تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » لا تَحاسدُوا ، ولا تناجشوا ، ولا تباغضُوا ولا تَدابرُوا …

لا تَحاسدُوا ، ولا تناجشوا ، ولا تباغضُوا ولا تَدابرُوا …

  • بواسطة

 

جامع العلوم والحكم

في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم

ابن رجب الحنبلي


الحديث الخامس والثلاثون

 
عَنْ أَبي هُريرةَ رضي الله عنه ، قالَ : قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا تَحَاسَدُوا ، ولا تَنَاجَشوا ، ولا تَبَاغَضُوا ، ولا تَدَابَرُوا ، ولا يَبِعْ بَعضُكُمْ على بَيعِ بَعضٍ ، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إِخْواناً ، المُسلِمُ أَخُو المُسلم ، لا يَظلِمُهُ ولا يَخذُلُهُ ، ولا يَكذِبُهُ ، ولا يَحقِرُهُ ، التَّقوى هاهُنا )) ، – ويُشيرُ إلى صدرِهِ ثلاثَ مرَّاتٍ – (( بِحَسْبِ امرئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحقِرَ أخَاهُ المُسلِمَ ، كُلُّ المُسلمِ على المُسلِمِ حرامٌ : دَمُهُ ومَالُهُ وعِرضُهُ )) . رواه مسلم .
 
هذا الحديث خرَّجه مسلم ([1]) من رواية أبي سعيدٍ مولى عبد الله بن عامر بن كُرَيز عن أبي هريرة ، وأبو سعيد هذا لا يعرَفُ اسمُه ، وقد روى عنه غيرُ واحدٍ ، وذكره ابن حبان في ” ثقاته ” ([2]) ، وقال ابن المديني : هو مجهول .
 
وروى هذا الحديث سفيان الثوري ، فقال فيه : عن سعيد بن يسار ، عن أبي هُريرة ، ووهم في قوله : (( سعيد بن يسار )) ، إنَّما هو : أبو سعيد مولى ابنِ كُريز ، قاله أحمد ويحيى والدَّارقطني ([3]) ، وقد رُوِي بعضُه من وجه آخر ([4]) .
 
وخرَّجه الترمذي ([5]) من رواية أبي صالح عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله r : (( المسلم أخو المسلم ، لا يخونُه ولا يكذِبُه ولا يَخذُلُه ، كلُّ المسلمِ على المسلم حرامٌ : عِرْضُه وماله ودمُه ، التقوى هاهنا ، بحسب امرئٍ منَ الشرِّ أنْ يحقِرَ أخاهُ المسلم )) .
 
وخرَّج أبو داود ([6]) من قوله : (( كلُّ المسلم )) إلى آخره .
 
وخرَّجاه في ” الصحيحين ” ([7]) من رواية الأعرج عن أبي هريرة عن النَّبيِّ
r ، قال : (( لا تحاسَدُوا ولا تناجَشُوا ، ولا تباغَضُوا ولا تَدابَروا ، وكونوا عبادَ اللهِ إخواناً )) .
 
وخرَّجاه من وجوه أخر عن أبي هريرة ([8]) .
 
وخرَّج الإمام أحمد ([9]) من حديث واثلةَ بنِ الأسقعِ ، عن النَّبيِّ r، قال:
(( كُلُّ المسلم على المسلم حرامٌ : دمه ، وعرضه ، وماله ، المسلم أخو المسلمِ ، لا يظلمُه ولا يَخذُلُه ، والتَّقوى هاهنا – وأومأ بيده إلى القلب – وحسبُ امرئٍ منَ الشرِّ أنْ يحقِرَ أخاهُ المسلم )) .
 
وخرَّج أبو داود آخره فقط ([10]) .
 
وفي ” الصحيحين ” ([11]) من حديث ابن عمرَ عن النَّبيِّ r ، قال : (( المسلم أخو المسلم ، لا يَظلِمُهُ ولا يُسلِمه )) . وخرَّجه الإمامُ أحمد ([12]) ، ولفظه : (( المسلم أخو المسلم ، لا يظلِمُه ولا يخذُله ولا يحقِرُه ، وبحسب المرئ مِنَ الشَّرِّ أن يحقِرَ أخاه المسلم )) .
 
وفي ” الصحيحين ” ([13]) عن أنس ، عن النَّبيِّ r ، قال : (( لا تباغَضُوا ، ولا تحاسَدوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عِبادَ الله إخواناً )) .
 
ويُروى معناه من حديث أبي بكر الصديق مرفوعاً ([14]) وموقوفاً ([15]) .
 
فقوله r : (( لا تحاسدوا )) يعني : لا يحسُدْ بعضُكم بعضاً ، والحسدُ مركوزٌ في طباع البشر ، وهو أنَّ الإنسان يكرهُ أن يفوقَهُ أحدٌ منْ جنسهِ في شيءٍ من الفضائل .
 
ثم ينقسم الناس بعدَ هذا إلى أقسام ، فمنهم من يسعى في زوال نعمةِ المحسودِ بالبغي عليه بالقول والفعل ، ثمَّ منهم من يسعى في نقلِ ذلك إلى نفسه ، ومنهم من
يَسعى في إزالته عن المحسودِ فقط من غيرِ نقل إلى نفسه ، وهو شرُّهما وأخبثهما ، وهذا هو الحسدُ المذمومُ المنهيُّ عنه ، وهو كان ذنبَ إبليس حيث حسدَ آدم u لمَّا رآه قد فاق على الملائكة بأنْ خلقه الله بيده ، وأسجد له ملائكتَه ، وعلَّمه أسماء كلِّ شيءٍ ، وأسكنه في جواره ، فما زال يسعى في إخراجه من الجنَّة حتَّى أخرج منها ، ويروى عن ابن عمرَ أنَّ إبليسَ قال لنوح : اثنتان بهما أُهلك بني آدم : الحسد ، وبالحسد لُعِنتُ وجُعلتُ شيطاناً رجيماً ، والحرص وبالحرص أُبيح آدمُ الجنةَ كلَّها ، فأصبتُ حاجتي منه بالحرص . خرَّجه ابنُ أبي الدُّنيا .
 
وقد وصف الله اليهودَ بالحسد في مواضع من كتابه القرآن ، كقوله تعالى :
} وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقّ { ([16]) ، وقوله : } أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ { ([17]) .
 
وخرَّج الإمام أحمد ([18]) والترمذي ([19]) من حديث الزُّبير بن العوَّام ، عن النَّبيِّ r : (( دبَّ إليكم داءُ الأمم من قبلكم : الحسدُ والبغضاءُ ، والبغضاءُ هي الحالقة ، حالقة الدين لا حالقةُ الشعر ، والذي نفس محمد بيده لا تُؤمنوا حتى تحابُّوا ، أولا
 
أُنبئكم بشيءٍ إذا فعلتموه تحابَبْتُم ؟ أفشوا السَّلام بينكم )) .
 
وخرَّج أبو داود ([20]) من حديث أبي هريرة ، عن النَّبيِّ r ، قال : (( إيَّاكم والحسد ، فإنَّ الحسدَ يأكلُ الحسناتِ كما تأكلُ النَّارُ الحطب ، أو قال : العُشبَ )) .
 
وخرَّج الحاكم ([21]) وغيرُه من حديث أبي هريرة ، عن النَّبيِّ r ، قال :
(( سيُصيبُ أُمَّتي داءُ الأمم )) ، قالوا : يا نبيَّ الله ، وما داءُ الأمم ؟ قال : (( الأشرُ والبَطَرُ ، والتَّكاثرُ والتَّنافسُ في الدُّنيا ، والتَّباغُض ، والتَّحاسدُ حتى يكونَ البغيُ ثمَّ الهرجُ )) .
 
وقسم آخر من الناسِ إذا حسدَ غيره ، لم يعمل بمقتضى حسده ، ولم يبغِ على المحسود بقولٍ ولا فعلٍ . وقد رُوي عن الحسن أنَّه لا يأثمُ بذلك ([22]) ، وروي مرفوعاً من وجوه ضعيفة ، وهذا على نوعين :
 
أحدهما : أنْ لا يمكنه إزالةُ الحسدِ من نفسِه ، فيكون مغلوباً على ذَلِكَ ، فلا يأثمُ به .
 
والثاني : من يُحدِّثُ نفسَه بذلك اختياراً ، ويُعيده ويُبديه في نفسه مُستروِحاً إلى تمنِّي زوالِ نعمة أخيه ، فهذا شبيهٌ بالعزم المصمِّم على المعصية ، وفي العقاب على ذلك اختلافٌ بين العلماء ، وربما يُذكر في موضعٍ آخر إنْ شاء الله تعالى ، لكن هذا يَبعُدُ أن يَسلَمَ من البغي على المحسود ، ولو بالقول ، فيأثم بذلك .
 
وقسم آخر إذا حسد لم يتمنَّ زوال نعمة المحسود ، بل يسعى في اكتساب مثل فضائله ، ويتمنَّى أنْ يكونَ مثله ، فإن كانتِ الفضائلُ دنيويَّةً ، فلا خيرَ في ذلك ، كما قال الَّذينَ يُريدُونَ الحياةَ الدُّنيا : } يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ { ([23]) ، وإنْ كانت فضائلَ دينيَّةً ، فهو حسن ، وقد تمنَّى النَّبيُّ r الشَّهادة في سبيل الله U . وفي ” الصحيحين ” ([24]) عنه r ، قال : (( لا حسدَ إلاَّ في اثنتين : رجلٌ آتاه اللهُ
مالاً ، فهو يُنفقه آناء الليل وآناء النَّهار ، ورجلٌ آتاهُ اللهُ القرآن ، فهو يقومُ به آناء اللَّيل وآناءَ النَّهار )) ، وهذا هو الغبطة ، وسماه حسداً من باب الاستعارة .
 
وقسم آخر إذا وجدَ من نفسه الحسدَ سعى في إزالته ، وفي الإحسان إلى المحسود بإسداءِ الإحسان إليه ، والدُّعاء له ، ونشر فضائله ، وفي إزالة ما وَجَدَ له في نفسه مِنَ الحسدِ حتّى يبدلَه بمحبَّة أنْ يكونَ أخوه المسلمُ خيراً منه وأفضلَ ، وهذا مِنْ أعلى درجات الإيمان ، وصاحبه هو المؤمنُ الكاملُ الذي يُحبُّ لأخيه ما يحبُّ
لنفسه ، وقد سبق الكلام على هذا في تفسير حديث : (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )) ([25]) .
 
وقوله r : (( ولا تناجَشوا )) : فسَّره كثيرٌ من العلماء بالنَّجْشِ ([26]) في البيع ، وهو : أن يزيدَ في السِّلعة من لا يُريدُ شِراءها ([27]) ، إمَّا لنفع البائع بزيادةِ الثَّمن له ، أو بإضرارِ المشتري بتكثير الثمن عليه ، وفي ” الصحيحين ” ([28]) عن ابنِ عمرَ ، عن النَّبيِّ r أنَّه نهى عن النَّجش .
 
وقال ابن أبي أوفى : النَّاجش : آكلُ ربا خائنٌ ، ذكره البخاري ([29]) .
 
قال ابنُ عبد البرِّ : أجمعوا أنَّ فاعلَه عاصٍ لله U إذا كان بالنَّهي عالماً ([30]) .
 
واختلفوا في البيع ، فمنهم من قال : إنَّه فاسدٌ ، وهو روايةٌ عن أحمد ([31]) ، اختارها طائفةٌ من أصحابه ، ومنهم من قال : إنْ كان الناجشُ هو البائعَ ، أو من واطأه البائع على النَّجش فسد ؛ لأنَّ النَّهيَ هُنا يعودُ إلى العاقدِ نفسِه ، وإنْ لم يكن كذلك ، لم يفسُد ، لأنَّه يعودُ إلى أجنبيٍّ . وكذا حُكِي عَنِ الشَّافعيِّ أنَّه علَّل صحة البيع بأنَّ البائعَ غيرُ النَّاجش ([32]) ، وأكثرُ الفقهاء على أنَّ البيعَ صحيحٌ مطلقاً وهو قولُ أبي حنيفة ومالكٍ والشَّافعيِّ وأحمد في رواية عنه ، إلاَّ أنَّ مالكاً وأحمد أثبتا للمشتري الخيارَ إذا لم يعلم بالحال ([33]) ، وغُبِنَ غَبناً فاحشاً يخرج عن العادة ، وقدَّره مالكٌ وبعضُ أصحاب أحمد بثلث الثَّمنِ ، فإن اختارَ المشتري حينئذٍ الفسخَ ، فله ذلك ، وإن أراد الإمساكَ ، فإنَّه يحطُّ ما غُبِنَ به من الثَّمن ، ذكره أصحابنا .
 
ويحتمل أن يُفسَّرَ التَّناجُشُ المنهيُ عنه في هذا الحديث بما هو أعمُّ من ذلك ، فإنَّ أصلَ النَّجش في اللُّغة : إثارةُ الشَّيءِ بالمكرِ والحيلةِ والمخادعةِ ، ومنه سُمِّي النَّاجِشُ في البيع ناجشاً ، ويسمّى الصَّائدُ في اللغة ناجشاً ([34]) ، لأنَّه يُثير الصَّيد بحيلته عليه ، وخِداعِه له ، وحينئذٍ ، فيكونُ المعنى : لا تتخادَعوا ، ولا يُعامِلْ بعضُكُم بعضاً بالمكرِ والاحتيال . وإنَّما يُرادُ بالمكر والمخادعة إيصالُ الأذى إلى المسلم : إمَّا بطريقِ الأصالة ، وإما اجتلاب نفعه بذلك ، ويلزم منه وصولُ الضَّرر إليه ، ودخولُه عليه ، وقد قال الله U : } وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ { ([35]) . وفي حديث ابن مسعودٍ عنِ النَّبيِّ r : (( مَنْ غَشَّنا فليس منَّا ، والمكرُ والخِداعُ في النار )) ([36]) . وقد ذكرنا فيما تقدَّم حديث أبي بكر الصدِّيق المرفوع : (( ملعونٌ من ضارَّ مسلماً أو مكرَ به )) خرَّجه الترمذيُّ ([37]) .
 
فيدخل على هذا التقدير في التناجش المنهي عنه جميعُ أنواع المعاملات بالغشِّ
ونحوه ، كتدليس العيوب ، وكِتمانها ، وغشِّ المبيع الجيد بالرديء ، وغَبْنِ المسترسل الذي لا يَعرِفُ المماكسة ، وقد وصف الله تعالى في كتابه الكفَّار والمنافقين بالمكر بالأنبياء وأتباعهم ، وما أحسنَ قول أبي العتاهية :
 
لَيس دُنيا إلاَّ بدينٍ ولَيْـ
 
ـسَ الدِّين إلاَّ مَكارمُ الأخْلاقِ
 
 
إنَّما المَكْرُ والخَديعَةُ في النَّارِ
 
هُمَا مِنْ خِصالِ أهْلِ النِّفاقِ
 
 
وإنَّما يجوزُ المكرُ بمن يجوزُ إدخالُ الأذى عليه ، وهم الكفَّارُ المحاربون ، كما قال النَّبيُّ r : (( الحربُ خدعةٌ )) ([38]) .
 
وقوله r : (( ولا تَباغضوا )) : نهى المسلمين عَنِ التَّباغض بينهم في غير الله ، بل على أهواءِ النُّفوسِ ، فإنَّ المسلمينَ جعلهمُ الله إخوةً ، والإخوةُ يتحابُّونَ بينهم ، ولا يتباغضون ، وقال النَّبيُّ r : (( والذي نفسي بيده ، لا تدخُلُوا الجنَّة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتَّى تحابُّوا ، ألا أدلُّكم على شيءٍ إذا فعلمتموه تحاببتم ؟ أفشوا السَّلام بينكم )) خرَّجه مسلم ([39]) . وقد ذكرنا فيما تقدَّم أحاديثَ في النَّهي عن التَّباغُض والتَّحاسد .
 
وقد حرَّم الله على المؤمنين ما يُوقع بينهم العداوة والبغضاء ، كما قال :
} إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ { ([40]) .
 
وامتنَّ على عباده بالتَّأليف بين قلوبهم ، كما قال تعالى : } وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً { ([41])، وقال : } هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ { ([42]) .
 
ولهذا المعنى حرم المشي بالنَّميمة ، لما فيها من إيقاع العداوة والبغضاء ، ورُخِّصَ في الكذب في الإصلاح بين النَّاس ، ورغَّب الله في الإصلاح بينهم ، كما قال تعالى : } لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ
أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً
عَظِيماً { ([43]) ، وقال : } وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا { ([44]) ، وقال : }  فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ { ([45]) .
 
وخرَّج الإمام أحمد ([46]) وأبو داود ([47]) والترمذيُّ ([48]) من حديث أبي الدرداء ، عن النَّبيِّ r ، قال : (( ألا أخبركم بأفضلَ مِنْ درجة الصلاة والصيام والصَّدقة ؟ )) قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : (( صلاحُ ذاتِ البينِ ؛ فإنَّ فسادَ ذات البين هي الحالِقةُ )) .
 
وخرَّج الإمام أحمد ([49]) وغيرُه من حديث أسماءَ بنتِ يزيد ، عن النَّبيِّ r ، قال : (( ألا أُنبِّئُكم بشرارِكم ؟ )) قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : (( المشَّاؤون بالنَّميمة ، المفرِّقُون بينَ الأحبَّةِ ، الباغون للبُرءاءِ العَنَت )) .
 
وأمَّا البغض في الله ، فهو من أوثق عرى الإيمان ، وليس داخلاً في النَّهي ، ولو ظهر لرجل من أخيه شرٌّ ، فأبغضه عليه ، وكان الرَّجُل معذوراً فيه في نفس الأمر ، أثيب المبغضُ له ، وإن عُذِرَ أخوه ، كما قال عمر : إنَّا كُنَّا نعرفكُم إذ رسول الله r بين أظهُرنا ، وإذ ينْزل الوحيُ ، وإذ يُنبِّئُنا الله مِنْ أخبارِكُم ألا وإنَّ رسول الله r قدِ انطُلِقَ به ، وانقطعَ الوحيُ ، فإنَّما نَعْرفكم بما نَخْبُركم ، ألا مَنْ أظهرَ منكم لنا خيراً ظننَّا به خيراً ، وأحببناه عليه ، ومَنْ أظهر منكم شرّاً ، ظننا به شراً ، وأبغضناه عليه ، سرائرُكم بينكم وبينَ ربِّكم U )) ([50]) .
 
وقال الربيع بن خُثَيْم : لو رأيت رجلاً يُظهر خيراً ، ويُسرُّ شرّاً ، أحببتَه عليه ، آجرَك الله على حبِّك الخيرَ ، ولو رأيت رجلاً يُظهر شرّاً ، ويسرُّ خيراً أبغضته عليه ، آجرَك الله على بُغضك الشرَّ .
 
ولمَّا كثُرَ اختلافُ النَّاس في مسائل الدِّين ، وكثرَ تفرُّقُهم ، كثُر بسببِ ذلك تباغُضهم وتلاعُنهم ، وكلٌّ منهم يُظهِرُ أنَّه يُبغض لله ، وقد يكونُ في نفس الأمر معذوراً ، وقد لا يكون معذوراً ، بل يكون متَّبِعاً لهواه ، مقصِّراً في البحث عن معرفة ما يُبغِضُ عليه ، فإنَّ كثيراً من البُغض كذلك إنَّما يقعُ لمخالفة متبوع يظنُّ أنَّه لا يقولُ إلاَّ الحقَّ ، وهذا الظَّنُّ خطأٌ قطعاً ، وإنْ أُريد أنَّه لا يقول إلاَّ الحقَّ فيما خُولِفَ فيه ، فهذا الظنُّ قد يُخطئ ويُصيبُ ، وقد يكون الحامل على الميلِ مجرَّد الهوى ، أو الإلفُ ، أو العادة ، وكلُّ هذا يقدح في أنْ يكون هذا البغضُ لله ، فالواجبُ على المؤمن أن ينصحَ نفسَه ، ويتحرَّزَ في هذا غاية التحرُّزِ ، وما أشكل
منه ، فلا يُدخِلُ نفسَه فيه خشيةَ أن يقعَ فيما نُهِيَ عنه مِنَ البُغض المُحرَّمِ .
 
وهاهنا أمرٌ خفيٌّ ينبغي التَّفطُّن له ، وهو أنَّ كثيراً من أئمَّةِ الدِّينِ قد يقولُ قولاً مرجوحاً ويكون مجتهداً فيه ، مأجوراً على اجتهاده فيه ، موضوعاً عنه خطؤه فيهِ ، ولا يكونُ المنتصِرُ لمقالته تلك بمنْزلته في هذه الدَّرجة ؛ لأنَّه قد لا ينتصِرُ لهذا القولِ إلاَّ لكونِ متبوعه قد قاله ، بحيث أنَّه لو قاله غيرُه من أئمَّة الدِّينِ ، لما قبِلَهُ ولا انتصر له ، ولا والى من وافقه ، ولا عادى من خالفه ، وهو مع هذا يظن أنَّه إنَّما انتصر للحقِّ بمنْزلة متبوعه ، وليس كذلك ، فإنَّ متبوعه إنَّما كان قصدُه الانتصارَ للحقِّ ، وإنْ أخطأ في اجتهاده ، وأمَّا هذا التَّابعُ ، فقد شابَ انتصارَه لما يظنُّه الحقَّ إرادة علوِّ متبوعه ، وظهور كلمته ، وأنْ لا يُنسَبَ إلى الخطأ ، وهذه دسيسةٌ تَقْدَحُ في قصد الانتصار للحقِّ ، فافهم هذا ، فإنَّه فَهْمٌ عظيم ، والله يهدي مَنْ يشاء إلى صراطٍ مستقيم .
 
وقوله : (( ولا تدابروا )) قال أبو عبيد : التَّدابر : المصارمة والهجران ، مأخوذ من أن يُولِّي الرَّجلُ صاحبَهُ دُبُرَه ([51]) ، ويُعرِض عنه بوجهه ، وهو التَّقاطع .
 
وخرَّج مسلم ([52]) من حديث أنسٍ ، عن النَّبيِّ r ، قال : (( لا تحاسدُوا ، ولا تَبَاغَضُوا ، ولا تَقَاطعُوا ، وكونوا عِبادَ الله إخواناً كما أمركُم الله )) . وخرَّجه ([53]) أيضاً بمعناه من حديث أبي هريرة عن النَّبيِّ r .
 
وفي ” الصحيحين ” ([54]) عن أبي أيوب ، عن النَّبيِّ r ، قال : (( لا يَحِلُّ لمسلمٍ أنْ يهجرَ أخاه فوق ثلاثٍ ، يلتقيان ، فيصدُّ هذا ، ويصدُّ هذا ، وخيرُهما الَّذي يَبدأ بالسَّلام )) .
 
وخرَّج أبو داود ([55]) من حديث أبي خراش السُّلميِّ ، عن النَّبيِّ r ، قال
: (( مَنْ هَجر أخاه سنةً ، فهو كسفكِ دمه )) .
 
وكلُّ هذا في التَّقاطع للأمورِ الدُّنيويَّة ، فأمَّا لأجلِ الدِّين ، فتجوزُ الزِّيادةُ على الثلاثِ ([56]) ، نصَّ عليه الإمام أحمدُ ، واستدلَّ بقصَّةِ الثَّلاثةِ الَّذينَ خُلِّفوا ، وأمر النَّبيُّ r بهجرانهم لمَّا خاف منهمُ النِّفاق ، وأباح هِجران أهلِ البدع المغلَّظة والدعاة إلى الأهواء ، وذكر الخطابي أنَّ هِجران الوالدِ لولده ، والزَّوج لزوجته ، وما كان في معنى ذلك تأديباً تجوزُ الزِّيادة فيه على الثَّلاث ؛ لأنَّ النَّبيَّ r هجر نساءه شهراً ([57]) .
 
واختلفوا : هل ينقطع الهِجران بالسَّلام ؟ فقالت طائفةٌ : يَنقطِعُ بذلك ، ورُوي عن الحسن ومالكٍ في رواية ابن وهبٍ ([58]) ، وقاله طائفةٌ من أصحابنا ، وخرَّج أبو داود ([59]) من حديث أبي هريرة عن النَّبيِّ r قالَ : (( لا يحلُّ لمؤمنٍ أنْ يهجُرَ مؤمناً فوق ثلاثٍ ، فإن مرَّت به ثلاثٌ ، فليلقَهُ ، فليسلِّم عليهِ ، فإن ردَّ عليهِ السَّلامَ ، فقد اشتركا في الأجر ، وإن لم يردَّ عليهِ ، فقد باءَ بالإثم ، وخرج المُسلِّمُ من الهجرة )) . ولكن هذا فيما إذا امتنع الآخرُ من الرَّدِّ عليهِ ، فأمَّا معَ الرَّدِّ إذا كانَ بينهما قبل الهجرةِ مودَّةٌ ، ولم يعودا إليها ، ففيه نظر . وقد قالَ أحمد في رواية الأثرم ، وسئل عن السَّلام : يقطعُ الهِجران ؟ فقال : قد يُسلم عليه وقد صَدَّ عنه ([60]) ، ثم
قال النَّبيُّ r يقول : (( يلتقيان فيصدُّ هذا ، ويصدُّ هذا )) ، فإذا كان قد عوَّده أنْ يُكلِّمه أو يُصافحه . وكذلك رُوي عن مالكٍ أنَّه لا تنقطعُ الهجرة بدونِ العود إلى المودَّة ([61]) .
 
وفرَّق بعضُهم بين الأقارب والأجانب ، فقال في الأجانب : تزول
الهجرةُ بينهم بمجرَّد السَّلام ، بخلافِ الأقارب ، وإنَّما قال هذا لوجوب صلة
الرَّحِمِ .
 
قوله r : (( ولا يبِعْ بعضُكم على بيع بعض )) قد تكاثرَ النَّهي عَنْ ذلك ، ففي ” الصحيحين ” ([62]) عن أبي هريرة ، عن النَّبيِّ r ، قال : (( لا يبيع الرجلُ على بيع أخيه ، ولا يخطُبُ على خِطبةِ أخيه )) . وفي رواية لمسلم ([63]) : (( لا يَسُمِ المسلمُ على سومِ المسلم ، ولا يَخطُبُ على خِطبته )) . وخرَّجاه ([64]) من حديث ابن عمر عن النَّبيِّ r ، قال : (( لا يَبِعِ الرَّجُلُ على بيع أخيه ، ولا يخطُبْ على خِطبة أخيه ، إلاَّ أنْ يأذن له )) . ولفظه لمسلم .
 
وخرَّج مسلم ([65]) من حديث عقبة بن عامر ، عن النَّبيِّ r ، قال : (( المؤمنُ أخو المؤمنِ ، فلا يَحِلُّ للمؤمن أن يبتاعَ على بيع أخيه ، ولا يخطبَ على خِطبةِ أخيه ، حتَّى يَذَرَ )) .
 
وهذا يدلُّ على أنَّ هذا حقُّ للمسلم على المسلم ، فلا يُساويه الكافر في ذلك ، بل يجوزُ للمسلم أن يبتاعَ على بيع الكافر ، ويَخطُبَ على خِطبته ، وهو قولُ الأوزاعيِّ ([66]) وأحمدَ ، كما لا يثبتُ للكافر على المسلم حقُّ الشُّفعة عنده ، وكثيرٌ من الفُقهاء ذهبوا إلى أنَّ النَّهي عامٌّ في حقِّ المسلم والكافر .
 
واختلفوا : هلِ النَّهيُ للتَّحريم ، أو للتَّنـزيه ، فمِنْ أصحابنا من قال : هو للتَّنـزيه دونَ التَّحريم ، والصَّحيحُ الذي عليه جمهورُ العلماء : أنَّه للتَّحريمِ .
 
واختلفوا : هل يصحُّ البيع على بيعِ أخيه ، أوِ النِّكاحُ على خِطبته ؟ فقال أبو حنيفة والشافعي ([67]) وأكثر أصحابنا : يَصِحُّ ، وقال مالك في النِّكاح : إنَّه إن لم يدخل بها ، فُرِّقَ بينهما ، وإنْ دخل بها لم يُفرَّقْ ([68]) . وقال أبو بكر مِنْ أصحابنا في البيع والنِّكاحِ : إنَّه باطلٌ بكلِّ حالٍ ، وحكاه عن أحمد .
 
ومعنى البيع على بيع أخيه : أنْ يكونَ قد باع منه شيئاً ، فيبذُل للمشتري سلعتَه ليشتريها ، ويفسخ بيعَ الأوَّلِ . وهل يختصُّ ذلك بما إذا كان البذلُ في مدَّة الخيار ، بحيث يتمكَّن المشتري مِنَ الفسخِ فيه ، أم هو عامٌّ في مدَّةِ الخيار وبعدَها ؟ فيه اختلاف بين العلماء ، قد حكاه الإمامُ أحمد في رواية حرب ، ومال إلى القول بأنَّه عامٌّ في الحالينِ ، وهو قولُ طائفةٍ من أصحابنا . ومنهم من خصَّه بما إذا كان ذلك في مدَّة الخيار ، وهو ظاهرُ كلامِ أحمد في رواية ابن مشيش ، ومنصوصُ الشَّافعي ([69]) ، والأوَّلُ أظهرُ ، لأنَّ المشتري وإنْ لم يتمكَّنْ من الفسخ بنفسه بعد انقضاء مدة الخيار فإنَّه إذا رغب في ردِّ السِّلعة الأُولى على بائعها ، فإنَّه يتسبَّب في ردِّها عليه بأنواع من الطُّرق المقتضية لضَرره ، ولو بالإلحاح عليه في المسألة ، وما أدَّى إلى ضررِ المسلم ، كان محرَّماً ، والله أعلم .
 
وقوله r : (( وكونوا عباد الله إخواناً )) : هذا ذكره النَّبيُّ r كالتَّعليل لِما تقدَّم ، وفيه إشارةٌ إلى أنَّهم إذا تركُوا التَّحاسُدَ ، والتَّناجُشَ ، والتَّباغُضَ([70]) ،
والتدابرَ ، وبيعَ بعضِهم على بيعِ بعضٍ ، كانوا إخواناً .
 
وفيه أمرٌ باكتساب ما يصيرُ المسلمون به إخواناً على الإطلاق ، وذلك يدخلُ فيه أداءُ حقوقِ المسلم على المسلم مِنْ رَدِّ السلامِ ، وتشميت العاطس ، وعيادة المريض ، وتشييع الجنازة ، وإجابةِ الدَّعوة ، والابتداء بالسَّلام عندَ اللِّقاء ، والنُّصح بالغيب .
 
وفي ” الترمذي ” ([71]) عن أبي هُريرة ، عن النَّبيِّ r ، قال : (( تَهادَوا ، فإنَّ الهديةَ تُذهِبُ وَحَرَ الصَّدر )) . وخرَّجه غيرُه ([72]) ، ولفظه : (( تهادوا تحابُّوا )) .
 
وفي ” مسند البزار ” ([73]) عن أنس ، عن النَّبيِّ r ، قال : (( تهادوا ، فإنَّ الهدية تَسُلُّ السَّخيمة )) .
 
ويُروى عن عمر بن عبد العزيز – يرفعُ الحديثَ – قال : (( تصافحوا ، فإنَّه يُذهِبُ الشَّحناء ، وتهادَوْا )) ([74]) .
 
وقال الحسن : المصافحةُ تزيد في الودِّ ([75]) .
 
وقال مجاهد ([76]) : بلغني أنه إذا تراءى المتحابّان ، فضحك أحدُهما إلى الآخر ،
وتصافحا ، تحاتت خطاياهما كما يتحاتُّ الورقُ من الشجر ، فقيل له : إنَّ هذا ليسيرٌ مِنَ العمل ، قال : تقولُ يسيرٌ والله يقولُ : } لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ { ([77]) .
 
وقوله r : (( المسلمُ أخو المسلم ، لا يظلِمُه ، ولا يَخذُلُه ، ولا يَكذِبُه ، ولا يَحقِرُه )) . هذا مأخوذ من قوله U : } إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ { ([78]) ، فإذا كان المؤمنون إخوةً ، أُمروا فيما بينهم بما يُوجب تآلُفَ القلوب واجتماعَها ، ونُهوا عمَّا يوجبُ تنافرَ القلوب واختلافَها ، وهذا من ذلك .
 
وأيضاً ، فإنَّ الأخ مِنْ شأنه أنْ يوصِلَ إلى أخيه النَّفع ، ويكفَّ عنه الضَّرر ، ومن أعظم الضرِّ الذي يجبُ كفُّه عَنِ الأَخِ المسلم الظُّلم ، وهذا لا يختصُّ بالمسلم ، بل هو محرَّمٌ في حقِّ كلِّ أحَدٍ ، وقد سبق الكلام على الظُّلم مستوفى عندَ ذكر حديث أبي ذرِّ الإلهي : (( يا عبادي إنِّي حرَّمتُ الظُّلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرَّماً ، فلا تظالموا )) ([79]) .
 
ومِنْ ذلك : خِذلانُ المسلم لأخيه ، فإنَّ المؤمن مأمورٌ أنْ يَنصُرَ أخاه ،
كما قال r : (( انصُر أخاك ظالماً أو مظلوماً )) ، قال : يا رسولَ الله ، أنصُرُهُ مَظلوماً ، فكيف أنصره ظالماً ؟ قال : (( تمنعه عنِ الظُّلم ، فذلك نصرُك
إيَّاه )) . خرَّجه البخاري ([80]) بمعناه من حديث أنس ، وخرَّجه مسلم ([81]) بمعناه من حديث جابر .
 
وخرَّج أبو داود ([82]) من حديث أبي طلحة الأنصاري وجابرِ بن عبد الله ، عن النَّبيِّ r ، قال : (( ما مِن امرئٍ مسلمٍ يخذُلُ امرأً مسلماً في موضع تُنتَهكُ فيه حرمتُه ، ويُنتقصُ فيه من عِرضه ، إلاّ خذله الله في موطنٍ يُحبُّ فيه نُصرتَه ، وما مِن امرئٍ ينصرُ مسلماً في موضع يُنتقصُ فيه من عِرضِه ، ويُنتهكُ فيه من حرمته ، إلاّ نصره الله في موضع يحبُّ فيه نصرَتَه )) .
 
وخرّج الإمام أحمد ([83]) من حديث أبي أمامة بن سهل ، عن أبيه ، عن النَّبيِّ r ، قال : (( مَنْ أُذِلَّ عنده مؤمنٌ ، فلم ينصُرْه وهو يقدِرُ على أن ينصُرَه ، أذلَّه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة )) .
 
وخرَّج البزار ([84]) من حديث عِمران بن حُصين ، عن النَّبيِّ r ، قال : (( مَنْ نَصرَ أخاه بالغيب وهو يستطيعُ نصرَه ، نَصَرَهُ الله في الدُّنيا والآخرة )) .
 
ومن ذلك : كذِبُ المسلم لأخيه ، فلا يَحِلُّ له أن يُحدِّثه فيكذبه ، بل لا يُحدِّثه إلاَّ صدقاً ، وفي ” مسند الإمام أحمد ” ([85]) عن النَّوَّاس بن سمعان ، عن النَّبيِّ r ، قال : (( كَبُرَت خِيانةً أن تُحدِّثَ أخاكَ حديثاً هو لك مصدِّقٌ وأنت به
كاذب )) .
 
ومن ذلك : احتقارُ المسلم لأخيه المسلم ، وهو ناشئٌ عن الكِبْرِ ، كما قال النَّبيُّ r : (( الكِبْرُ بَطَرُ الحقِّ وغَمْطُ الناس )) خرَّجه مسلم ([86]) من حديث ابن مسعود ، وخرَّجه الإمام أحمد ([87]) ، وفي رواية له : (( الكبرُ سَفَهُ الحقِّ ، وازدراءُ الناس )) ، وفي رواية : (( وغمص الناس )) ([88]) ، وفي رواية زيادة : (( فلا يَراهم
شيئاً )) وغمص النَّاس : الطَّعنُ عليهم وازدراؤهم ([89]) ، وقال الله U : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنّ { ([90]) ، فالمتكبر ينظرُ إلى نفسه بعين الكمال ، وإلى غيره بعين النَّقصِ ، فيحتقرهم ويزدريهم ، ولا يراهم أهلاً لأنْ يقومَ بحقُوقهم ، ولا أن يقبلَ مِنْ أحد منهم الحقَّ إذا أورده عليه .
 
وقوله r : (( التَّقوى هاهنا )) يشير إلى صدره ثلاثَ مرَّاتٍ : فيه إشارةٌ إلى أنَّ كرم الخَلْق عند الله بالتَّقوى ، فربَّ من يحقِرُه الناس لضعفه ، وقلَّةِ حظِّه من الدُّنيا ، وهو أعظمُ قدراً عند الله تعالى ممَّن له قدرٌ في الدُّنيا ، فإنَّ الناسَ إنّما يتفاوتُون بحسب التَّقوى ، كما قال الله تعالى : } إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ { ([91]) ، وسئل النَّبيُّ r : مَنْ أكرمُ الناسِ ؟ قال : (( أتقاهُم لله U )) ([92]) . وفي حديث آخر : (( الكرمُ التَّقوى )) ([93]) ، والتَّقوى أصلُها في القلب ، كما قال تعالى : } وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ { ([94]) . وقد سبق ذكر هذا المعنى في الكلام على حديث أبي ذرٍّ الإلهي عند قوله : (( لو أنَّ أوَّلكم وآخرَكم وإنسَكُم وجنَّكُم كانوا على أتقى قلبِ رجلٍ واحد منكم ، ما زاد ذلك في مُلكي شيئاً )) ([95]) .
 
وإذا كان أصلُ التَّقوى في القُلوب ، فلا يطَّلعُ أحدٌ على حقيقتها إلا الله U ، كما قال r : (( إنَّ الله لا ينظرُ إلى صُورِكُم وأموالِكم ، ولكن ينظرُ إلى قلوبكم وأعمالكم )) ([96]) وحينئذ ، فقد يكونُ كثيرٌ ممَّن له صورةٌ حسنةٌ ، أو مالٌ ، أو جاهٌ ، أو رياسةٌ في الدنيا ، قلبه خراباً من التقوى ، ويكون من ليس له شيء من ذلك قلبُه مملوءاً مِنَ التَّقوى ، فيكون أكرمَ عند الله تعالى ، بل ذلك هو الأكثر وقوعاً ، كما في ” الصحيحين ” ([97]) عن حارثةَ بن وهبٍ ، عن النَّبيِّ r ، قال : (( ألا أُخبِرُكم بأهل الجنَّةِ : كلُّ ضعيف متضعَّفٍ ، لو أقسم على الله لأبرَّهُ ، ألا أخبركم بأهل النَّارِ : كلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُستكبِرٍ )) .
 
وفي ” المسند ” ([98]) عن أنس عن النَّبيِّ r ، قال : (( أمَّا أهلُ الجنَّة ، فكلُّ ضعيفٍ متضعَّفٍ ، أشعث ، ذي طِمرين ، لو أقسمَ على الله لأبرَّه ؛ وأمَّا أهلُ النَّارِ ، فكلُّ جَعْظَريٍّ جَوَّاظ جمَّاعٍ ، منَّاعٍ ، ذي تَبَع )) .
 
وفي ” الصحيحين ” ([99]) عن أبي هريرة ، عن النَّبيِّ r ، قال : (( تحاجَّت الجنَّةُ والنَّارُ ، فقالتِ النَّارُ : أُوثِرْتُ بالمتكبِّرينَ والمتجبِّرين ، وقالتِ الجنَّةُ : لا يدخُلُني إلا ضعفاءُ النَّاس وسَقَطُهم ، فقال الله للجنَّةِ : أنت رحمتي أرحمُ بك من أشاءُ من عبادي ، وقال للنار : أنت عذابي ، أعذِّبُ بكِ من أشاء من عبادي )) .
 
وخرَّجه الإمام أحمد ([100]) من حديث أبي سعيدٍ عن النَّبيِّ r قال : (( افتخرت الجنَّةُ والنَّارُ ، فقالت النار : يا ربِّ ، يدخُلُني الجبابرة والمتكبِّرون والملوكُ
والأشرافُ ، وقالت الجنَّةُ : يا ربِّ يدخُلُني الضُّعفاء والفقراءُ والمساكين )) وذكر الحديث .
 
وفي ” صحيح البخاري ” ([101]) عن سهل بن سعد ، قال : مرَّ رجلٌ على
رسولِ الله r ، فقال لرجل عنده جالس : (( ما رأيك في هذا ؟ )) فقالَ رجلٌ منْ أشراف الناس : هذا والله حريٌّ إنْ خطَب أنْ يُنكح ، وإنْ شفع أنْ يشفَّعَ ، وإن
قالَ أن يُسمَعَ لقوله ، قالَ : فسكت النَّبيُّ r ، ثُمَّ مرَّ رجلٌ آخر ، فقالَ لهُ
رسول الله r : (( ما رأيك في هذا ؟ )) قال : يا رسول الله ، هذا رجلٌ مِن
فقراء المسلمين ، هذا حريٌّ إنْ خطب أنْ لا يُنكحَ ، وإن شفع أن لا يشفَّع ،
وإنْ قال أنْ لا يُسمع لقوله ، فقال رسول r : (( هذا خيرٌ من ملءِ الأرض مثل
هذا )) .
 
وقال محمد بنُ كعب القُرَظيُّ في قوله تعالى : } إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ { ([102]) ، قال : تَخفِضُ رجالاً كانوا في الدُّنيا
مرتفعين ، وترْفَعُ رجالاً كانوا في الدُّنيا مخفوضين .
 
قوله r : (( بحسب امرئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يحقِرَ أخاه المسلم )) يعني : يكفيه مِنَ الشرِّ احتقارُ أخيه المسلم ، فإنَّه إنَّما يحتقرُ أخاه المسلم لتكبُّره عليه ، والكِبْرُ من أعظمِ خِصالِ الشَّرِّ ، وفي ” صحيح مسلم ” ([103]) عن النَّبيِّ r أنَّه قال : (( لا يدخلُ الجنَّة من في قلبه مثقالُ ذرَّةٍ من كِبْرٍ )) .
 
وفيه أيضاً ([104]) عنه أنَّه قال : (( العزُّ إزاره والكبر ([105]) ردائه ، فمن نازعني عذَّبتُه )) فمنازعته الله تعالى صفاته التي لا تليقُ بالمخلوق ، كفى بها شراً .
 
وفي ” صحيح ابن حبان ” ([106]) عن فَضالة بنِ عُبيدٍ ، عن النَّبيِّ r ، قال :
(( ثلاثة لا يُسأل عنهم : رجلٌ يُنازعُ الله إزاره ، ورجلٌ يُنازع الله رداءه ، فإنَّ رداءه الكبرياء ، وإزاره العزُّ ، ورجلٌ في شكٍّ من أمر الله تعالى والقُنوطِ من رحمة الله )) .
 
وفي ” صحيح مسلم ” ([107]) عن أبي هريرة ، عن النَّبيِّ r ، قال : (( من قال : هلكَ الناسُ ، فهو أهلكهم([108]) )) قال مالك : إذا قال ذلك تحزُّناً لما يرى في الناس ، يعني في دينهم فلا أرى به بأساً ، وإذا قال ذلك عُجباً بنفسه ، وتصاغُراً للناس ، فهو المكروهُ الذي نُهي عنه . ذكره أبو داود في ” سننه ” ([109]) .
 
قوله r : (( كلُّ المسلمِ على المسلمِ حرامٌ : دمهُ ومالُه وعِرضه )) هذا ممَّا كان النَّبيُّ r يخطب به في المجامع العظيمةِ ، فإنَّه خطب به في حَجَّة الوداع يومَ النَّحر ، ويومَ عرفةَ ، ويوم الثاني من أيَّام التَّشريق ، وقال : (( إنَّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرامٌ، كحُرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا ))([110]) وفي رواية للبخاري ([111]) وغيره : (( وأبشاركم )) .
 
وفي رواية : فأعادها مراراً ، ثم رفع رأسه ، فقالَ : (( اللَّهُمَّ هل بلَّغتُ ؟  اللهمَّ هل بلَّغت ؟ )) .
 
وفي رواية : ثم قال : (( ألا ليبلغِ الشاهدُ منكمُ الغائبَ )) ([112]) .
 
وفي رواية للبخاري ([113]) : (( فإنَّ الله حرّم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم إلا بحقها )) .
 
وفي رواية ([114]) : (( دماؤكم وأموالُكم وأعراضُكم عليكُم حرامٌ ، مثلُ هذا اليوم ، وهذا البلد إلى يوم القيامة ، حتّى دفعةٌ يدفعُها مسلمٌ مسلماً يريدُ بها سوءاً حرام )) .
 
وفي رواية ([115]) قال : (( المؤمنُ حرامٌ على المؤمن ، كحرمة هذا اليوم لحمُه عليه حرامٌ أنْ يأكُلَه ويغتابه بالغيب ، وعِرضُه عليه حرامٌ أنْ يخرِقَه ، ووجهُه عليه حرام أنْ يَلطِمَه ، ودمُه عليه حرام أنْ يسفِكَه ، وحرامٌ عليه أنْ يدفعه دفعةً تُعنته )) .
 
وفي ” سنن أبي داود ” ([116]) عن بعضِ الصَّحابة أنَّهم كانوا يسيرونَ مَعَ النَّبيِّ
r ، فنام رجلٌ منهم ، فانطلق بعضُهم إلى حبلٍ معه ، فأخذها ففزِعَ ، فقال النَّبيُّ r : (( لا يحلُّ لمسلم أنْ يروِّع مسلماً )) .
 
وخرَّج أحمد ([117]) وأبو داود ([118]) والترمذي ([119]) عن السَّائب بن يزيد ، عن النَّبيِّ r ، قال : (( لا يأخذ أحدُكم عصا أخيه لاعباً جادّاً ، فمن أخذَ عصا أخيه ، فليردَّها إليه )) . قال أبو عبيد : يعني أن يأخذ شيئاً لا يريد سرقتَه ، إنَّما يريدُ إدخالَ الغيظِ عليه ، فهو لاعبٌ في مذهب السرقة ، جادٌ في إدخال الأذى والروع عليه ([120]) .
 
وفي ” الصحيحين ” ([121]) عن ابنِ مسعودٍ ، عن النَّبيِّ r ، قال : (( إذا كنتم
ثلاثة ، فلا يتناجى([122]) اثنان دُونَ الثَّالث ، فإنَّ ذلك يُحزِنُهُ )) ولفظه لمسلم .
 
وخرَّج الطبراني ([123]) من حديث ابنِ عباس عن النَّبيِّ r ، قال : (( لا يتناجى اثنان دُونَ الثَّالث ، فإنَّ ذلك يُؤذي المؤمنَ ، واللهُ يكره أذى المؤمن )) .
 
وخرَّج الإمام أحمد ([124]) من حديث ثوبان ، عن النَّبيِّ r ، قال : (( لا تؤذوا عبادَ الله ، ولا تعيِّرُوهم ، ولا تطلبُوا عوراتهم ، فإنَّ من طلبَ عورةَ أخيه المسلمِ ، طلب اللهُ عورَته حتى يفضحَهُ في بيته )) .
 
وفي ” صحيح مسلم ” ([125]) عن أبي هريرة أنَّ النَّبيَّ r سُئِلَ عنِ الغيبة ، فقال : (( ذكرُك أخاكَ بما يكرهُ )) ، قال : أرأيت إنْ كان فيه ما أقولُ ؟ فقال : (( إن كان فيه ما تقولُ فقد اغتَبته ، وإنْ لم يكن فيه ما تقولُ ، فقد بهتَّه )) .
 
فتضمَّنت هذه النُّصوص كلُّها أنَّ المسلمَ لا يحِلُّ إيصالُ الأذى إليه بوجهٍ مِنَ الوجوهِ من قولٍ أو فعلٍ بغير حقٍّ ، وقد قال الله تعالى : } وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً { ([126]) .
 
وإنَّما جعلَ اللهُ المؤمنين إخوةً ليتعاطفوا ويتراحموا ، وفي ” الصحيحين ” ([127]) عن النعمان بن بشير ، عن النَّبيِّ r ، قال : (( مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفهم ، مَثَلُ الجسدِ ، إذا اشتكي منه عضوٌ ، تداعى له سائرُ الجسد بالحمَّى والسَّهر )) .
 
وفي رواية لمسلم ([128]) : (( المؤمنون كرجلٍ واحدٍ ، إنِ اشتكى رأسه تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر )) .
 
وفي رواية له أيضاً ([129]) : (( المسلمون كرجلٍ واحد إنِ اشتكى عينُه ، اشتكى كلُّه ، وإنِ اشتكى رأسُه ، اشتكى كلُّه )) .
 
وفيهما ([130]) عن أبي موسى ، عن النَّبيِّ r ، قال : (( المؤمن للمؤمن كالبُنيان ، يشدُّ بعضُه بعضاً )) .
 
وخرَّج أبو داود ([131]) من حديث أبي هُريرة ، عن النَّبيِّ r ، قال : (( المؤمن مرآةُ المؤمنِ ، المؤمنُ أخو المؤمنِ ، يكفُّ عنه ضيعتَه ، ويحوطُه من ورائِه )) . وخرَّجه الترمذي ([132]) ، ولفظه : (( إنَّ أحدَكُم مرآةُ أخيه ، فإنْ رأى به أذى ، فليُمطه عنه )) .
 
قال رجل لعمر بن عبد العزيز : اجعل كبيرَ المسلمين عندَك أباً ، وصغيرهم ابناً ، وأوسَطَهم أخاً ، فأيُّ أولئك تُحبُّ أنْ تُسيء إليه ([133]) ؟ ومن كلام يحيى بن معاذ الرازي : ليكن حظُّ المؤمن منك ثلاثة : إنْ لم تنفعه ، فلا تضرَّه ، وإنْ لم تُفرحه ، فلا تَغُمَّه ، وإنْ لم تمدحه فلا تَذُمَّه .
 
 

 
 
 
([1]) صحيح مسلم 8/10 ( 2564 ) ( 32 ) و( 33 ) .
 
وأخرجه : أحمد 2/277 و311 و360 ، وعبد بن حميد ( 1442 ) ، وابن ماجه ( 3933 )
و( 4213 ) ، والبيهقي في ” شعب الإيمان ” ( 11151 ) .
 
([2]) الثقات 5/586 .
 
([3]) انظر : العلل للدارقطني 11/222 ( 2242 ) .
 
([4]) أخرجه : هناد بن السري في ” الزهد ” ( 1390 ) من طريق أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، به .
 
([5]) في ” جامعه ” ( 1927 ) . 
 
([6]) في ” سننه ” ( 4882 ) .
 
([7]) صحيح البخاري 8/23 ( 6066 ) ، وصحيح مسلم 8/9 ( 2563 ) ( 28 ) .
 
وأخرجه : مالك في ” الموطأ ” ( 2640 ) برواية الليثي ، وابن المبارك في ” الجهاد ” ( 37 ) ، وأحمد 2/465 و517 ، وابن حبان ( 5687 ) .
 
([8]) أخرجه : البخاري 8/23 ( 6064 ) عن همام ، ومسلم 8/9 ( 2563 ) ( 29 ) عن العلاء ، عن أبيه .
 
([9]) في ” مسنده ” 3/491 .
 
وأخرجه : الطبراني في ” الكبير ” 22/( 183 ) ، وابن عدي في ” الكامل ” 9/87 .
 
([10]) كما في ” تحفة الأشراف ” 8/322 ( 11746 ) ، وذكر المزي في استدراكاته أنَّها في رواية أبي الحسن بن العبد .
 
([11]) أخرجه : البخاري 3/168 ( 2442 ) و9/28 ( 6951 ) ، ومسلم 7/18 ( 2580 )
( 58 ) .
 
([12]) في ” مسنده ” 2/91
 
وأخرجه : أبو داود ( 4893 ) ، والترمذي ( 1426 ) ، والنسائي في “الكبرى” ( 7291 )، وابن حبان ( 533 ) ، والطبراني في ” الكبير ” ( 13137 ) .
 
([13]) صحيح البخاري 8/23 ( 6065 ) و8/25 ( 6076 ) ، وصحيح مسلم 8/8 ( 2559 )
( 23 ) و8/9 ( 2559 ) ( 24 ) .
 
وأخرجه : الحميدي ( 1183 ) ، وأحمد 3/110 و209 و225 و277 و283 ، والترمذي
( 1935 ) ، وأبو داود ( 4910 ) .
 
([14]) أخرجه : الحميدي ( 7 ) .
 
([15]) أخرجه : أحمد 1/3 ، والبخاري في ” الأدب المفرد ” ( 724 ) ، وابن ماجه ( 3849 ) ، وأبو يعلى ( 121 ) .
 
([16]) البقرة : 109 .
 
([17]) النساء : 54 .
 
([18]) في ” مسنده ” 1/167 . 
 
([19]) في ” جامعه ” ( 2510 ) .
 
وأخرجه : الطيالسي ( 193 ) ، وأبو يعلى ( 669 ) ، والبيهقي 10/232 وفي ” شعب
الإيمان “، له ( 8747 ) ، وهو حديث ضعيف وإسناده معلول ، وقد أشار الترمذي إلى علته .
 
([20]) في ” سننه ” ( 4903 ) .
 
وأخرجه : عبد بن حميد ( 1430 ) ، والبيهقي في ” شعب الإيمان ” ( 6608 ) ، وهو حديث ضعيف قال فيه البخاري في ” تاريخه ” 1/72 : (( لا يصح )) .
 
([21]) في ” المستدرك ” 4/168 .
 
وأخرجه : الطبراني في ” الأوسط ” ( 9016 ) من طريق أبي هانئ ، عن أبي سعيد الغفاري ، عن أبي هريرة ، وقال : (( لم يرو هذا الحديث عن أبي سعيد إلاّ أبو هانئ )) ، قلت : وهو في عداد المجهولين فالحديث ضعيف .
 
([22]) انظر : تحفة الأحوذي 6/55 .
 
([23]) القصص : 79 .
 
([24]) صحيح البخاري 9/189 ( 7529 ) ، وصحيح مسلم 2/201 ( 815 ) ( 266 ) .
 
([25]) سبق تخريجه .
 
([26]) قال الحافظ ابن حجر في ” الفتح ” عقب ( 2142 ) : (( بفتح النون وسكون الجيم بعدها معجمة )) .
 
([27]) انظر : لسان العرب ( نجش ) .
 
([28]) صحيح البخاري 3/91 ( 2142 ) و9/31 ( 6963 ) ، وصحيح مسلم 5/5 ( 1516 ) ( 13 ) .
 
([29]) في ” صحيحه ” 3/91 معلقاً .
 
([30]) انظر : التمهيد 13/348 .
 
([31]) انظر : المغني 4/148 .
 
([32]) انظر : تحفة الأحوذي 4/442 ( ط . دار الكتب العلمية ) .
 
([33]) انظر : التمهيد 18/193 ، وحاشية الدسوقي 18/193 .
 
([34]) انظر : ” لسان العرب ” ( نجش ) .
 
([35]) فاطر : 43 .
 
([36]) أخرجه : ابن حبان ( 567 ) و( 5559 ) ، والطبراني في ” الكبير ” ( 10234 ) وفي
” الصغير ” ، له ( 725 ) ، وأبو نعيم في ” حلية الأولياء ” 4/189 ، والقضاعي في ” مسند الشهاب ” ( 253 ) و( 254 ) و( 354 ) ، وكل طرق الحديث لا تخلو من مقال .
 
([37]) في ” جامعه ” ( 1941 ) وقد سبق تخريجه .
 
([38]) أخرجه : الطيالسي ( 1698 ) ، والحميدي ( 1237 ) ، وأحمد 3/308 ، والبخاري 4/77 ( 3029 ) ، ومسلم 5/143 ( 1739 ) ( 17 ) و5/143 ( 1740 ) ( 18 ) ، وأبو داود ( 2636 ) ، والترمذي ( 1675 ) ، وابن الجارود في ” المنتقى ” ( 1051 ) ، وأبو يعلى ( 1826 ) و( 1968 ) و( 2121 ) .
 
([39]) في ” صحيحه ” 1/53 ( 54 ) ( 93 ) و( 94 ) .
 
وأخرجه : ابن أبي شيبة ( 25742 ) ، وأحمد 2/391 و442 و477 و495 و512 ، وأبو داود ( 5193 ) ، وابن ماجه ( 68 ) و( 3692 ) ، والترمذي ( 2688 ) ، وأبو عوانة 1/38 – 39 ، وابن حبان ( 236 ) ، والبيهقي 10/232 من حديث أبي هريرة ، به .
 
([40]) المائدة : 91 .
 
([41]) آل عمران : 103 .
 
([42]) الأنفال : 62 – 63 .
 
([43]) النساء : 114 .
 
([44]) الحجرات : 9 .
 
([45]) الأنفال : 1 .
 
([46]) في ” مسنده ” 6/444 .
 
([47]) في ” سننه ” ( 4919 ) .
 
([48]) في ” جامعه ” ( 2509 ) ، وقال : (( حسن صحيح )) .
 
وأخرجه : البخاري في ” الأدب المفرد ” ( 391 ) ، وابن حبان ( 5092 ) ، والبيهقي في
” الآداب ” ( 117 ) ، والبغوي ( 3538 ) . 
 
([49]) في ” مسنده ” 6/459 ، وإسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب .
 
([50]) أخرجه : أحمد 1/41 ، وهناد بن السري ( 876 ) ، والحاكم 4/439 ، والبيهقي 9/42 ، وفي إسناده مقال .
 
([51]) انظر : لسان العرب ( دبر ) .
 
([52]) سبق تخريجه . 
 
([53]) سبق تخريجه .
 
([54]) صحيح البخاري 8/26 ( 6077 ) و8/65 ( 6237 ) ، وصحيح مسلم 8/9 ( 2560 )
( 25 ) .
 
([55]) في ” سننه ” ( 4915 ) ، وقد أخرجه : ابن سعد في ” الطبقات ” 7/500 ، أحمد في
” المسند ” 4/220 ، والبخاري في ” الأدب المفرد ” ( 404 ) ، والبيهقي في ” شعب الإيمان ” ( 6631 ) ، وهو حديث صحيح .
 
([56]) انظر : التمهيد 6/127 .
 
([57]) انظر : معالم السنن 4/114 .
 
([58]) انظر : تحفة الأحوذي 6/51 ( ط . دار الكتب العلمية ) .
 
([59]) في ” سننه ” ( 4912 ) .
 
وأخرجه : البيهقي 10/63 ، وفي إسناده مقال .
 
([60]) انظر : التمهيد 6/127 – 128 .
 
([61]) انظر : التمهيد 6/128 .
 
([62]) صحيح البخاري 3/90 – 91 ( 2140 ) ، وصحيح مسلم 4/138 ( 1413 ) ( 51 ) .
 
([63]) 4/138 ( 1413 ) ( 51 ) .
 
([64]) أخرجه : البخاري 3/90 ( 2139 ) ، ومسلم 4/138 ( 1412 ) ( 49 ) .
 
([65]) في ” صحيحه ” 4/139 ( 1414 ) .
 
([66]) انظر : التمهيد 13/319 .
 
([67]) ” التمهيد ” 13/23 .
 
([68]) انظر : التمهيد 13/23 .
 
([69]) انظر : التمهيد 14/30 .
 
([70]) سقطت من ( ص ) .
 
([71]) في ” جامعه ” ( 2130 ) .
 
وأخرجه : الطيالسي ( 2333 ) ، وأحمد 2/405 ، والقضاعي في ” مسند الشهاب “
( 656 ) ، وهو حديث ضعيف لضعف أحد رجال إسناده ، وهو أبو معشر المدني .
 
([72]) أخرجه : البخاري في ” الأدب المفرد ” ( 594 ) ، وأبو يعلى ( 6148 ) ، والقضاعي في
” مسند الشهاب ” ( 657 ) ، وهو حديث حسن .
 
([73]) كما في ” كشف الأستار ” ( 1937 ) .
 
وأخرجه : الطبراني في ” الأوسط ” ( 1549 ) ، والقضاعي في ” مسند الشهاب ” ( 658 ) ، وهو ضعيف لضعف أحد رجال إسناده ، وهو عائذ بن شريح .
 
([74]) أخرجه : ابن وهب في ” الجامع للحديث ” ( 246 ) . 
 
([75]) أخرجه : أبو محمد الأنصاري في ” طبقات المحدثين بأصبهان ” 3/507 ، والخطيب في
” تأريخ بغداد ” 6/358 .
 
([76]) أخرجه : ابن أبي شيبة ( 35449 ) ، والطبري في ” تفسيره ” ( 12624 ) ، وطبعة التركي 11/257 ، وابن أبي حاتم في ” التفسير ” ( 9132 ) .
 
([77]) الأنفال : 63 .
 
([78]) الحجرات : 10 .
 
([79]) سبق تخريجه .
 
([80]) في ” صحيحه ” 3/168 ( 2444 ) .
 
([81]) في ” صحيحه ” 8/19 ( 2584 ) ( 62 ) .
 
([82]) في ” سننه ” ( 4884 ) .
 
وأخرجه : أحمد 4/30 ، والبخاري في ” التاريخ الكبير ” 1/374 ، ويعقوب بن سفيان في
” المعرفة ” 1/300 ، وفي إسناده مقال .
 
([83]) في ” مسنده ” 3/487 ، وإسناده ضعيف لضعف ابن لهيعة .
 
([84]) كما في ” كشف الأستار ” ( 3315 ) و( 3316 ) ، وهو معلول بالوقف والموقوف هو الصحيح كما ذكر البيهقي 8/168 .
 
([85]) المسند 4/183 ، وهو ضعيف .
 
([86]) في ” صحيحه ” 1/65 ( 91 ) ( 147 ) .
 
([87]) في ” مسنده ” 1/399 . 
 
([88]) في ” مسنده ” 1/427 .
 
وأخرجه : أبو يعلى ( 5291 ) ، والحاكم 4/182 .
 
([89]) انظر : لسان العرب ( غمص ) .
 
([90]) الحجرات : 11 .
 
([91]) الحجرات : 13 .
 
([92]) أخرجه : ابن أبي شيبة ( 31919 ) ، وأحمد 2/431 ، والدارمي ( 229 ) ، والبخاري 4/170 ( 3353 ) و4/216 ( 3490 ) ، ومسلم 7/103 ( 2378 ) ، والنسائي في
” الكبرى ” ( 11249 ) وفي ” التفسير ” ، له ( 269 ) عن أبي هريرة .
 
([93]) أخرجه : أحمد 5/10 ، وابن ماجه ( 4219 ) ، والترمذي ( 3271 ) ، والطبراني في
” الكبير ” ( 6912 ) و( 6913 ) ، والحاكم 2/163 و4/325 من طريق سلام بن أبي مطيع ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ، به مرفوعاً ، وقال الترمذي : (( حديث صحيح غريب )) ؛ لكن سلام بن أبي مطيع في روايته عن قتادة ضعف ، ثمَّ إنَّ الحسن لم يسمع كل ما رواه عن سمرة .
 
([94]) الحج : 32 .
 
([95]) سبق تخريجه ، ويعني بـ ( الإلهي ) : القدسي .
 
([96]) أخرجه : أحمد 2/285 و539 ، ومسلم 8/11 ( 2564 ) ( 34 ) ، وابن ماجه ( 4143 ) ، وابن حبان ( 394 ) ، وأبو نعيم في ” حلية الأولياء ” 4/98 ، والبغوي ( 4150 ) من حديث أبي هريرة .
 
([97]) صحيح البخاري 6/198 ( 4918 )، وصحيح مسلم 8/154 ( 2853 ) (46) و(47) .
 
([98]) 3/145 ، وفي سنده عبد الله بن لهيعة ضعيف ، ويغني عنه الحديث السابق .
 
([99]) صحيح البخاري 6/173 ( 4850 ) ، وصحيح مسلم 8/151 ( 2846 ) ( 36 ) .
 
([100]) في ” مسنده ” 3/13 و78 ، وإسناده لا بأس به .
 
([101]) 7/9 ( 5091 ) و8/118 – 119 ( 6447 ) .
 
([102]) الواقعة : 1 – 3 .
 
([103]) سبق تخريجه .
 
([104]) 8/35 ( 2620 ) .
 
([105]) في ” صحيح مسلم ” : (( والكبرياء )) . 
 
([106]) ( 4559 ) ، وهو حديث صحيح .
 
([107]) 8/36 ( 2623 ) .
 
([108]) جاء في ” صحيح مسلم ” عقب الحديث : (( قال أبو إسحاق : لا أدري ، أهلَكَهم بالنصب أو أهلكُهم بالرفع )) ، وقال النووي في شرحه 8/347 : (( روي ( أهلكهم ) وعلى وجهين مشهورين : رفع الكاف وفتحها ، والرفع أشهر ، ويؤيده أنَّه جاء في رواية رويناها في ” حلية الأولياء ” في ترجمة سفيان الثوري ( فهو من أهلكهم ) ، قال الحميدي في ” الجمع بين الصحيحين ” : الرفع أشهر ، ومعناها أشدهم هلاكاً ، وأما رواية الفتح فمعناها هو جعلهم هالكين ، لا أنَّهم هلكوا في الحقيقة )) .
 
([109]) عقيب ( 4983 ) .
 
([110]) أخرجه : أحمد 1/230 ، والبخاري 2/215 – 216 ( 1739 ) وفي ” خلق أفعال العباد ” ، له ( 39 ) و( 50 ) عن ابن عباس .
 
([111]) في ” صحيحه ” 9/63 ( 7078 ) .
 
([112]) أخرجه : البخاري 1/26 ( 67 ) .
 
([113]) في ” صحيحه ” 2/216 ( 1742 ) و8/18 ( 6043 ) و8/98 ( 6785 ) .
 
([114]) سبق تخريجه .
 
([115]) أخرجه : الطبراني في ” الكبير ” ( 3444 ) و( 3462 ) وفي ” مسند الشاميين ” ، له
( 1667 ) ، وفي إسناده مقال ، وانظر : مجمع الزوائد 3/272 .
 
([116]) ( 5004 ) .
 
وأخرجه : أحمد 5/362، والقضاعي في ” مسند الشهاب ” ( 878 ) ، والبيهقي 10/249 ، وهو حديث صحيح .
 
([117]) في ” مسنده ” 4/221 .
 
([118]) في ” سننه ” ( 5003 ) .
 
([119]) في ” جامعه ” ( 2160 ) .
 
وأخرجه : عبد بن حميد ( 437 ) ، والبخاري في ” الأدب المفرد ” ( 241 ) ، والطحاوي في
” شرح المعاني ” 4/243 وفي ” شرح المشكل ” ، له ( 1624 ) ، والطبراني في ” الكبير “
22/( 630 ) ، وقال الترمذي : (( حسن غريب )) .
 
([120]) انظر : غريب الحديث 3/67 .
 
([121]) صحيح البخاري 8/80 ( 6290 ) ، وصحيح مسلم 7/12 ( 2184 ) ( 37 ) .
 
([122]) قال الحافظ ابن حجر في ” الفتح ” عقيب ( 6288 ) : (( كذا للأكثر مقصورة ثابتة في الخط صورة ياء وتسقط في اللفظ لالتقاء الساكنين ، وهو بلفظ الخبر ومعناه النهي . وفي بعض النسخ بجيم فقط بلفظ النهي )) .
 
([123]) في ” الأوسط ” ( 2007 ) .
 
وأخرجه : أبو يعلى ( 2444 ) ، والحديث أعله البخاري بالإرسال في ” تاريخه الكبير ” 2/290 ( 2557 ) .
 
([124]) في ” مسنده ” 5/279 ، وإسناده لا بأس به .
 
([125]) 8/21 ( 2589 ) ( 70 ) .
 
([126]) الأحزاب : 58 .
 
([127]) صحيح البخاري 8/11 ( 6011 ) ، وصحيح مسلم 8/20 ( 2586 ) ( 66 ) .
 
([128]) في ” صحيحه ” 8/20 ( 2586 ) ( 67 ) .
 
([129]) 8/20 ( 2586 ) ( 67 ) .
 
([130]) صحيح البخاري 1/129 ( 481 ) و3/169 ( 2446 ) و8/14 ( 6026 ) ، وصحيح مسلم 8/20 ( 2585 ) ( 65 ) .
 
([131]) في ” سننه ” ( 4918 ) ، وإسناده لا بأس به .
 
([132]) في “جامعه” ( 1929 ) ، وضعف الحديث بقوله عقبه : (( ويحيى بن عبيد الله ضعفه شعبة )) .
 
([133]) أخرجه : الذهبي في ” سير أعلام النبلاء ” 8/429 .
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *