العلم وفضله ” 2/145 ، وابن حجر في فتح الباري 13/323 .
([70]) ذكره : ابن عبد البر في ” جامع بيان العلم وفضله ” 2/143 ، وابن حجر في ” فتح الباري ” 13/323 نحوه .
([71]) سقطت من ( ص ) .
([72]) انظر : جامع بيان العلم وفضله 2/141 و145 ، وإعلام الموقعين 1/83 .
([73]) الإسراء : 85 .
([74]) انظر : سير أعلام النبلاء 8/108 .
([75]) في ( ص ) : (( وقال مالك )) بدل : (( وقال ابن وهب : سمعت مالكاً يقول )) .
([76]) انظر : المنهج الفقهي العام لعلماء الحنابلة : 18 .
([77]) انظر : المنهج الفقهي العام لعلماء الحنابلة : 18 ، ومناهج الاجتهاد في الإسلام في الأحكام الفقهيه والعقائدية : 121 .
([78]) انظر : المنهج الفقهي العام لعلماء الحنابلة : 18-19 .
([79]) في ( ص ) : (( على فعل الخير )) .
([80]) ذكره : الإمام الذهبي في ” سير أعلام النبلاء ” 11/7-8 ، وفي ” تذكرة الحفاظ ” 2/464 .
([81]) انظر : إعلام الموقعين 1/75-76 .
([82]) فاطر : 28 .
([83]) التفسير 2/599 ( 3205 ) .
وأخرجه : الطبري في ” تفسيره ” ( 5212 ) ، وطبعة التركي 5/223 والطبراني ( 7658 ) ، وهذا حديث باطل وعلته عبد الله بن يزيد بن آدم ، قال الإمام أحمد : (( أحاديثه موضوعة )) . لسان الميزان 5/40 .
([84]) ذكره : ابن كثير في ” تفسيره ” : 352 ( طبعة دار ابن حزم ) .
([85]) سقطت من ( ص ) .
([86]) أخرجه : الحميدي ( 1049 ) ، وأحمد 2/235 و474 و480 و502 ، والبخاري 5/219 ( 4388 ) ، ومسلم 1/51 ( 52 ) ( 82 ) و( 83 ) و( 84 ) و1/53 ( 52 ) ( 90 )
و( 91 ) ، والترمذي ( 3935 ) ، والبغوي ( 4001 ) من حديث أبي هريرة ، به .
([87]) انظر : حلية الأولياء 1/228 ، وسير أعلام النبلاء 1/446 ، وتذكرة الحفاظ 1/19 .
([88]) أخرجه : أحمد 1/18 ، وأبو نعيم في ” الحلية ” 1/228 .
وذكره الذهبي في ” سير أعلام النبلاء ” 1/446 ، وفي ” تذكرة الحفاظ ” 1/19 .
والرتوة : الدرجة والمنـزلة .
انظر : النهاية 2/195 ، ولسان العرب 5/134 ، وتاج العروس 4/524 ، ومختار الصحاح : 233 ، وجاءت هذه اللفظة في بعض كتب الحديث : (( قذفه )) وفي بعضها : (( نبذه )) .
([89]) انظر : التمهيد في أصول الفقه 1/364 .
([90]) ذكره : أبو نعيم في ” الحلية ” 10/211 من قول سهل التستري .
([91]) أخرجه : أحمد 2/310 ، والبخاري في ” الأدب المفرد ” ( 252 )، وابن ماجه ( 4217 ) ، والترمذي ( 2305 ) ، وأبو يعلى ( 5865 ) و( 6240 ) ، والخرائطي في “مكارم الأخلاق” : 42 ، وأبو نعيم في ” الحلية ” 10/365 ، والبيهقي في ” الزهد ” ( 818 ) ، وقال الترمذي : (( غريب )) أي ضعيف ، وبعضهم قواه بالشواهد ، وتصدير المصنف له بصيغة التمريض يريد تضعيفه ، والله أعلم .
([92]) أخرجه : أبو يعلى ( 4950 ) مرفوعاً ، وإسناده ضعيف لضعف يوسف بن ميمون .
([93]) سقطت من ( ص ) .
([94]) ذكره : أبو نعيم في ” الحلية ” 4/87 .
([95]) ذكره : ابن عساكر في ” تاريخ دمشق ” 48/153 .
([96]) التغابن : 16 .
([97]) آل عمران : 97 .
([98]) سقطت من ( ص ) .
([99]) انظر : قواطع الأدلة 1/138-139 ، والمستصفى 2/25-26 ، والمحصول 2/303-304 ، والإبهاج في شرح المنهاج 2/71 ، والبحر المحيط 2/153 .
([100]) ذكره : أبو نعيم في ” الحلية ” 5/237 .
([101]) ذكره : أبو نعيم في ” الحلية ” 5/241 .
([102]) وأخرجه : الطيالسي ( 996 ) ، وأحمد 5/278 و282 ، والدارمي ( 661 ) ، وابن ماجه ( 277 )، وابن حبان ( 1037 )، والطبراني في ” الصغير ” 1/8 ، والمروزي في ” تعظيم قدر الصلاة ” ( 170 )، والبيهقي 1/457، والخطيب في “تاريخه” 1/293 ، وهو حديث صحيح.
([103]) مسند أحمد 4/212 ، وسنن أبي داود ( 1096 ) .
وأخرجه : ابن سعد في “الطبقات” 5/516، وأبو يعلى ( 6826 )، وابن خزيمة ( 1452 ) ، والطبراني في ” الكبير ” ( 3165 ) ، والبيهقي في ” السنن ” 3/206 ، وفي ” دلائل النبوة ” ، له 5/354 ، وابن الأثير في ” أُسد الغابة ” 2/34 ، وهو حديث حسن .
([104]) انظر : الأُم 2/96-97 ، والإشراف على نكت مسائل الخلاف 1/162-163 ، واللباب 1/30-31، والمحلى 2/75 ، والهداية للكلوذاني 1/71 بتحقيقنا ، وبداية المجتهد 1/86-87، والمغني 1/267 ، ومنتهى الإرادات 1/33 .
([105]) انظر : المغني 1/813-815 .
([106]) الصحيح 2/60 ( 1117 ) .
وأخرجه : أحمد 4/426 ، وأبو داود ( 952 ) ، وابن ماجه ( 1223 ) ، والترمذي
( 372 )، وابن خزيمة ( 979 ) و( 1250 ) ، والدارقطني 1/369 ( 1410 ) و( 1411 ) و( 1412 ) ( طبعة دار الكتب العلمية ) ، والبيهقي 2/304 ، والبغوي ( 983 ) .
([107]) انظر : رؤوس المسائل في الخلاف 1/192 ، والهداية للكلوذاني 1/124 بتحقيقنا ، والمغني 1/817 ، ومنتهى الإرادات 1/120 .
([108]) انظر : رؤوس المسائل في الخِلاف 1/307 ، والمغني 2/652 ، قال الإمام الكلوذاني – رحمه الله -: زكاة الفطر واجبة على كل مسلم فضل عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته صاع ،=
= وإن فضل بعض صاع فهل يلزمه إخراجه ؟ على روايتين . انظر : الهداية للكلوذاني 1/175 بتحقيقنا . جاء في الشرح الكبير علىالمغني : إحداهما : لا يلزمه ، وهو اختيار ابن عقيل ؛ لأنها طُهرة فَلا تجب على من يعجز عن بعضها كالكفارة . والثانية : يلزمه ؛ لأنها طهرة فوجب منها ما قَدر عليه . انظر : الشرح الكبير على المغني 2/649 .
([109]) انظر : رؤوس المسائل في الخلاف 1/346 ، والهداية للكلوذاني 1/204-205 بتحقيقنا ، ومنتهى الإرادات 1/227 .
([110]) انظر : الهداية للكلوذاني 1/192-193 بتحقيقنا .
([111]) انظر : المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين 1/295-296 ، والهداية للكلوذاني 1/247 بتحقيقنا ، والمغني 3/56 ، ومنتهى الإرادات 1/288 ، ونيل المآرب في تهذيب شرح عمدة الطالب 2/543-544 .