جامع العلوم والحكم
في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم
ابن رجب الحنبلي
الحديث التاسع والثلاثون
عَنِ ابنِ عبَّاس رضي الله عنهما ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (( إنَّ الله تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الخَطَأَ والنِّسيانَ ، وما استُكْرِهُوا عليهِ )) . حديثٌ حسَنٌ رَواهُ ابنُ ماجهْ والبَيَهقيُّ وغيرهما .
هذا الحديثُ خرَّجه ابن ماجه ([1]) من طريق الأوزاعي ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وخرَّجه ابنُ حبَّان في ” صحيحه ” ([2]) والدارقطني ([3]) ، وعندهما : عن الأوزاعي ، عن عطاء ، عن عُبيد بن عمير ، عن ابنِ عباس ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم .
وهذا إسناد صحيح في ظاهر الأمر ، ورواتُه كلهم محتجٌّ بهم في ” الصحيحين ” وقد خرَّجه الحاكم ([4]) ، وقال : صحيح على شرطهما . كذا قال ، ولكن له علة ، وقد أنكره الإمام أحمد ([5]) جداً ، وقال : ليس يُروى فيه إلاَّ عن الحسن ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً . وقيل لأحمد : إنَّ الوليد بن مسلم روى عن مالك ، عن نافع ، عن ابن
عمر مثله ([6]) ، فأنكره أيضاً ([7]) .
وذكر لأبي حاتم الرازي حديثُ الأوزاعي ، وحديث مالك ، وقيل له : إنَّ الوليد روى أيضاً عن ابن لهيعة عن موسى بن وردان ، عن عقبة بن عامر ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مثله ([8]) ، فقال أبو حاتم : هذه أحاديث منكرة كأنَّها موضوعة ، وقال : لم يسمع الأوزاعيُّ هذا الحديث من عطاءٍ ، وإنَّما سمعه من رجل لم يسمه ، أتوهَّمُ أنّه عبدُ الله بن عامر ، أو إسماعيل بن مسلم ، قال : ولا يصحُّ هذا الحديث ، ولا يثبت إسنادُه ([9]) .
قلت : وقد رُوي عن الأوزاعي ، عن عطاء ، عن عُبيد بن عُمَير مرسلاً من غير ذكر ابن عباس ([10]) ، وروى يحيى بنُ سليم ، عن ابن جريج ، قال : قال عطاء : بلغني أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إنَّ الله تجاوزَ لأمَّتي عَنِ الخطأ والنِّسيان ، وما استُكرهوا عليه )) ([11]) خرَّجه الجوزجاني ، وهذا المرسلُ أشبه .
وقد ورد من وجه آخر عن ابن عباس مرفوعاً رواه مسلم بن خالد الزنجي ،
عن سعيد العلاف ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( تُجُوِّزَ لأمَّتي عن
ثلاث : عن الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه )) ([12]) خرَّجه الجوزجاني . وسعيد
العلاف : هو سعيد بن أبي صالح ، قال أحمد : وهو مكيٌّ ، قيل له : كيف حالُه ؟
قالَ : لا أدري وما علمتُ أحداً روى عنه غير مسلم بن خالد ([13]) ، قالَ أحمد : وليس هذا مرفوعاً ، إنَّما هوَ عن ابن عباس قوله . نقل ذَلِكَ عنه مهنا ، ومسلم بن خالد ضعفوه ([14]) .
وروي من وجه ثالثٍ من رواية بقية بن الوليد ، عن عليٍّ الهمداني ، عن أبي جمرة عن ابن عباس مرفوعاً ، خرَّجه حرب ، ورواية بقية عن مشايخه المجاهيل لا تُساوي شيئاً .
ورُوي من وجه رابع خرَّجه ابن عدي ([15]) من طريق عبد الرحيم بن زيد العَمِّي ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وعبد الرحيم هذا ضعيف ([16]) .
وقد روي عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم من وجوهٍ أُخَر ، وقد تقدَّم أنَّ الوليد بن مسلم رواه عن مالك، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعاً ، وصححه الحاكم وغرَّبه ([17]) ، وهو عند حُذَّاق الحفّاظ باطل على مالك ، كما أنكره الإمامُ أحمد وأبو حاتم ، وكانا يقولان عن الوليد : إنَّه كثيرُ الخطأ . ونقل أبو عبيد الآجري عن أبي داود ، قال : روى الوليدُ بن مسلم عن مالك عشرة أحاديث ليس لها أصلٌ ، منها : عن نافع أربعة ([18]).
قلت : والظاهر أنَّ منها هذا الحديث ، والله أعلم .
وخرَّجه الجوزجاني من رواية يزيد بن ربيعة سمعتُ أبا الأشعث يُحدث عن ثوبان عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال : (( إنَّ الله U تجاوز عن أمتي عن ثلاثة : عن الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه )) ([19]) . و يزيد بن ربيعة ضعيف جداً ([20]) .
وخرَّج ابن أبي حاتم ([21]) من رواية أبي بكر الهذلي ، عن شهر بن حوشب ، عن أمِّ الدرداء ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال : (( إنَّ الله تجاوزَ لأمَّتي عن ثلاث : عن الخطأ والنسيان والاستكراه )) . قال أبو بكر : فذكرت ذلك للحسن ، فقال : أجل ، أما تقرأ بذلك قرآنا : } رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا { ([22]) . وأبو بكر الهذلي متروك الحديث ([23]) .
وخرَّجه ابن ماجه ([24]) ، ولكن عنده عن شهر ، عن أبي ذرٍّ الغفاري ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : (( إنَّ الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكر هوا عليه )) ولم يذكر كلام الحسن .
وأما الحديث المرسل عن الحسن ، فرواه عنه هشام بن حسّان ([25]) ، ورواه منصور ، وعوف عن الحسن ([26]) من قوله ، لم يرفعه . ورواه جعفر بن جسر بن فرقد ، عن أبيه ، عن الحسن ، عن أبي بكرة مرفوعاً ([27]) ، وجعفر وأبوه
ضعيفان ([28]) .
قال محمدُ بن نصر المروزي ([29]) : ليس لهذا الحديث إسنادٌ يحتجُّ به حكاه البيهقي .
وفي ” صحيح مسلم ” ([30]) عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس ، قال لما نزل قولُه تعالى } رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا { ([31]) قال الله : قد فعلتُ .
وعن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أنَّها لما نزلت ، قال : نعم ([32]) ، وليس واحدٌ منهما مصرّحاً برفعه .
وخرّج الدارقطني ([33]) من رواية ابن جُريج ، عن عطاء ، عن أبي هريرة ، عن
النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال : (( إنَّ الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ، وما أكرهوا عليه ،
إلاَّ أنْ يتكلَّموا به أو يعملوا )) ، وهو لفظ غريب . وقد خرَّجه النسائي ([34]) ولم يذكر الإكراه . وكذا رواه ابنُ عُيينة عن مِسعَرٍ ، عن قتادة ، عن زُرارة بن أوفى ، عن أبي هُريرة ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وزاد فيه : (( وما استكرهوا عليه )) خرَّجه ابن
ماجه ([35]) . وقد أنكرت هذه الزيادة على ابن عيينة ، ولم يُتابعه عليها أحد . والحديث مخرَّجٌ من رواية قتادة في ” الصحيحين ” والسنن والمسانيد بدونها .
ولنرجع إلى شرح حديث ابن عباس المرفوع ، فقوله : (( إنَّ الله تجاوز لي عن أُمَّتي الخطأ والنِّسيان )) إلى آخره تقديره : إنَّ الله رفع لي عن أُمَّتي الخطأ ، أو ترك ذلك عنهم ، فإنَّ (( تجاوز )) لا يتعدّى بنفسه .
وقوله : (( الخطأ والنسيان ، وما استُكرِهُوا عليه )) .
فأما الخطأ والنسيان ، فقد صرَّح القرآن بالتَّجاوُزِ عنهما قال الله تعالى :
} رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا { ([36]) ، وقال : } وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ { ([37]) .
وفي ” الصحيحين ” ([38]) عن عمرو بن العاص سمع النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول : (( إذا حكمَ الحاكمُ ، فاجتهد ، ثم أصابَ ، فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ ، فله أجر )).
وقال الحسن : لولا ما ذَكَر الله من أمر هذين الرجلين – يعني : داود وسليمان – لرأيت أنَّ القُضاةَ قد هلكوا، فإنَّه أثنى على هذا بعلمه ، وعَذَرَ هذا باجتهاده ([39]) : يعني : قوله : } وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ
الْقَوْمِ { ([40]) الآية .
وأما الإكراه فصرَّح القرآن أيضاً بالتجاوز عنه ، قال تعالى : } مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ { ([41]) ، وقال تعالى : } لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً { ([42]) الآية .
ونحن نتكلم إنْ شاء الله في هذا الحديث في فصلين : أحدهما في حكم الخطأ والنسيان ، والثاني في حكم الإكراه .
الفصل الأول
في الخطأ والنسيان
الخطأ : هو أن يَقصِدَ بفعله شيئاً ، فيُصادف فعلُه غير ما قصده ، مثل : أنْ يقصد قتلَ كافرٍ ، فيصادف قتله مسلماً .
والنسيان : أنْ يكون ذاكراً لشيءٍ ، فينساه عندَ الفعل ، وكلاهما معفوٌّ عنه ، بمعنى أنَّه لا إثمَ فيه ، ولكن رفعُ الإثم لا يُنافي أنْ يترتَّب على نسيانه حكم .
كما أنَّ من نسيَ الوضوء ، وصلَّى ظانّاً أنَّه متطهِّرٌ ، فلا إثم عليه بذلك ، ثم إنْ تبيَّنَ له أنَّه كان قد صلَّى محدِثاً فإنَّ عليه الإعادة .
ولو ترك التسميةَ على الوضوء نسياناً ، وقلنا بوجوبها ، فهل يجبُ عليه إعادةُ الوضوء ؟ فيه روايتان عن الإمام أحمد ([43]) .
وكذا لو ترك التسمية على الذبيحة نسياناً ، فيه عنه روايتان ([44]) ، وأكثرُ الفقهاء على أنَّها تؤكل .
ولو ترك الصلاة نسياناً ، ثم ذكر ، فإنَّ عليه القضاء ، كما قال صلى الله عليه وسلم : (( من نامَ عن صلاةٍ أو نسيها ، فليُصَلِّها إذا ذكرها ، لا كفَّارةَ لها إلا ذلك )) ([45]) ثمَّ تلا : } أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي { ([46]) .
ولو صلَّى حاملاً في صلاته نجاسةً لا يُعفى عنها ، ثم علم بها بعد صلاته ، أو في أثنائها ، فأزالها فهل يُعيدُ صلاته أم لا ؟ فيه قولان ، هما روايتان عن أحمد ([47]) ، وقد رُوي عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه خلع نعليه في صلاته وأتمَّها ، وقال : (( إنَّ جبريل أخبرني أنَّ فيهما أذى )) ([48]) ولم يُعد صلاته .
ولو تكلَّم في صلاته ناسياً أنَّه في صلاة ، ففي بطلان صلاته بذلك قولان
مشهوران ، هما روايتان عن أحمد ([49]) ، ومذهبُ الشافعي : أنَّها لا تَبطُلُ بذلك ([50]) .
ولو أكل في صومه ناسياً ، فالأكثرون على أنَّه لا يَبطُلُ صيامه ، عملاً
بقوله صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ أَكل ، أو شرب ناسياً ، فليتمَّ صومه ، فإنَّما أطمعه الله
وسقاه )) ([51]) . وقال مالك : عليه الإعادة ؛ لأنَّه بمنـزلة من ترك الصلاة ناسياً ([52]) ، والجمهور يقولون : قد أتى بنيَّةِ الصيام ، وإنَّما ارتكب بعض محظوراته ناسياً ، فيُعفى عنه ([53]) .
ولو جامع ناسياً ، فهل حكمه حكم الآكل ناسياً أم لا ؟ فيهِ قولان : أحدهما : – وهو المشهور عن أحمد – أنَّه يَبطُلُ صيامُه بذلك وعليه القضاء ، وفي الكفارة عنه روايتان ([54]) . والثاني : لا يبطل صومه بذلك ، كالأكل ، وهو مذهب الشافعي ([55]) ، وحُكي رواية عن أحمد ([56]) . وكذا الخلاف في الجماع في الإحرام ناسياً : هل يبطُل به النُّسُكُ أم لا ؟
ولو حلف لا يفعل شيئاً ، ففعله ناسياً ليمينه ، أو مخطئاً ظانّاً أنّه غير المحلوف عليه ، فهل يحنث في يمينه أم لا ؟ فيه ثلاثةُ أقوالٍ هي ثلاث روايات عن أحمد ([57]) :
أحدها : لا يحنث بكلِّ حال ، ولو كانت اليمينُ بالطَّلاق والعتاق ، وأنكر هذه الرواية عن أحمد الخلالُ ، وقال : هي سهو من ناقلها ، وهو قولُ الشافعي في أحد قوليه ، وإسحاق ، وأبي ثور ، وابن أبي شيبة ، ورُوي عن عطاء ، قال إسحاق : ويُستحلف أنَّه كان ناسياً ليمينه .
والثاني : يحنث بكلِّ حال ، وهو قولُ جماعة مِنَ السَّلف ومالك .
والثالث : يفرَّق بين أنْ يكونَ يمينُه بطلاقٍ أو عتاقٍ ، أو بغيرهما ، وهو المشهورُ عن أحمد ، وقول أبي عُبيدٍ ، وكذا قال الأوزاعيُّ في الطلاق ، وقال : إنَّما الحديثُ الذي جاء في العفو عن الخطأ والنسيان ما دام ناسياً ، وأقام على امرأته ، فلا إثم عليه ، فإذا ذكر ، فعليه اعتزالُ امرأته ، فإنَّ نسيانَه قد زال . وحكى إبراهيم الحربي إجماعَ التابعين على وقوع الطلاق بالناسي .
ولو قتل مؤمناً خطأً ، فإنَّ عليه الكفَّارةَ والدِّيَة بنصِّ الكتاب ، وكذا لو أتلف مالَ غيره خطأً يظنُّه أنَّه مالُ نفسه .
وكذا قال الجمهورُ في المُحرِم يقتل الصَّيدَ خطأً ، أو ناسياً لإحرامه أنَّ عليه جزاءه ([58]) ، ومنهم من قال : لا جزاءَ عليه إلاَّ أنْ يكونَ متعمداً لقتله تمسُّكاً
بظاهر ([59]) قوله U : } وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ { ([60]) الآية ، وهو رواية عن أحمد ، وأجاب الجمهورُ عن الآية بأنَّه رتَّب على قتله متعمداً الجزاء وانتقامَ الله تعالى ، ومجموعُهما يختصُّ بالعامد ، وإذا انتفى العمدُ ، انتفى الانتقامُ ، وبقي الجزاءُ ثابتاً بدليل آخر .
والأظهر – والله أعلم – أنَّ الناسي والمخطئ إنَّما عُفي عنهما بمعنى رفع الإثم
عنهما ؛ لأنَّ الإثم مرتَّبٌ على المقاصد والنيَّات ، والناسي والمخطئ لا قصدَ لهما ، فلا إثم عليهما ، وأمَّا رفعُ الأحكام عنهما ، فليس مراداً منْ هذه النصوص ، فيحتاج في ثبوتها ونفيها إلى دليلٍ آخر .
الفصل الثاني
في حكم المكره
وهو نوعان :
أحدهما : من لا اختيارَ له بالكلِّيَّة ، ولا قُدرةَ له على الامتناع ، كمن حُمِلَ
كَرْهاً وأدخل إلى مكانٍ حلف على الامتناع من دخوله ، أو حُمِل كَرْهاً ، وضُرب
به غيرُه حتّى مات ذلك الغيرُ ، ولا قُدرة له على الامتناع ، أو أُضْجعت ، ثم زُنِي بها
من غيرِ قُدرةٍ لها على الامتناع ، فهذا لا إثم عليه بالاتفاق ، ولا يترتَّب عليه حِنْثٌ
في يمينه عند جمهور العلماء . وقد حُكي عن بعض السَّلف – كالنَّخعي – فيه
خلاف ، ووقع مثلُه في كلام بعض أصحاب الشَّافعي وأحمد ، والصحيح عندهم أنَّه لا يحنث بحال .
وروي عن الأوزاعي في امرأة حلفت على شيء ، وأحنثها زوجُها كُرهاً أنَّ كفارَتها عليه ، وعن أحمد روايةٌ كذلك ، فيما إذا وطئ امرأتهُ مُكرهةً في صِيامها أو إحرامها أنَّ كفارتها عليه . والمشهور عنه أنَّه يفسدُ بذلك صومها وحجُّها .
والنوع الثاني : من أُكره بضربٍ أو غيره حتَّى فعل ، فهذا الفعلُ يتعلق به
التَّكليفُ ، فإنَّه يمكنه أنْ لا يفعل فهو مختارٌ للفعل ، لكن ليس غرضُه نفسَ الفعل ، بل دفع الضَّرر عنه ، فهو مختارٌ مِنْ وجه ، غيرُ مختارٍ من وجهٍ ، ولهذا اختلف الناسُ : هل هو مكلَّفٌ أم لا ؟
واتفق العلماءُ على أنّه لو أُكرِه على قتل معصومٍ لم يُبَحْ لهُ أن يقتُله ، فإنَّه إنَّما يقتُله باختياره افتداءً لنفسه من القتل ([61]) ، هذا إجماعٌ مِنَ العلماء المعتدِّ بهم ، وكان في زمن الإمام أحمد يُخالِف فيهِ مَنْ لا يُعتدُّ به ، فإذا قتله في هذه الحال ، فالجمهور على أنَّهما يشتركان في وجوب القَوَدِ : المكرهِ والمكرَه ؟ لاشتراكهما في القتل ، وهو قول مالك والشافعي في المشهور وأحمد ، وقيل : يجب على المكرِه وحده ؛ لأنَّ المكرَه صارَ كالآلة ، وهو قولُ أبي حنيفة وأحدُ قولي الشَّافعيِّ ، ورُوي عن زفرَ كالأوَّل ، ورُوي عنه أنَّه يجبُ على المكرَه لمباشرته ، وليس هو كالآلة ؛ لأنَّه آثمٌ بالاتِّفاق ، وقال أبو يوسف : لا قَودَ على واحدٍ منهما ، وخرَّجه بعضُ أصحابنا وجهاً لنا من الرِّواية لا توجب فيها قتل الجماعة بالواحد ، وأولى ([62]) .
ولو أكره بالضَّرب ونحوه على إتلاف مالِ الغير المعصوم ، فهل يُباحُ له ذلك ؟ فيهِ وجهان لأصحابنا : فإنْ قلنا : يُباحُ لهُ ذَلِكَ ، فضمنه المالك ، رجع بما ضمنه على المكره ، وإنْ قلنا : لا يُباح له ذلك ، فالضمانُ عليهما معاً كالقود . وقيل : على المكره المباشر وحدَه وهو ضعيف .
ولو أُكره على شرب الخمر أو غيره من الأفعال المحرّمة ، ففي إباحته بالإكراه قولان :
أحدُهما : يُباحُ له ذلك استدلالاً بقوله تعالى : } وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ { ([63]) ، وهذه نزلت في عبد الله بن أبيِّ بن سلول ، كانت له أمتانِ يُكرههما على الزنى ، وهما يأبيان ذلك([64]) ، وهذا قول الجمهور كالشافعي ، وأبي حنيفة ، وهو المشهورُ عن أحمد ، ورُوي نحوه عن الحسن ، ومكحولٍ ، ومسروقٍ ، وعن عمر بن الخطاب ما يدلُّ عليه .
وأهلُ هذه المقالة اختلفوا في إكراه الرَّجُلِ على الزِّنى ، فمنهم من قال : يصحُّ إكراهُه عليه ، ولا إثمَ عليه ، وهو قولُ الشافعي ، وابن عقيلٍ من أصحابنا ، ومنهم من قال : لا يصحُّ إكراهه عليه ، وعليه الإثمُ والحدُّ ، وهو قول أبي حنيفة ومنصوصُ أحمد ، ورُوي عن الحسن .
والقولُ الثاني : إنَّ التقية إنَّما تكون في الأقوال ، ولا تقية في الأفعال ، ولا إكراهَ عليها ، رُوي ذلك عن ابنِ عباس ، وأبي العالية ، وأبي الشَّعثاء ، والربيع بن أنس ، والضَّحَّاك ([65]) ، وهو روايةٌ عن أحمد ، ورُوي عن سُحنون أيضاً .
وعلى هذا لو شرب الخمرَ ، أو سرق مكرهاً ، حُدَّ .
وعلى الأول لو شرب الخمر مكرهاً ، ثم طلَّق أو أعتق ، فهل يكون حكمُه حكمَ المختارِ لشُربِها أم لا ؟ بل يكونُ طلاقُه وعِتاقه لغواً ؟ فيه لأصحابنا وجهان ([66]) ، ورُوي عن الحسن فيمن قيل له : اسجُد لصنمٍ وإلاَّ قتلناك ، قال : إنْ كان الصَّنمُ تجاهَ القبلة ، فليسجُد ، ويجعل نيَّته لله ، وإنْ كان إلى غير القبلة ، فلا يفعل وإنْ
قتلوه ، قال ابنُ حبيب المالكي : وهذا قولٌ حسنٌ ، قال ابن عطية : وما يمنعه أنْ يجعلَ نيته لله ، وإن كان لغير القبلة ([67]) ، وفي كتاب الله : } فَأَيْنَمَا تُولُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ { ([68]) ، وفي الشرع إباحةُ التنفُّل للمسافر إلى غير القبلة ؟
وأما الإكراه على الأقوال ، فاتَّفق العلماء على صحته ، وأنَّ من أُكره على قولٍ محرَّم إكراهاً معتبراً أنَّ لهُ أنْ يفتديَ نفسه به ، ولا إثمَ عليهِ ، وقد دلَّ عليهِ قولُ الله تعالى : } إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ { ([69]) . وقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لعمار :
(( إنْ عادوا فَعُدْ )) ([70]) . وكان المشركون قد عذَّبوه حتَّى يوافقهُم على ما يُريدونه
من الكفر ، ففعل .
وأما ما روي عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه وصَّى طائفةً من أصحابه ، وقال : (( لا تُشركوا بالله وإن قُطِّعتُم وحُرِّقتم )) ([71]) ، فالمرادُ الشِّركُ بالقُلوب ، كما قال تعالى : } وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا { ([72]) ، وقال تعالى : } وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ { ([73]) .
وسائر الأقوال يُتصوَّر عليها الإكراه ، فإذا أكره بغيرِ حقٍّ على قولٍ من الأقوال ، لم يترتب عليه حكمٌ مِنَ الأحكام ، وكانَ لغواً ، فإنَّ كلامَ المكرَه صدرَ منه وهو غيرُ راضٍ به ، فلذلك عُفيَ عنه ، ولم يُؤاخَذْ به في أحكام الدُّنيا والآخرة . وبهذا فارق النَّاسي والجاهل ، وسواء في ذلك العقود : كالبيع ، والنكاح ، أو الفسوخ : كالخُلع والطَّلاق والعتاق ، وكذلك الأيمان والنُّذور ، وهذا قولُ جمهور العلماء ، وهو قولُ مالك والشافعي وأحمد .
وفرَّق أبو حنيفة بين ما يقبل الفسخ عندَه ، ويثبت فيه الخيارُ كالبيع ونحوه ،
فقال : لا يلزمُ مع الإكراه ، وما ليس كذلك ، كالنِّكاح والطلاق والعتاق والأيمان ،
فألزم بها مع الإكراه ([74]) .
ولو حلف : لا يفعلُ شيئاً ، ففعله مكرهاً ، فعلى قول أبي حنيفة يَحنَثُ ([75]) ، وأمَّا على قول الجمهور ، ففيه قولان :
أحدُهما : لا يحنَثُ ، كما لا يَحنَثُ إذا فُعِلَ به ذلك كرهاً ، ولم يقدر على الامتناع كما سبق ، وهذا قولُ الأكثرين منهم .
والثاني : يَحنَثُ هاهنا ؛ لأنَّه فعله باختياره بخلافِ ما إذا حُمِلَ ، ولم يُمكنه الامتناعُ ، وهو رواية عن أحمد وقول للشافعي ، ومن أصحابه – وهو القفَّال – من فرَّق بين اليمين بالطَّلاق والعَتاق وغيرهما كما قلنا نحن في النَّاسي ، وخرَّجه بعض أصحابنا وجهاً لنا .
ولو أُكره على أداءِ ماله بغيرِ حقٍّ ، فباع عقارَه ليؤدِّي ثمنه ، فهل يصِحُّ الشِّراءُ
منه أم لا ؟ فيهِ روايتان عن أحمد ، وعنه رواية ثالثة : إنْ باعه بثمن المثل ، اشتُري منه ، وإنْ باعه بدُونه ، لم يشتر منه ، ومتى رضي المكرَهُ بما أُكْرِهَ عليهِ لحُدوثِ رغبةٍ لهُ فيهِ بعدَ الإكراه ، والإكراه قائمٌ ، صحَّ ما صدرَ منه من العقود وغيرها بهذا القصد . هذا هو المشهورُ عند أصحابنا ، وفيه وجهٌ آخر : أنَّه لا يَصِحُّ أيضاً ، وفيه بُعد .
وأما الإكراه بحقٍّ ، فهو غيرُ مانعٍ مِنْ لُزوم ما أكره عليه ، فلو أُكره الحربيُّ على الإسلام فأسلم ، صحَّ إسلامه ، وكذا لو أكرهَ الحاكم أحداً على بيع ماله ليوفي دينه ، أو أُكره المؤلي بعد مدَّة الإيلاء وامتناعه مِنَ الفيئة على الطلاق ، ولو حلف لا يُوفِّي دينَه ، فأكرهه الحاكمُ على وفائه ، فإنَّه يَحنَثُ بذلك ؛ لأنَّه فعل ما حلف عليه حقيقةً على وجهٍ لا يُعذَرُ فيه . ذكره أصحابنا بخلاف ما إذا امتنع من الوفاء ، فأدَّى عنه الحاكمُ ، فإنَّه لا يحنَثُ ؛ لأنَّه لم يُوجَدْ منه فعلُ المحلوف عليه .
([1]) في ” سننه ” ( 2045 ) .
وأخرجه : العقيلي في ” الضعفاء الكبير ” 4/145 ، والطبراني في ” الأوسط ” ( 8273 ) ، والبيهقي 6/84 و7/156 – 157 .
([2]) الحديث ( 7219 ) .
([3]) في ” السنن ” 4/170 – 171 .
وأخرجه : الطحاوي في ” شرح المعاني ” 3/95 ، وابن حبان ( 7219 ) ، والطبراني في
” الصغير ” ( 752 ) ، وابن عدي في ” الكامل ” 3/209 و212 و213 ، والحاكم 2/198 ، والبيهقي 7/156 و10/61 .
([4]) في ” المستدرك ” 2/198 .
([5]) في ” العلل ” ، له 1/205 .
([6]) أخرجه : العقيلي في ” الضعفاء الكبير ” 4/145 ، والطبراني في ” الأوسط ” ( 8274 ) ، وأبو نعيم في ” الحلية ” 6/352 ، والبيهقي 6/84 .
([7]) انظر : العلل لأحمد بن حنبل 1/205 .
([8]) أخرجه : الطبراني في ” الأوسط ” ( 8276 ) ، والبيهقي 7/357 .
([9]) انظر : العلل لابن أبي حاتم 1/431 .
([10]) أخرجه : ابن عدي في ” الكامل ” 3/212 .
([11]) أخرجه : ابن أبي شيبة 4/172 .
([12]) أخرجه : الطبراني في ” الكبير ” ( 11274 ) .
([13]) انظر : الجرح والتعديل 4/77 ( 5443 ) .
([14]) قال ابن معين : (( ليس به بأس )) ، وقال مرة : (( ثقة )) ، وقال مرة : (( ضعيف )) ، وقال البخاري : (( منكر الحديث )) ، وقال أبو حاتم : (( لا يحتج به )) ، وضعفه أبو داود ، وقال ابن المديني : (( ليس بشيء )) ، وقال النسائي : (( ضعيف )) .
انظر : التاريخ الكبير 7/138 ( 10435 ) ، والكامل لابن عدي 8/6 ، وميزان الاعتدال 4/102 ( 8485 ) .
([15]) في ” الكامل ” 6/494 .
([16]) قال عنه يحيى بن معين : (( ليس بشيء )) ، وقال مرة : (( تركوه )) ، وقال البخاري
: (( تركوه )) ، وقال أبو زرعة : (( واهي ، ضعيف الحديث )) ، وقال العقيلي : (( لا يتابع عليه ولا على كثير من حديثه )) .
انظر : التاريخ الكبير 5/368 ( 7915 ) ، والجرح والتعديل 5/402 ، والضعفاء للعقيلي 3/79 ، والكامل لابن عدي 9/493 .
([17]) انظر : التلخيص الحبير 1/673 .
([18]) سؤالات أبي عبيد الآجري 2/183 ( 1543 ) ، وانظر : تهذيب الكمال 3/444
( 2847 ) ، وميزان الاعتدال 4/347 ، وتهذيب التهذيب 4/380 و11/136 .
([19]) أخرجه : الطبراني في ” الكبير ” ( 1430 ) .
([20]) قال عنه البخاري : (( عنده مناكير )) ، قال مرة : (( حديثه مناكير )) ، وقال أبو حاتم
: (( ضعيف الحديث ، منكر الحديث ، واهي الحديث )) ، وقال النسائي : (( متروك )) ، وقال السعدي : (( أحاديث يزيد بن ربيعة أباطيل ، أخاف أن تكون موضوعة )) .
انظر : التاريخ الكبير 8/213 ، والجرح والتعديل 9/322 ، والضعفاء للعقيلي 4/376 ، والكامل لابن عدي 9/133 ، وميزان الاعتدال 4/422 .
([21]) في ” التفسير ” ( 3092 ) ، والطبراني كما في ” نصب الراية ” 2/65 .
وأخرجه : ابن عدي في ” الكامل ” 4/343 عن الحسن مرسلاً .
([22]) البقرة : 286 .
([23]) ذكر أبو بكر الهذلي لشعبة ، فقال : (( دعني لا أقيء )) ، وقال ابن معين : (( ليس بثقة )) ، وقال غندر : (( كان أبو بكر الهذلي كذاباً )) ، وقال البخاري : (( ليس بالحافظ عندهم )) ، وقال النسائي : (( متروك الحديث )) ، وقال أيضاً : (( ليس بثقة )) .
انظر : الكامل لابن عدي 4/340 – 341 ، وميزان الاعتدال 4/497 .
([24]) في ” سننه ” ( 2043 ) .
([25]) أخرجه : معمر في ” جامعه ” ( 20588 ) ، وعبد الرزاق ( 11416 ) ، وسعيد بن منصور في ” السنن ” ( 1145 ) .
([26]) أخرجه : سعيد بن منصور في ” السنن ” ( 1144 ) .
([27]) أخرجه : ابن عدي في ” الكامل ” 2/390 ، وأبو نعيم في ” أخبار أصفهان ” 1/90 – 91 و251 – 252 .
([28]) قال البخاري : (( جسر ليس بذاك عندهم )) ، وقال : (( ليس بقوي )) ، وقال ابن معين
: (( جسر ليس بشيء )) ، وقال النسائي : (( جسر ضعيف )) ، وقال أبو حاتم : (( جسر ليس بالقوي كان رجلاً صالحاً )) ، وقال ابن عدي : (( لجعفر مناكير وأبيه مضعِّف )) ، وقال أيضاً : (( جسر من الضعفاء وابنه مثله )) . =
= انظر : التاريخ الكبير 2/226، والجرح والتعديل 2/472 ، والكامل لابن عدي 2/390 و421 و425 ، وميزان الاعتدال 1/398 و404 .
([29]) في الاختلافات كما في ” التلخيص الحبير ” 1/672 .
([30]) 1/81 ( 126 ) ( 200 ) .
وأخرجه : الترمذي ( 2992 ) ، والنسائي في ” الكبرى ” ( 11059 ) وفي ” التفسير ” ، له ( 79 ) ، والطبراني في ” تفسيره ” ( 5130 ) ، وابن حبان ( 5069 ) ، والواحدي في
” أسباب النْزول ” ( 116 ) بتحقيقي .
([31]) البقرة : 286 .
([32]) أخرجه : الطبري في ” تفسيره ” ( 5131 ) ، وأبو عوانة 1/75 – 76 .
([33]) في ” السنن ” 4/171 .
وأخرجه : البخاري 8/168 ( 6664 ) عن زرارة بن أبي أوفى ، عن أبي هريرة ، مرفوعاً ، بلفظ : (( إنَّ الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم )) فلفظ الصحيح يعل لفظ رواية الدارقطني ، وكتاب الدارقطني وإن سمي بالسنن إلا أنَّ مؤلفه قصد بيان غرائب وعلل أحاديث الأحكام ، وقد نصّ على ذلك جمع من أهل العلم ، منهم : أبو علي الصدفي وابن تيمية وابن عبد الهادي والزيلعي ، وبيان ذلك في ” الجامع في العلل ” يسر الله إتمامه وطبعه .
([34]) في ” المجتبى ” 6/156 .
([35]) في ” سننه ” ( 2044 ) .
([36]) البقرة : 286 .
([37]) الأحزاب : 5 .
([38]) البخاري 9/132 ( 7352 ) ، ومسلم 5/131 ( 1716 ) ( 15 ) و132 ( 1716 )
( 15 ) .
وأخرجه : أحمد 4/198 و204 ، وأبو داود ( 3574 ) ، وابن ماجه ( 2314 ) ، والنسائي في ” الكبرى ” ( 5918 ) و( 5919 ) ، وابن حبان ( 5061 ) .
([39]) أخرجه : ابن حجر في ” تغليق التعليق ” 5/291 – 292 .
وقد ذكره البخاري 9/84 معلقاً .
([40]) الأنبياء : 78 .
([41]) النحل : 106 .
([42]) آل عمران : 28 .
([43]) انظر : المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين للقاضي أبي يعلى 1/69 – 70 .
([44]) انظر : المصدر السابق 3/10 .
([45]) أخرجه : البخاري 1/155 ( 597 ) ، ومسلم 2/142 ( 684 ) ( 314 ) ، والبيهقي 2/218 و456 من حديث أنس بن مالك مرفوعاً بهذا اللفظ .
([46]) طه : 14 .
([47]) انظر : المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين للقاضي أبي يعلى 1/153 .
([48]) أخرجه : أحمد 3/20 و92 ، وأبو داود ( 650 ) ، وابن خزيمة ( 1017 ) ، وابن حبان
( 2185 ) ، والحاكم 1/260 ، والبيهقي 2/402 و431 من حديث أبي سعيد الخدري ، وهو حديث صحيح .
وروي عن ابن عباس ، وأبي هريرة ، وعبد الله بن مسعود .
([49]) انظر : المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين للقاضي أبي يعلى 1/138 .
([50]) انظر : المجموع للنووي 4/15 .
([51]) أخرجه : أحمد 2/395 و425 و489 و491 و493 و513 ، والبخاري 3/40 ( 1933 ) و8/170 ( 6696 ) ، ومسلم 3/160 ( 1155 ) ( 171 ) ، وأبو داود ( 2398 ) ، وابن ماجه ( 1673 ) ، والترمذي ( 721 ) و( 722 ) ، والنسائي في ” الكبرى ” ( 3275 ) من حديث أبي هريرة .
([52]) انظر : المدونة الكبرى 1/334 وما ذهب إليه المصنف من هذا التعليل غير صحيح ، بل حجتهم في ذلك أنَّ هذا الحديث خبر آحاد وقد عارض القاعدة العامة التي تقول : النسيان لا يؤثر في باب المأمورات ، أي لا يؤثر من ناحية براءة ذمة المكلف قال ابن العربي في “عارضة الأحوذي” 3/197 : (( أصل مالك في أنَّ خبر الواحد إذا جاء بخلاف القواعد لم يعمل به )) فما يفسد الصوم بعدمه على وجه العمد ، فإنَّه يفسده على وجه النسيان ، كما في النية ، والصيام ركنه الإمساك ، فإذا فات الركن في العبادة وجب الإتيان به ، وقد تعذر هنا ، فاقتضى الحكم بفساد صومه ، وانظر : أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء : 219-220 .
([53]) انظر : المفصل لعبد الكريم زيدان 2/72 .
([54]) انظر : التمهيد لابن عبد البر 7/181 ، والمسائل الفقهية من كتاب الروايتين والواجهين 1/260 .
([55]) انظر : التمهيد لابن عبد البر 7/179 ، والمجموع 6/228 .
([56]) انظر : المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين للقاضي أبي يعلى 1/291 .
([57]) انظر : المغني لابن قدامة 11/175 – 176 .
([58]) كذا قال ابن عباس والحسن ومجاهد . انظر : تفسير الطبري ( 9782 ) و( 9784 )
و( 9790 ) .
([59]) سقطت من ( ص ) .
([60]) المائدة : 95 .
([61]) قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي : (( انعقد الإجماع على أنَّ المكره على القتل مأمور باجتناب القتل والدفع عن نفسه ، وإنَّه يأثم إنْ قتل من أكره على قتله )) . فتح الباري 12/390 ، وقال عبد بن حميد : (( لا يعذر من أكره على قتل غيره لكونه يؤثر نفسه على نفس غيره )) . فتح الباري 12/395 .
([62]) انظر : تفسير الطبري 1/385 – 386 ، والمبسوط للسرخسي 24/72 – 73 و88 – 89 .
([63]) النور : 33 .
([64]) انظر : تفسير الطبري ( 19749 ) و(19752 ) .
([65]) انظر : تفسير الطبري ( 5371 ) و( 5374 ) و( 5375 ) و( 5376 ) .
([66]) انظر : المغني لابن قدامة 8/256 – 257 .
([67]) انظر : المحلى لابن حزم 9/130 .
([68]) البقرة : 115 .
([69]) النحل : 106 .
([70]) أخرجه : عبد الرزاق في ” تفسيره ” ( 1509 ) ، وابن سعد في ” الطبقات ” 3/189 ، والطبري في ” تفسيره ” ( 16563 ) وطبعة التركي 14/374 ، والحاكم 2/357 ، وأبو نعيم في ” الحلية ” 1/140 ، وهو مرسل .
([71]) أخرجه : البخاري في ” الأدب المفرد ” ( 18 ) ، وابن ماجه ( 4034 ) عن أبي الدرداء .
وعن عبادة بن الصامت عند المروزي في ” تعظيم قدر الصلاة ” ( 920 ) ، واللالكائي في
” أصول الاعتقاد ” 2/822 .
وعن معاذ بن جبل عند أحمد 5/238 ، والطبراني في ” الكبير ” 20/( 156 ) وفي ” مسند الشاميين ” ، له ( 2204 ) وأسانيدها كلها ضعيفة .
([72]) لقمان : 15 .
([73]) النحل : 106 .
([74]) انظر : المبسوط 24/135 باب الخيار في الإكراه
([75]) انظر : المبسوط 24/105 .