جامع العلوم والحكم
في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم
ابن رجب الحنبلي
الحديث السادس والعشرون
عَنْ أَبي هُرَيرةَ رضي الله عنه ، قال : قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (( كُلُّ سُلامَى([1]) مِنَ النَّاسِ عليهِ صَدَقةٌ ، كُلَّ يَوْمٍ تَطلُعُ فيه الشَّمْسِ : تَعدِلُ بَينَ الاثنينِ صدَقَةٌ ، وتُعينُ الرَّجُلَ في دابَّتِهِ، فتحمِلُهُ عليها ، أو تَرْفَعُ لهُ عليها متاعَهُ صَدَقةٌ ، والكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقةٌ ، وبِكُلِّ خُطوةٍ تَمشيها إلى الصَّلاةِ صَدَقةٌ ، وتُميطُ الأذى عَنِ الطَّريقِ صَدَقَةٌ )) . رواهُ البُخاريُّ ومُسلمٌ .
هذا الحديث خرَّجاه من رواية همَّام بن مُنَبِّه ، عن أبي هريرة([2]) ، وخرَّجه البزار([3]) من رواية أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال : (( الإنسان ثلاث مئة وستون عظماً ، أو ستة وثلاثون سلامى ، عليه في كلِّ يوم صدقةٌ )) قالوا : فمن لم يجد ؟ قالَ : (( يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر )) قالوا : فمن لم يستطع ؟ قال : (( يرفع عَظْماً عن الطَّريقِ )) قالوا : فمن لم يستطع ؟ قال : (( فليُعن ضعيفاً )) قالوا : فمن لم يستطع ذلك ؟ قال : (( فليدع النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ )) .
وخرَّج مسلم([4]) من حديث عائشة ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : (( خُلِقَ ابنُ آدم على ستين وثلاث مئة مَفْصِلٍ ، فمن ذكر الله ، وحَمِدَ الله ، وهلَّل الله ، وسبَّح الله ، وعزل حجراً عن طريق المسلمين ، أو عزل شوكةً ، أو عزل عظماً ، أو أمر بمعروفٍ ، أو نهى عن منكرٍ عددَ تلك الستين والثلاث مئة السُّلامى أمسى من يومه وقد زَحْزَحَ نفسه عن النَّارِ )) .
وخرَّج مسلم([5]) أيضاً من رواية أبي الأسود الدَّيلي، عن أبي ذرٍّ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال : (( يُصبح على كلِّ سُلامى مِن أحدكم صدقةٌ ، فكلُّ تسبيحةٍ صدقةٌ ، وكلُّ تحميدةٍ صدقةٌ ، وكلُّ تهليلةٍ صدقةٌ ، وكلُّ تكبيرةٍ صدقةٌ ، وأمرٌ بالمعروف صدقةٌ ، ونهيٌ عَنِ المُنكرِ صدقةٌ ، ويُجزئ من ذلك ركعتان يركعهما منَ الضُّحى )) .
وخرَّج الإمام أحمد([6]) ، وأبو داود([7]) من حديث بُريدة ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال : (( في الإنسان ثلاث مئة وستونَ مَفْصِلاً ، فعليه أنْ يتصدَّقَ عن كلِّ مَفصِلٍ منه بصدقة )) قالوا : ومَن يُطيق ذلك يا نبيَّ الله ؟ قال : (( النُّخَاعَةُ في المسجد تَدفنها ، والشَّيء تُنَحِّيه عن الطريق ، فإنْ لم تجد ، فركعتا الضحى تجزئُك )) .
وفي ” الصحيحين “([8]) عن أبي موسى ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : (( على كلِّ مسلمٍ
صدقةٌ )) قالوا : فإنْ لم يجد ؟ قالَ : (( فيعملُ بيده ، فينفع نفسَه ويتصدَّقُ )) قالوا : فإنْ لم يستطع ، أو لم يفعل ؟ قال : (( يُعينُ ذا الحاجة الملهوف )) ، قالوا : فإنْ لم يفعل ؟ قال : (( فليأمر بالخير أو قال : بالمعروف )) قالوا : فإنْ لم يفعل ؟ قال : (( فليُمسِكْ عَنِ الشَّرِّ ، فإنَّه له صدقة )) .
وخرَّج ابن حبان في ” صحيحه “([9]) من حديث ابن عباس ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال : (( على كُل مَنْسِمٍ([10]) من ابن آدم صدقة كُلَّ يوم )) فقال رجلٌ من القوم : ومن يُطِيق هذا ؟ قال : (( أمر بالمعروف صدقة ، ونهيٌّ عن المنكر صدقة ، والحملُ على الضَّعيف صدقة ، وكلُّ خطوةٍ يخطوها أحدُكم إلى الصَّلاة صدقةٌ )) . وخرَّجه البزار([11]) وغيره .
وفي رواية : (( على كل مِيسَم([12]) من الإنسان صدقةٌ كل يوم ، أو صلاة )) ، فقال رجل : هذا من أشدِّ ما أتيتنا به ، فقال : (( إنَّ أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر صلاةٌ أو صدقةٌ ، وحملك عن الضعيف صلاة ، وإنحاؤكَ القذرَ عَنِ الطَّريقِ صلاةٌ ، وكلُّ خطوةٍ تَخطوها إلى الصَّلاة صلاةٌ )) ([13]) . وفي رواية البزار : (( وإماطةُ الأذى عَنِ الطَّريق صدقةٌ )) أو قال : (( صلاةٌ )) .
وقال بعضهم : يريد بالمِيسم : كلَّ عضو على حِدة ، مأخوذ من الوسم : وهو العلامة ، إذ ما مِنْ عظم ولا عرق ولا عَصَبٍ إلا وعليه أثَرُ صنع الله ، فيجبُ على العبدِ الشكرُ على ذلك للهِ والحمد له على خلقه سوياً صحيحاً ، وهذا هو المراد بقوله : (( عليه صلاةٌ كلَّ يومٍ )) ؛ لأنَّ الصَّلاة تحتوي على الحمد والشكر والثناء .
وخرَّج الطبراني([14]) من وجه آخر عن ابن عباس رفع الحديث إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قالَ : (( على كلِّ سُلامَى ، أو على كلِّ عضوٍ من بني آدم في كلِّ يوم صدقة ، ويُجزئ من ذلك ركعتا الضحى )) .
ويُروى من حديث أبي الدرداء ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال : (( على كلِّ نفسٍ في كلِّ يومٍ صدقة )) قيل : فإنْ كان لا يجد شيئاً ؟ قال : (( أليس بصيراً شهماً فصيحاً صحيحاً ؟ )) قال : بلى ، قال : (( يُعطي من قليله وكثيره ، وإنَّ بصرَك للمنقوصِ بصرُه صدقةٌ ، وإنَّ سمعكَ للمنقوص سمعُهُ صدقة ))([15]) .
وقد ذكرنا في شرح الحديث الماضي – حديث أبي ذرٍّ – الذي خرَّجه ابن حبان في ” صحيحه “([16]) : أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : (( لَيسَ مِنْ نفسِ ابن آدم إلا عليها صدقةٌ في كلِّ يومٍ طلعت فيه الشمس )) ، قيل : يا رسولَ الله ، ومن أين لنا صدقة نتصدَّقُ بها ؟ قال : (( إنَّ أبوابَ الخيرِ لكثيرةٌ : التَّسبيحُ ، والتَّحميدُ ، والتَّكبيرُ ، والتَّهليلُ ، والأمرُ بالمعروف ، والنَّهيُ عن المُنكر ، وتُميط الأذى عن الطَّريقِ ، وتُسمِعُ الأصمَّ ، وتهدي الأعمى ، وتَدُلُّ المستدلَّ على حاجته ، وتسعى بشدَّة ساقيك مع اللَّهفان المستغيث ، وتحمل بشِدَّة ذراعيك معَ الضَّعيف ، فهذا كلُّه صدقةٌ منكَ على نفسِكَ )) .
فقوله صلى الله عليه وسلم : (( على كلِّ سُلامى مِن النَّاس عليه صدقة )) . قال أبو عُبيد : السُّلامى في الأصل([17]) عَظْمٌ يكون في فِرْسِنِ البعير ، قال : فكأنَّ معنى الحديث : على كُلِّ عظم من عظام ابن آدم صدقةٌ([18]) ، يُشير أبو عُبيد إلى أنَّ السُّلامى اسمٌ لبعض العظام الصغار التي في الإبل ، ثم عبَّرَ بها عن العظام في الجملة بالنسبة إلى الآدمي وغيره .
فمعنى الحديث عنده : على كُلِّ عظمٍ من عظام ابن آدم صدقة .
وقال غيرُه : السُّلامى : عظمٌ في طرف اليد والرِّجلِ ، وكني بذلك عن جميع عظام الجسد ، والسُّلامى جمعٌ ، وقيل : هو مفرد .
وقد ذكر علماء الطبِّ أنَّ جميعَ عظام البدن مئتان وثمانية وأربعون عظماً سوى السمسمانيات ، وبعضهم يقول : هي ثلاث مئة وستون عظماً ، يظهر منها للحسِّ مئتان وخمسة وستون عظماً ، والباقية صغارٌ لا تظهر تُسمى السمسمانية ، وهذه الأحاديث تُصدق هذا القول ، ولعلَّ السُّلامى عبر بها عن هذه العظام الصغار ، كما أنَّها في الأصل اسم لأصغر ما في البعير من العظام ، ورواية البزار لحديث أبي هريرة يشهد لهذا ، حيث قال فيها : (( أو ستةٌ وثلاثون سُلامى )) وقد خرَّجه غيرُ البزار ، وقال فيه : (( إنَّ في ابنِ آدمَ ست مئة وستين عظماً )) وهذه الرواية غلطٌ . وفي حديث عائشة وبُريدة ذكر ثلاث مئة وستين مفصلاً .
ومعنى الحديث : أنَّ تركيب هذه العظام وسلامتها مِن أعظم نِعَمِ الله على عبده ، فيحتاج كلُّ عظم منها إلى صدقة يتصدق ابنُ آدم عنه ، ليكونَ ذلك شكراً لهذه النعمة . قال الله U : } يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ {([19])، وقال U : } قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ {([20])، وقال
: } وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {([21])، وقال : } أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ {([22]) ، قال مجاهد : هذه نِعَمٌ من الله متظاهرةٌ يقرِّرُكَ بها كيما تَشكُر([23]) ، وقرأ الفُضيلُ ليلةً هذه الآية ، فبكى ، فسئل عن بكائِهِ ، فقال : هل بتَّ ليلة شاكراً لله أنْ جعل لك عينين تُبصر بهما ؟ هل بتَّ ليلةً شاكراً لله أنْ جعل لك لساناً تنطق به ؟ وجعل يعدِّد من هذا الضرب.
وروى ابنُ أبي الدُّنيا([24]) بإسناده عن سلمانَ الفارسي ، قال : إنَّ رجُلاً بُسِطَ له مِنَ الدُّنيا ، فانتزع ما في يديه ، فجعل يحمَدُ الله U ، ويُثني عليه ، حتَّى لم يكن له فراش إلا بوري([25]) ، فجعل يَحمد الله ، ويُثني عليه ، وبسط للآخر من الدنيا ، فقال لصاحب البُوري : أرأيتك أنتَ على ما تحمد الله U ؟ قال : أحْمَدُ اللهَ على ما لو أُعْطِيتُ به ما أُعْطِيَ الخَلقُ ، لم أُعْطِهِمْ إيَّاه ، قال : وما ذاك ؟ قال : أرأيتَ بصرَك ؟ أرأيت لسانَك ؟ أرأيت يديك ؟ أرأيت رجليك ؟
وبإسناده عن أبي الدرداء أنَّه كان يقول : الصِّحَّةُ غِنى الجسد([26]) .
وعن يونس بن عبيد : أنَّ رجلاً شكا إليه ضِيقَ حاله ، فقال له يونس : أيسُرُّك أنَّ لك ببصرك هذا الذي تُبصِرُ به مئة ألف درهم ؟ قال الرجل : لا ، قال : فبيدك مئة ألف درهم ؟ قال : لا ، قال : فبرجليك ؟ قال : لا ، قال : فذكَّره نِعَمَ الله عليه ، فقال يونس : أرى عندك مئين ألوفٍ وأنت تشكو الحاجة([27]) .
وعن وهب بن مُنَبِّهٍ ، قال : مكتوبٌ في حكمة آل داود : العافية المُلك الخفيُّ([28]) .
وعن بكر المزني قال : يا ابن آدم ، إنْ أردتَ أنْ تعلمَ قدرَ ما أنعمَ اللهُ عليك ، فغمِّضْ عينيك([29]) . وفي بعض الآثار : كم مِنْ نِعمَةٍ لله في عرقٍ ساكن([30]) .
وفي ” صحيح البخاري “([31]) عن ابن عباس ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال : (( نِعْمَتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس : الصِّحَّةُ والفراغ )) .
فهذه النِّعم مما يُسألُ الإنسانُ عن شكرها يومَ القيامة ، ويُطالب بها كما قال تعالى : } ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ {([32]) . وخرَّج الترمذيُّ([33]) وابنُ حبَّانَ([34]) من حديث أبي هريرة ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال : (( إنَّ أوَّلَ ما يُسأل العبد عنه يوم القيامة مِن النعيم ، فيقول له : ألم نصحَّ لك جسمَك ، ونُرْويكَ من الماء البارد ؟ )) .
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : النعيمُ : الأمنُ والصحة([35]). وروي عنه مرفوعاً([36]) .
وقال عليُّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : } ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ {([37])، قال : النعيم : صحَّةُ الأبدان والأسماع والأبصار ، يسأَلُ الله العبادَ : فيما استعملوها ؟ وهو أعلمُ بذلك منهم([38]) ، وهو قوله تعالى : } إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً {([39]) .
وخرَّج الطبراني([40]) من رواية أيوب بن عُتبة – وفيه ضعف([41]) – ، عن عطاء ، عن ابن عمر ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم : (( من قال : لا إله إلا الله ، كان لهُ بها عهدٌ عند الله ، ومن قال : سبحان الله وبحمده ، كتب له بها مئة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنة )) ، فقال رجل : كيف نَهلكُ بعدَ هذا يا رسول الله ؟ قال : (( إنَّ الرجلَ ليأتي يومَ القيامة بالعملِ ، لو وُضِعَ على جبل لأثقله ، فتقوم النِّعمَةُ مِن نعمِ اللهِ ، فتكاد أنْ تستنفد ذلك كلَّه ، إلاَّ أنْ يتطاول الله برحمته )) .
وروى ابن أبي الدنيا([42]) بإسنادٍ فيه ضعف أيضاً عن أنس ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال : (( يُؤتى بالنِّعم يومَ القيامة ، وبالحسنات والسيئات ، فيقول الله لنعمةٍ مِنْ نِعَمِهِ : خذي حقك من حسناته فما تترك له حسنةً إلا ذهبت بها )) .
وبإسناده عن وهب بن مُنَبِّه قال : عَبَدَ الله عابدٌ خمسين عاماً ، فأوحى الله U إليه : إني قد غفرتُ لك ، قال : يا ربِّ ، وما تغفر لي ولم أذنبْ ؟ فأذِنَ الله U لِعِرْقٍ في عنقه ، فضرب عليه ، فلم ينم ، ولم يُصلِّ([43]) ، ثم سكن وقام ، فأتاه مَلَكٌ ، فشكا إليه ما لقي من ضربان العرق ، فقال الملك : إنَّ ربَّك U يقول : عبادتُك خمسين سنة تعدل سكون ذا العرق([44]) .
وخرَّج الحاكم([45]) هذا المعنى مرفوعاً من رواية سليمان بن هرم القرشي ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم : أنَّ جبريل أخبره أنَّ عابداً عبد الله على رأس جبلٍ في البحر خمس مئة سنة ، ثم سأل ربَّه أنْ يَقبِضَهُ وهو ساجدٌ ، قال : فنحن نمُرُّ عليه إذا هبطنا وإذا عرَجنا ، ونجد في العلم أنَّه يُبعث يَوْمَ القيامةِ ، فيوقف بَيْنَ يدي الله U ، فيقول الربُّ U : أدخلوا عبدي الجنة برحمتي ، فيقولُ العبدُ : يا ربِّ ، بعملي ، ثلاثَ مرَّات ، ثم يقول الله للملائكة : قايسوا عبدي بنعمتي عليه وبعمله ، فيجدون نعمة البصر قد أحاطت بعبادةِ خمس مئة سنة ، وبقيت نِعَمُ الجسد له ، فيقول : أدخلوا عَبْديَ النار ، فيجرُّ إلى النار ، فينادي ربه : برحمتك أدخلني الجنَّة ، برحمتك ، فيدخله الجنَّة ، قال جبريل : إنَّما الأشياءُ برحمة الله يا محمد . وسُليمان بن هرم ، قال العقيلي : هو مجهول وحديثُه غيرُ محفوظ([46]) .
وروى الخرائطي([47]) بإسنادٍ فيه نظر عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً : (( يُؤتى بالعبد يومَ القيامة ، فيُوقَفُ بين يدي الله U فيقول للملائكة : انظرُوا في عمل عبدي ونعمتي عليه ، فينظرون فيقولون : ولا بقدْرِ نعمةٍ واحدةٍ من نِعَمِكَ عليه ، فيقول : انظروا في عمله سيِّئه وصالحه ، فينظرون فيجدونه كَفافاً ، فيقول : عبدي ، قد قبلتُ حسناتِك ، وغفرت لك سيِّئاتِك ، وقد وهبتُ لك نعمتي فيما بين
ذلك )) .
والمقصودُ : أنَّ الله تعالى أنعمَ على عباده بما لا يُحصونَه كما قال : } وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوهَا {([48])، وطلب منهمُ الشُّكرَ ، ورضي به منهم . قال سليمان التيمي : إنَّ الله أنعم على العباد على قدره ، وكلَّفهم الشكر على قدرهم حتى رَضِيَ منهم مِنَ الشُّكرِ بالاعتراف بقلوبهم بنعمه([49]) ، وبالحمد بألسنتهم عليها ، كما خرَّجه أبو داود([50]) والنَّسائي([51]) من حديث عبد الله بن غَنَّام ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال : (( من قال حينَ يُصبِحُ : اللهمَّ ما أَصبَحَ بي من نعمةٍ أو بأحدٍ من خلقك ، فمنك وحْدَكَ لا شريكَ لك ، فلكَ الحمدُ ولك الشُّكْرُ ، فقد أدَّى شُكْرَ ذلك اليومِ ، ومن قالها حين يُمسي أدَّى شكر ليلته )) . وفي روايةٍ للنَّسائي عن
عبد الله بن عباس([52]) .
وخرَّج الحاكم([53]) من حديث عائشة ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : (( ما أنعم الله على عبدٍ نعمةً ، فعلم أنَّها مِنْ عند الله إلا كتب الله له شُكرها قبل أنْ يَشكُرَها ، وما أذنَبَ عبدٌ ذنباً ، فندم عليه إلا كتب الله له مغفرته قبل أنْ يستغفره )) .
قال أبو عمرو الشيباني : قال موسى u يوم الطُّورِ : يا ربِّ ، إنْ أنا صلَّيتُ فمِنْ قِبَلِكَ ، وإنْ أنا تصدقت فمن قبلك ، وإنْ أنا بلَّغتُ رسالتَك فمن قبلك ، فكيف أشكرُكَ ؟ قال : الآن شكرتني([54]) .
وعن الحسن قال : قال موسى u : يا ربِّ ، كيف يستطيع آدم أنْ يؤدِّي شكرَ ما صنعت إليه ؟ خلقتَه بيدِكَ ، ونفخت فيه من رُوحِكَ ، وأسكنته جنَّتَكَ ، وأمرتَ الملائكة فسجدوا له ، فقال : يا موسى ، عَلِمَ أَنَّ ذلك مني ، فحمدني عليه ، فكان ذلك شكراً لما صنعته([55]) .
وعن أبي الجلد([56]) قال : قرأتُ في مسألة داود أنَّه قال : أي ربِّ كيف لي أنْ أشكُرَكَ وأنا لا أصلُ إلى شكرك إلاَّ بنعمتك ؟ قال : فأتاه الوحي : أنْ يا داود ، أليس تعلمُ أنَّ الذي بك من النِّعم مني ؟ قال : بلى يا ربِّ([57]) ، قال : فإنِّي أرضى
بذلك منك شكراً([58]) .
قال : وقرأتُ في مسألةِ موسى : يا ربِّ ، كيف لي أنْ أشكركَ وأصغرُ نعمةٍ وضعتَها عندي مِنْ نِعَمِكَ لا يُجازي بها عملي كله ؟ قال : فأتاه الوحيُ : أنْ يا موسى ، الآن شكرتني([59]) .
وقال أبو بكر بن عبد الله : ما قال عبد قطُّ : الحمدُ لله مرَّةً ، إلاَّ وجبت عليه نعمةٌ بقوله : الحمد لله ، فما جزاء تلك النَّعمة ؟ جزاؤها أنْ يقولَ : الحمد لله ، فجاءت نعمةٌ أخرى ، فلا تنفد نعماءُ الله([60]) .
وقد روى ابنُ ماجه([61]) من حديث أنسٍ مرفوعاً: (( ما أنعمَ الله على عبدٍ نعمةً، فقال : الحمدُ لله ، إلاَّ كان الذي أعطى أفضلَ مما أخذ )) .
وروينا نحوه من حديث شهر بن حوشب([62]) ، عن أسماء بنت يزيد مرفوعاً أيضاً .
وروي هذا عن الحسن البصري من قوله([63]) .
وكتب بعضُ عمال عمر بن عبد العزيز إليه : إني بأرضٍ قد كثُرَت فيها النِّعم، حتى لقد أشفقتُ على أهلها مِنْ ضعفِ الشُّكر ، فكتب إليه عُمَرُ : إنِّي قد كنتُ أراك أعلم بالله ممَّا أنتَ ، إنَّ الله لم يُنعم على عبدٍ نعمةً ، فحمِدَ الله عليها ، إلاَّ كان
حمدُه أفضلَ من نِعَمِه ، لو كنتَ لا تعرف ذلك إلاَّ في كتاب الله المنـزل ، قال الله تعالى : } وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالا الْحَمْدُ للهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ {([64]) ، وقال تعالى : } وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءوهَا { إلى قوله : } وَقَالُوا الْحَمْدُ للهِ {([65]) وأيّ نعمة أفضلُ من دخول الجنَّة([66]) ؟
وقد ذكر ابنُ أبي الدنيا في ” كتاب الشكر “([67]) عن بعض العُلماء أنَّه صوَّب هذا القولَ : أعني قولَ من قال : إنَّ الحمدَ أفضلُ من النِّعم ، وعن ابن عُيينة أنَّه خطَّأ قائلَه ، قال : ولا يكون فعلُ العبدِ أفضلَ من فعلِ الربِّ U([68]).
ولكن الصواب قول من صوَّبه ، فإنَّ المرادَ بالنعم : النعم الدنيوية ، كالعافية والرِّزق والصِّحَّة ، ودفع المكروه ، ونحو ذلك ، والحمد هو مِنَ النِّعم الدينية ، وكلاهما نعمةٌ مِنَ اللهِ ، لكن نعمة الله على عبده بهدايته لشكر نعمه بالحمد عليها أفضل من نعمه الدنيوية على عبده ، فإنَّ النعم الدنيوية إنْ لم يقترن بها الشُّكرُ ، كانت بليةً كما قال أبو حازم : كلُّ نعمةٍ لا تقرِّبُ مِنَ الله فهي بليَّةٌ([69]) ، فإذا وفَّقَ الله عبدَه للشكر على نعمه الدنيوية بالحمدِ أو غيره من أنواع الشكر ، كانت هذه النعمةُ خيراً من تلك النعم وأحبَّ إلى الله U منها ، فإنَّ الله يُحِبُّ المحامدَ ، ويرضى عن عبدِه أنْ يأكلَ الأكلة ، فيحمده عليها ، ويشرب الشربة ، فيحمَده عليها ، والثناء بالنِّعم والحمدُ عليها وشكرُها عندَ أهل الجود والكرم أحبُّ إليهم من أموالهم ، فهم يبذلُونَها طلباً للثناء ، والله U أكرمُ الأكرمين ، وأجودُ الأجودين ، فهو يَبذُلُ نِعَمَهُ([70]) لعباده ، ويطلب منهم الثناءَ بها ، وذكرها ، والحمد عليها ، ويرضى منهم بذلك شكراً عليها ، وإنْ كان ذلك كلُّه من فضله عليهم ، وهو غيرُ محتاجٍ إلى شكرهم ، لكنَّه يُحِبُّ ذلك من عباده ، حيث كان صلاحُ العبدِ وفلاحُه وكماله فيه . ومِن فضله أنَّه نسب الحمدَ والشُّكر إليهم ، وإنْ كان من أعظم نِعَمِه عليهم ، وهذا كما أنَّه أعطاهم ما أعطاهم من الأموال ، ثم استقرض منهم بعضَهُ ، ومدحهم بإعطائه ، والكلُّ ملكُه ، ومِنْ فضله ، ولكن كرمه اقتضى ذلك ، ومِنْ هُنا يُعلم معنى الأثرِ الذي جاء مرفوعاً([71]) وموقوفاً([72]) : (( الحمد لله حمداً يُوافي نعمَه ، ويكافئُ مزيده )) .
ولنرجع الآن إلى تفسير حديث : (( كلُّ سُلامى مِنَ النَّاس عليه صدقة كُلَّ يوم تطلع فيه الشَّمسُ )) .
يعني : أنَّ الصَّدقةَ على ابنِ آدمَ عن هذه الأعضاء في كُلِّ يومٍ من أيَّامِ الدُّنيا ، فإنَّ اليوم قد يُعَبَّرُ به عن مدَّةٍ أزيدَ مِنْ ذلك ، كما يقال : يوم صِفِّين ، وكان مدَّةَ أيَّام، وعن مطلق الوقت كما في قوله : } أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ {([73]). وقد يكون ذلك ليلاً ونهاراً ، فإذا قيل : كلَّ يوم تطلعُ فيه الشمس ، علم أنَّ هذه الصدقة على ابن آدم في كلِّ يوم يعيشُ فيه من أيام الدُّنيا ، وظاهرُ الحديث يدلُّ على أنَّ هذا الشُّكر بهذه الصَّدقة واجبٌ على المسلم كلَّ يوم ، ولكن الشُّكر على درجتين :
إحداهما : واجب ، وهو أنْ يأتي بالواجبات ، ويجتنب المحارم، فهذا لابدَّ منه، ويكفي في شكر هذه النِّعم ، ويدلُّ على ذلك ما خرَّجه أبو داود من حديث أبي الأسود الدِّيلي ، قال : كنا عند أبي ذرٍّ ، فقال : يُصبح على كُلِّ سُلامى مِنْ أحدكم في كُلِّ يومٍ صدقة ، فله بكلِّ صلاة صدقةٌ ، وصيام صدقة ، وحجٍّ صدقة ، وتسبيح صدقة ، وتكبير صدقة ، وتحميد صدقة ، فعدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مِنْ هذه الأعمال الصالحات قال : (( يجزئ أحدكم مِنْ ذلك ركعتا الضحى ))([74]) وقد تقدَّم في حديث أبي موسى([75]) المخرَّج في ” الصحيحين ” : (( فإنْ لم يفعل ، فليمسك عَنِ الشَّرِّ ، فإنَّه له صدقة )) . وهذا يدلُّ على أنَّه يكفيه أنْ لا يفعل شيئاً من الشرِّ ، وإنَّما يكون مجتنباً للشرِّ إذا قام بالفرائض ، واجتنبَ المحارمَ ، فإنَّ أعظمَ الشرِّ تركُ الفرائض ، ومن هنا قال بعضُ السَّلف : الشُّكرُ ترك المعاصي([76]) . وقال بعضهم : الشُّكرُ أنْ لا يُستعانَ بشيءٍ مِنَ النِّعَمِ على معصية([77]).
وذكر أبو حازمٍ الزاهد شُكْرَ الجوارح كُلِّها ، وأنْ تُكفَّ عن المعاصي وتُستعمل في الطاعات ، ثم قال : وأمَّا من شكر بلسانه ، ولم يشكر بجميع أعضائه ، فمثله كمثل رجل له كِساءٌ ، فأخذ بطرفه ، فلم يلبسه ، فلم ينفعه ذلك من الحر والبرد والثلج والمطر([78]) .
وقال عبد الرحمان بن زيد بن أسلم : لينظر العبدُ في نعم الله عليه في بدنه وسمعه وبصرِه ويديه ورجليه وغير ذلك ، ليس من هذا شيءٌ إلاَّ وفيه نعمةٌ من الله U ، حقٌّ على العبد أنْ يعملَ بالنِّعم التي في بدنه لله U في طاعته ، ونعمة أخرى في الرزق ، حق عليه أنْ يعمل لله U فيما أنعم عليه مِنَ الرِّزق في طاعته ، فمن عمل بهذا ، كان قد أخذ بحزم الشُّكر وأصله وفرعه([79]) . ورأى الحسن رجلاً يتبختر في مشيته ، فقال : للهِ في كُلِّ عُضوٍ منه نعمة ، اللهمَّ لا تجعلنا ممن يتقوَّى بنعمك على معصيتك .
الدرجة الثانية من الشكر : الشكر المستحبُّ ، وهو أنْ يعملَ العبدُ بعد أداءِ الفرائض ، واجتنابِ المحارم بنوافل الطَّاعات ، وهذه درجةُ السَّابقين المقرَّبين ، وهي التي أرشد إليها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث التي سبق ذكرُها ، وكذلك كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يجتهد في الصَّلاة ، ويقوم حتَّى تتفطَّر قدماه ، فإذا قيل له : أتفعلُ هذا وقد غَفَرَ الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخر ؟ فيقول : (( أفلا أكونُ عبداً شكوراً ؟ ))([80]) .
وقال بعضُ السَّلف : لما قال الله U : } اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً {([81]) ، لم يأتِ عليهم ساعةٌ من ليلٍ أو نهارٍ إلاَّ وفيهم مصلٍّ يُصلي([82]) .
وهذا مع أنَّ بعضَ هذه الأعمال التي ذكرها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم واجبٌ : إمَّا على الأعيان، كالمشي إلى الصلاة عندَ من يرى وجوبَ الصَّلاة في الجماعات في المساجد، وإما على الكفاية ، كالأمر بالمعروف ، والنَّهي عن المنكر ، وإغاثة الملهوف ، والعدلِ بينَ الناسِ ، إمَّا في الحكم بينهم ، أو في الإصلاح . وقد روي من حديث عبد الله بن عمرو ، عنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال : (( أفضلُ الصَّدقةِ إصلاحُ ذات البين ))([83]) .
وهذه الأنواع التي أشار إليها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم من الصدقة ، منها ما نفعُهُ متعدٍّ
كالإصلاح ، وإعانةِ الرَّجُلِ على دابته يحمله عليها أو يرفع متاعه عليها ، والكلمة الطيبة ، ويدخل فيها السلام ، وتشميتُ العاطس ، وإزالة الأذى عن الطَّريق ، والأمر بالمعروف ، والنَّهيُ عن المنكرِ ، ودفنُ النُّخامة في المسجد ، وإعانة ذي الحاجة الملهوف ، وإسماع الأصمّ ، والبصر للمنقوص بصره ، وهداية الأعمى أو غيره الطريق . وجاء في بعض روايات حديثِ أبي ذرٍّ : (( وبيانك عن الأَرتم صدقة )) يعني : من لا يُطيق الكلام([84]) ، إمَّا لآفةٍ في لسانه ، أو لِعُجْمة في لغته ، فيُبَيِّنُ عنه ما يحتاج إلى بيانه .
ومنه ما هو قاصرُ النَّفع : كالتَّسبيحِ ، والتَّكبير ، والتَّحميد ، والتَّهليل ، والمشي إلى الصَّلاةِ ، وصلاة ركعتي الضُّحى ، وإنَّما كانتا مجزئتين عن ذلك كلِّه ؛ لأنَّ في الصَّلاة استعمالاً للأعضاء كلِّها في الطَّاعة والعبادة ، فتكون كافيةً في شكر نعمه سلامة([85]) هذه الأعضاء . وبقية هذه الخصال المذكورة أكثرُها استعمالٌ لبعض أعضاء البدن خاصَّةً ، فلا تكمُلُ الصدقة بها حتَّى يأتيَ منها بعدد سُلامى البدن ، وهي ثلاث مئة وستون كما في حديث عائشة – رضي الله عنها – .
وفي ” المسند “([86]) عن ابنِ مسعود ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال : (( أتدرون أيُّ الصَّدقة أفضلُ وخير ؟ )) قالوا : الله ورسولُه أعلمُ . قال : (( المِنحة : أنْ تمنح أخاك الدَّراهم ، أو ظهرَ الدابَّةِ ، أو لبنَ الشَّاةِ أو لبنَ البقرة )) . والمراد بمنحة الدراهم : قرضُها ، وبمنحة ظهر الدَّابةِ إفقارها ، وهو إعارتها لمن يركبُها ، وبمنحة لبن الشاة أو البقرة أنْ يمنحه بقرةً أو شاةً ليشربَ لبنها ثمَّ يعيدها إليه ، وإذا أطلقت المنيحةُ ، لم تنصرِفْ إلاَّ إلى هذا .
وخرَّج الإمام أحمد([87]) والترمذي([88]) من حديث البراء بن عازبٍ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال : (( من منح منيحة لبن ، أو وَرِقٍ ، أو هدى زُقاقاً ، كان له مثلُ عِتْقِ رقبةٍ )) وقال الترمذي : معنى قوله : (( من منح منيحة وَرِق )) إنَّما يعني به قرض الدراهم ، وقوله : (( أو هدى زقاقاً )) إنَّما يعني به هداية الطريق ، وهو إرشادُ السبيل .
وخرَّج البخاري([89]) من حديث حسّان بن عطية ، عن أبي كبشةَ السَّلولي ، قال : سمعتُ عبد الله بنَ عمرٍو يقول : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : (( أربعون خَصلةً ، أعلاها منيحة([90]) العنْز([91]) ، ما مِنْ عاملٍ يعملُ بخصلةٍ منها رجاءَ ثوابها ، وتصديقَ
موعودها ، إلاَّ أدخله الله بها الجنة )) . قال حسان : فعددنا ما دونَ منيحة العنْزِ من ردِّ السَّلام ، وتشميت العاطس ، وإماطة الأذى عن الطَّريق ونحوه ، فما استَطعنا أنْ نبلُغَ خمس عشرة خصلة .
وفي ” صحيح مسلم “([92]) عن جابر ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال : (( حقُّ الإبل حلبُها على الماء ، وإعارةُ دلوها ، وإعارةُ فحلها ، ومنيحتها ، وحملٌ عليها في سبيل الله )) .
وخرَّج الإمامُ أحمد([93]) من حديث جابر ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال : (( كلُّ معروفٍ صدقةٌ ، ومِنَ المعروف أنْ تلقَى أخاكَ بوجهٍ طلقٍ ، وأنْ تُفرِغَ من دلوك في إنائه )) . وخرَّجه الحاكم([94]) وغيره بزيادة ، وهي : (( وما أنفق المرءُ على نفسه وأهلِه ، كُتِبَ له به صدقةٌ ، وما وقى به عرضَه كُتِبَ له به صدقة ، وكُلُّ نفقةٍ أنفقها مؤمن ، فعلى الله خَلَفُها ضامن إلاَّ نفقةً في معصيةٍ أو بنيانٍ )) .
وفي ” المسند “([95]) عن أبي جُري الهُجيمي، قال : سألتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ المعروف، فقال : (( لا تَحقِرنَّ من المعروف شيئاً ، ولو أنْ تُعْطيَ صِلةَ الحبلِ ، ولو أنْ تُعطي شِسْعَ النَّعلِ ، ولو أنْ تُفرِغَ من دلوكَ في إناء المستسقي ، ولو أنْ تُنَحِّي الشَّيءَ مِنْ طريق النَّاسِ يؤذيهم ، ولو أنْ تلقى أخاكَ ووجهُك إليه منطلق ، ولو أنْ تلقى أخاك فتسلِّمَ عليه ، ولو أنْ تُؤْنِسَ الوحشان في الأرض )) .
ومِنْ أنواع الصَّدقة : كفُّ الأذى عن النَّاس باليد واللسان ، كما في
” الصحيحين ” عن أبي ذرٍّ([96]) ، قلتُ : يا رسولَ الله ، أيُّ الأعمال أفضل ؟ قالَ
: (( الإيمانُ بالله ، والجهاد في سبيله )) قلتُ : فإنْ لم أفعل ؟ قال : (( تُعين صانعاً ، أو تصنع لأخرق([97]) )) ، قلت : أرأيت إنْ ضعُفت عن بعضِ العمل ؟ قال : (( تكفُّ شرَّكَ عن النَّاسِ ، فإنها صدقة )) .
وفي ” صحيح ابن حبان “([98]) عن أبي ذرٍّ قال : قلتُ : يا رسولَ الله ، دُلَّني على عملٍ ، إذا عملَ به العبدُ دخلَ به الجنَّةَ ، قال : (( يُؤمِنُ بالله )) قلت :
يا رسولَ الله ، إنَّ مع الإيمان عملاً ؟ قالَ : (( يرضخُ([99]) ممَّا رزقه الله )) ، قلت : وإنْ كانَ معدماً لا شيء لهُ ؟ قالَ : (( يقول معروفاً بلسانه )) ، قلتُ : فإنْ كانَ عيياً لا يُبلغُ عنه لسانُه ؟ قال : (( فيُعين مغلوباً )) ، قلت : فإنْ كان ضعيفاً لا قُدرةَ له ؟ قال : (( فليصنع لأخرق )) ، قلت : فإنْ كان أخرقَ ؟ فالتفت إليَّ ، فقال : (( ما تريدُ أنْ تدعَ في صاحبك شيئاً مِنَ الخيرِ ؟ فليدع النَّاس من أذاه )) ، قلتُ : يا رسول الله ، إنَّ هذا كلَّه ليسيرٌ ، قال : (( والذي نفسي بيده ، ما مِنْ عبدٍ يعملُ بخصلةٍ منها يُريد بها ما عندَ الله ، إلا أَخذت بيده يومَ القيامة حتى يدخل الجنَّة )) .
فاشترط في هذا الحديث لهذه الأعمال كلِّها إخلاص النية كما في حديث
عبد الله بن عمرو الذي فيه ذكر الأربعين خصلةً([100]) ، وهذا كما في قوله U : } لا
خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً {([101]). وقد رُوي عن الحسن ، وابن سيرين أنَّ فعلَ المعروف يُؤجَرُ عليه ، وإنْ لم يكن له فيه نيّة . سئل الحسنُ عن الرَّجلِ يسألُه آخَرُ حاجةً وهو يُبغِضُهُ ، فيُعطيه حياءً : هل له فيه أجر ؟ فقال : إنَّ ذلك لمن المعروف ، وإنَّ في المعروف لأجراً . خرَّجه حميدُ بنُ زنجويه .
وسُئِلَ ابنُ سيربن عن الرجل يتبع الجنازة ، لا يتبعها حسبةً ، يتبعها حياءً من أهلها : أله في ذلك أجرٌ ؟ فقالَ : أجرٌ واحد ؟ بل لهُ أجران : أجرٌ لِصلاته على أخيه ، وأجرٌ لصلته الحيّ . خرَّجه أبو نعيم في ” الحلية “([102]) .
ومن أنواع الصدقة : أداءُ حقوق المسلم على المسلم ، وبعضُها مذكورٌ في الأحاديث الماضية ، ففي ” الصحيحين “([103]) عن أبي هريرة ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال : (( حقُّ المسلم على المسلمِ خمسٌ ، ردُّ السَّلامِ ، وعيادةُ المريض ، واتِّباعُ الجنائز ، وإجابةُ الدَّعوة ، وتشميتُ العاطس )) وفي روايةٍ لمسلم([104]) : (( للمسلم على المسلم سِتٌّ )) ، قيل : ما هُنَّ يا رسول الله ؟ قال : (( إذا لقيته تُسلِّمُ عليه ، وإذا دعاك فأجبه ، وإذا استنصحك ، فانصح له ، وإذا عطس فَحَمِدَ الله ، فشمِّته ، وإذا مَرِضَ فعُدْهُ ، وإذا مات فاتَّبعه )) .
وفي ” الصحيحين “([105]) عن البراء قال : أمرنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بسبع : بعيادةِ
المريض واتِّباع الجنازة ، وتَشميتِ العاطس ، وإبرارِ القسم ، ونصر المظلوم ،
وإجابة الداعي ، وإفشاء السلام . وفي روايةٍ لمسلم([106]) : وإرشاد الضال ، بدل إبرار القسم .
ومن أنواع الصَّدقة : المشي بحقوق الآدميين الواجبة إليهم ، قال ابن عباس : من مشى بحقِّ أخيه إليه ليقضيه ، فله بكلِّ خطوة صدقة([107]) .
ومنها : إنظارُ المعسر ، وفي ” المسند “([108]) و” سنن ابن ماجه “([109]) عن بُريدة مرفوعاً : (( من أنظرَ معسراً ، فله بكلِّ يوم صدقة قبل أنْ يَحُلَّ الدَّيْنُ ، فإذا حلَّ الدين ، فأنظره بعد ذلك ، فله بكلِّ يوم مثله صدقة )) .
ومنها : الإحسّان إلى البهائم ، كما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لما سُئِلَ عن سقيها ، فقال : (( في كلِّ كبدٍ رطبةٍ أجر ))([110]) ، وأخبر أنَّ بغيّاً سقت كلباً يلهثُ مِن العطش ، فغفر لها([111]).
وأمَّا الصَّدقة القاصرةُ على نفس العامل بها ، فمثل أنواع الذكر مِن التَّسبيح ،
والتكبير ، والتحميد ، والتهليل ، والاستغفار ، والصلاة على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وكذلك
تلاوةُ القرآن ، والمشي إلى المساجد ، والجلوسُ فيها لانتظار الصلاة ، أو لاستماع الذكر .
ومن ذلك : التَّواضعُ في اللِّباس ، والمشي ، والهدي ، والتبذل في المهنة ، واكتساب الحلال ، والتحرِّي فيه .
ومنها أيضاً : محاسبةُ النفس على ما سلف من أعمالها ، والندم والتوبة من الذنوب السالفة ، والحزن عليها ، واحتقار النفس ، والازدراء عليها ، ومقتها في الله U ، والبكاء من خشية الله تعالى ، والتفكر في ملكوت السماوات والأرض ، وفي أمور الآخرة ، وما فيها مِنَ الوعد والوعيد ونحوِ ذلك مما يزيد الإيمانَ في القلب ، وينشأ عنه كثيرٌ من أعمال القلوب ، كالخشية ، والمحبَّةِ ، والرَّجاء ، والتوكُّل ، وغير ذَلِكَ . وقد قيل : إنَّ هذا التفكُّر أفضلُ من نوافل الأعمال البدنية ، روي ذَلِكَ عن غير واحد من التَّابعين ، منهم : سعيدُ بن المسيب([112]) ، والحسن([113]) ، وعمر بن
عبد العزيز ، وفي كلام الإمام أحمد ما يدلُّ عليهِ . وقال كعب : لأنْ أبكي من خشية الله أحبُّ إليَّ من أنْ أتصدَّق بوزني ذهباً([114]) .
([1]) السلامى : جمع سلامية ، وهي الأنملة من أنامل الأصابع ، وقيل : واحده وجمعه سواء ، ويجمع على سلاميات : وهي التي بين كل مفصلين من أصابع الإنسان ، وقيل : السلامى كل عظم مجوف من صغار العظام ، ومعنى الحديث : على كل عظم من عظام ابن آدم صدقة . انظر : النهاية 52/396 .
([2]) أخرجه : البخاري 3/245 ( 2707 ) و4/42 ( 2891 ) و4/68 ( 2989 ) ، ومسلم 3/83 ( 1009 ) ( 56 ) .
وأخرجه : ابن المبارك في ” الزهد ” ( 403 ) ، وأحمد 2/312 و316 و374 ، وابن أبي عاصم في ” الزهد ” ( 37 ) ، وابن خزيمة ( 1493 ) و( 1494 ) ، وابن حبان ( 472 ) ، والطبراني في ” مكارم الأخلاق ” ( 117 ) ، والبيهقي 3/229 و4/ 187 – 188 ، والبغوي ( 1645 ) . والروايات مطولة ومختصرة .
([3]) كما في ” كشف الأستار ” ( 928 ) ، وقال البزار : (( لا نعلم رواه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة إلا أبو عوانة )) .
([4]) في ” صحيحه ” 3/81 – 82 ( 1007 ) ( 54 ) .
([5]) في ” صحيحه 2/158 ( 720 ) ( 84 ) .
([6]) في ” مسنده ” 5/354 و359 ، وهو حديث صحيح لغيره .
([7]) في سننه ( 5242 ) .
([8]) صحيح البخاري 3/143 ( 1445 ) و8/13 ( 6022 ) ، وصحيح مسلم 3/83
( 1008 ) ( 55 ) .
([9]) الإحسان ( 299 ) ، وفي إسناده مقال ؛ لأنَّه من رواية سماك ، عن عكرمة وهي مضطربة ، إلا إنَّ للحديث ما يقويه .
([10]) أي : كل مفصل .
([11]) في ” مسنده ” ( 926 ) .
([12]) قال ابن الأثير : (( المراد به أن على كل عضو موسوم بصنع الله صدقة )) . انظر : النهاية 5/186 .
([13]) أخرجه : الطبراني في ” الكبير ” ( 11791 ) ، وهو كذلك من رواية سماك ، عن عكرمة .
([14]) في ” الأوسط ” ( 4449 ) وفي ” الصغير ” ، له ( 630 ) ، وقال الهيثمي في “مجمع الزوائد” 2/240 : (( رواه الطبراني في ” الصغير ” و” الأوسط ” ، وفيه من لم أجد له ترجمة )) .
([15]) لم أقف عليه بما تيسر لي من مصادر .
([16]) الإحسان ( 3377 ) .
([17]) عبارة : (( في الأصل )) سقطت من ( ص ) .
([18]) انظر : غريب الحديث 3/10 – 11 .
([19]) الانفطار : 6 – 8 .
([20]) الملك : 23 .
([21]) النحل : 78 .
([22]) البلد : 8 – 9 .
([23]) لم أقف على قول مجاهد وما وجدته عن قتادة .
أخرجه : الطبري في ” تفسيره ” ( 28891 ) ، وابن أبي حاتم في ” تفسيره ” ( 19319 ) .
([24]) في ” الشكر ” ( 100 ) ، ومن طريقه البيهقي في ” شعب الإيمان ” ( 4462 ) .
([25]) فارسي معرب وهو الحصير المعمول من القصب . لسان العرب 1/536 ( بور ) .
([26]) الشكر ( 102 ) .
وأخرجه : ابن عساكر في ” تاريخ دمشق ” 25/125 .
([27]) ذكره ابن الجوزي في ” صفة الصفوة ” 3/177 ، والذهبي في ” سير أعلام النبلاء ” 6/292.
([28]) أخرجه : ابن أبي الدنيا في ” الشكر ” ( 122 ) .
([29]) أخرجه : ابن أبي الدنيا في ” الشكر ” ( 182 ) ، ومن طريقه البيهقي في ” شعب الإيمان ” ( 4465 ) و( 4466 ) .
([30]) أخرجه : أبو نعيم في ” حلية الأولياء ” 1/210 عن أبي الدرداء .
وأخرجه : أبو نعيم في ” حلية الأولياء ” 7/211 عن سفيان الثوري ، وقال : فيه بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
([31]) الصحيح 8/109 ( 6412 ).
([32]) التكاثر : 8 .
([33]) في ” جامعه ” ( 3358 ) ، وقال : (( غريب )) على أنَّ إسناده لا ينْزل عن رتبة الحسن ؛ لذا أورده العلامة الألباني في صحيحته ( 539 ) .
([34]) في ” الإحسان “( 7364 ) .
([35]) أخرجه : هناد بن السري في ” الزهد ” ( 694 ) ، والطبري في ” تفسيره ” ( 29318 ) ، والبيهقي في ” شعب الإيمان ” ( 4615 ) .
([36]) ذكره ابن أبي حاتم في ” تفسيره ” ( 19461 ) .
([37]) التكاثر : 8 .
([38]) أخرجه : الطبري في ” تفسيره ” ( 29322 ) ، والبيهقي في ” شعب الإيمان ” ( 4613 ) .
([39]) الإسراء : 36 .
([40]) في ” الكبير ” ( 13595 ) وفي ” الأوسط ” ، له ( 1604 ) . انظر : مجمع الزوائد 10/420 .
([41]) قال عنه أحمد بن حنبل : مضطرب الحديث عن يحيى بن أبي كثير وفي غير يحيى على ذاك ، وقال عنه أبو حاتم : (( فيه لين ، قدم بغداد ولم يكن معه كتب فكان يحدّث من حفظه
على التوهم فيغلط )) ، وقال عنه أبو زرعة : (( ضعيف )) ، وقال عنه مسلم بن الحجاج
: (( ضعيف )) ، وقال عنه يحيى بن معين : (( ليس بالقوي )) ، وقال عنه ابن حجر
: (( ضعيف )) . انظر : الجرح والتعديل 2/182 ( 907 ) ، وتهذيب الكمال 1/320
( 610 ) ، والتقريب ( 619 ) .
([42]) في ” الشكر ” ( 24 ) .
وذكره الديلمي في ” مسند الفردوس ” ( 8763 ) .
وفيه صالح بن موسى قال عنه يحيى بن معين : (( ليس بشيء )) ، وقال عبد الرحمان بن أبي حاتم : (( سألت أبي عنه )) ، فقال : (( ضعيف الحديث ، منكر الحديث جداً كثير المناكير عن
الثقات )) ، قلت : (( يكتب حديثه )) ؟ قال : (( ليس يعجبني حديثه )) ، وقال عنه النَّسائي
: (( لا يكتب حديثه ، ضعيف )) . انظر : الجرح والتعديل 4/380 – 381 ( 1825 ) ، وتهذيب الكمال 3/437 – 438 ( 2827 ) .
وفيه أيضاً ليث بن أبي سليم سُئل عنه يحيى بن معين فقال : (( ليس حديثه بذاك ضعيف )) ، وقال عنه أبو حاتم وأبو زرعة : (( ليث لا يشتغل به ، هو مضطرب الحديث )) ، وقال عنه ابن حجر : (( صدوق اختلط جداً ولم يتميز حديثه فترك )) .
انظر : الجرح والتعديل 7/242 ( 1014 ) ، والتقريب ( 5685 ) .
([43]) عبارة : (( فلم ينم ولم يصل )) لم ترد في ( ص ) .
([44]) في ” الشكر ” ( 148 ) ، ومن طريقه أخرجه : أبو نعيم في ” حلية الأولياء ” 4/68 ، والبيهقي في ” شعب الإيمان ” ( 4622 ) .
([45]) في ” المستدرك ” 4/250 .
وأخرجه: العقيلي في “الضعفاء” 2/144 – 145 ، والبيهقي في ” شعب الإيمان “( 4620 ) .
([46]) انظر : الضعفاء 2/144 ( 638 ) ، وهذه القصة مع ضعف سندها ونكارة متنها تخالف نص القرآن : ) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ( [ النحل : 32 ] ، وانظر : ميزان الاعتدال للذهبي 2/228 .
([47]) في ” فضيلة الشكر ” ( 57 ) .
([48]) إبراهيم : 34 ، والنحل : 18 .
([49]) أخرجه : ابن أبي الدنيا في ” الشكر ” ( 8 ) ، والبيهقي في ” شعب الإيمان ” ( 4578 ) .
([50]) في ” سننه ” ( 5073 ) .
([51]) في ” الكبرى ” ( 9835 ) وفي ” عمل اليوم والليلة ” ، له ( 7 ) .
وأخرجه : ابن أبي عاصم في ” الآحاد والمثاني ” ( 2163 ) ، والبيهقي في ” شعب الإيمان “
( 4368 ) ، والبغوي ( 1328 ) ، وهذا الحديث حسنه ابن حجر في ” نتائج الأفكار ” 2/380 .
([52]) هذه الرواية ذكرها المزي في ” تحفة الأشراف ” 6/161 ( 8976 ) ، وقال : (( وهو خطأ )) وهذه الرواية أخرجها : ابن حبان ( 861 ) ، والطبراني في ” الدعاء ” ( 306 ) ، وقال الدكتور بشار في تعليقه على ” التحفة ” : (( وكذلك جزم ابن عساكر في ” الأطراف ” بأنه خطأ ثم قال : (( وقد وافق ابن وهب في رواية له الأكثر )) ، وقال أبو نعيم في ” المعرفة “
: (( من قال فيه عن ابن عباس فقد صحَّف )) ، بل إنَّ الحافظ ابن حجر قال في ” الإصابة ” 2/349 في ترجمة عبد الله بن غنام : (( وله حديث في سنن أبي داود والنسائي في القول عند الصباح ، وقد صحَّفه بعضهم ، فقال : ابن عباس ، وأخرج النسائي الاختلاف فيه )) ، لكن في ” النكت الظراف ” يشير إلى أنَّ القول بخطأ من قال : (( ابن عباس )) فيه نظر ، وقوله في
” الإصابة ” أجود ، وهو الموافق لما ذهب إليه المزي )) .
([53]) في ” المستدرك ” 1/514 و4/253 .
وأخرجه : ابن أبي الدنيا في ” الشكر ” ( 47 ) ، والبيهقي في ” شعب الإيمان ” ( 4379 ) .
والحديث ضعفه الذهبي في ” تلخيص المستدرك ” 1/514 و4/253 على أنَّ الحاكم لم يصححه في الموضع الأول وصححه في الموضع الثاني ، والصواب ما ذهب إليه الذهبي من ضعف الحديث .
([54]) أخرجه : الخرائطي في ” فضيلة الشكر ” ( 39 ) .
([55]) أخرجه : ابن أبي الدنيا في ” الشكر ” ( 12 ) ، ومن طريقه أخرجه : البيهقي في ” شعب الإيمان ” ( 4427 ) .
([56]) اسمه حيلان بن فروة . انظر : حلية الأولياء 6/54 .
([57]) (( يا رب )) لم ترد في ( ص ) .
([58]) أخرجه : ابن أبي شيبة في ” الشكر ” ( 5 ) ، وأحمد بن حَنْبل في ” الزهد ” ( 375 ) ، وأبو نعيم في ” حلية الأولياء ” 6/56 .
([59]) أخرجه : ابن أبي الدنيا في ” الشكر ” ( 6 ) ، وأحمد بن حنبل في ” الزهد ” ( 349 ) ، وأبو نعيم في ” حلية الأولياء ” 6/56 ، والبيهقي في ” شعب الإيمان ” ( 4415 ) .
([60]) أخرجه : ابن أبي الدنيا في ” الشكر ” ( 7 ) ، والبيهقي في ” شعب الإيمان ” ( 4408 ) .
([61]) في ” سننه ” ( 3805 ) ، وإسناده ضعيف لضعف شبيب بن بشر .
([62]) لم أقف على هذه الرواية ، وشهر بن حوشب ضعيف .
([63]) أخرجه : ابن أبي الدنيا في ” الشكر ” ( 111 ) ، والبيهقي في ” شعب الإيمان ” ( 4406 ).
([64]) النمل : 15 .
([65]) الزمر : 73 – 74 .
([66]) أخرجه : أبو نعيم في ” حلية الأولياء ” 5/293 .
([67]) الشكر ( 11 ) عن الحسن .
وأخرجه : البيهقي في ” شعب الإيمان ” ( 4586 ) .
([68]) ذكره : المناوي في ” فيض القدير ” 5/547 .
([69]) أخرجه : ابن أبي الدنيا في ” الشكر ” ( 20 ) ، وأبو نعيم في ” حلية الأولياء ” 3/320 ، والبيهقي في ” شعب الإيمان ” ( 4537 ) ، وابن الجوزي في ” صفة الصفوة ” 2/92 .
([70]) (( نعمه )) لم ترد في ( ص ) .
([71]) ذكره المنذري بصيغة التمريض في ” الترغيب والترهيب ” ( 2334 ) عن ابن عمر ، به مرفوعاً ، وقال : (( رواه البخاري في الضعفاء )) .
([72]) أخرجه : أبو الشيخ الأصبهاني في ” العظمة ” ( 1053 ) من طريق أبي صالح ، به .
([73]) هود : 8 .
([74]) تقدم تخريجه .
([75]) تقدم تخريجه .
([76]) أخرجه : أبن أبي الدنيا في ” الشكر ” ( 19 ) عن مخلد بن الحسين .
وأخرجه : البيهقي في ” شعب الإيمان ” ( 4547 ) عن محمد بن لوط .
([77]) أخرجه : البيهقي في ” شعب الإيمان ” ( 6045 ) عن الجنيد بلفظ : (( الشكر أن لا يعصى الله فيما أنعم به )) .
([78]) أخرجه : ابن أبي الدنيا في ” الشكر ” ( 129 ) ، وأبو نعيم في ” حلية الأولياء ” 3/246 ، والبيهقي في ” شعب الإيمان ” ( 4564 ) .
([79]) أخرجه : ابن أبي الدنيا في ” الشكر ” ( 188 ) .
([80]) أخرجه : البخاري 2/63 ( 1130 ) و6/169 ( 4836 ) ، ومسلم 8/140 ( 2819 ) ( 79 ) و(80 ) .
([81]) سبأ : 13 .
([82]) أخرجه : ابن أبي الدنيا في ” الشكر ” ( 74 ) ، والبيهقي في ” شعب الإيمان ” ( 4524 ) عن مسعر بن كدام .
([83]) أخرجه : عبد بن حميد ( 335 ) ، والبزار كما في ” كشف الأستار ” ( 2059 ) ، والقضاعي في ” مسند الشهاب ” ( 1280 ) ، والبيهقي في ” شعب الإيمان ” ( 11092 ) ، وهو حديث ضعيف لضعف عبد الرحمان بن زياد الإفريقي ، وهو يروي هنا عن شيخ مجهول .
([84]) انظر : لسان العرب 5/133 ( رتم ) .
([85]) عبارة : (( نعمه سلامة )) لم ترد في ( ص ) .
([86]) 1/463 ، وإسناده ضعيف لضعف إبراهيم الهجري .
([87]) في ” المسند ” 4/285 و286 و296 و300 و304 .
([88]) في ” جامعه ” ( 1957 ) ، وقال : (( حسن صحيح )) .
([89]) في ” صحيحه ” 3/217 ( 2631 ) .
([90]) قال ابن حجر : (( والمنيحة بالنون المهملة وزن عطية هي في الأصل العطية ، قال أبو عبيد : المنيحة عند العرب على وجهين أحدهما : أنْ يعطي الرجل صاحبه صلة فتكون له ، والآخر : أنْ يعطيه ناقة أو شاة ينتفع بحليبها ووبرها زماناً ثم يردها )) . انظر : فتح الباري 5/299 .
([91]) قال ابن حجر : (( بفتح المهملة وسكون النون بعدها زاي معروفة وهي واحدة المعز )) . انظر : فتح الباري 5/301 .
([92]) الصحيح 3/74 ( 988 ) ( 28 ) .
([93]) في ” مسنده ” 3/344 و360 ، وإسناده ضعيف لضعف المنكدر بن محمد بن المنكدر لكن للحديث شواهد يتقوى بها ، والله أعلم .
([94]) في ” المستدرك ” 2/50 .
وأخرجه : أبو يعلى ( 2040 ) ، والدارقطني في ” سننه ” ( 2872 ) ، والقضاعي في ” مسند الشهاب ” ( 94 ) ، والبيهقي 10/242 ، ورواية الحاكم في سندها عبد الحميد بن الحسن الهلالي ضعيف ، وتوبع في بعض المصادر بمن هو مثله من الضعفاء .
([95]) المسند 3/482 و4/65 ، وهو حديث صحيح .
([96]) أخرجه : البخاري 3/188 – 189 ( 2518 ) ، ومسلم 1/61 (84 ) ( 136 ) .
([97]) الأخرق الذي لا صنعة له . انظر : شرح السنة عقيب حديث ( 2418 ) .
([98]) الإحسان ( 373 ) .
وأخرجه : البزار كما في ” كشف الأستار ” ( 941 ) ، والطبراني في ” الكبير ” ( 1650 ) ، والحاكم 1/63 ، والبيهقي في ” شعب الإيمان ” ( 3327 ) ، وجميع أسانيده ضعيفة .
([99]) الرَّضخُ : العطية القليلة . انظر : النهاية 2/228 .
([100]) سبق تخريجه .
([101]) النساء : 114 .
([102]) الحلية 2/264 .
([103]) أخرجه : البخاري 2/90 ( 1240 ) ، ومسلم 7/3 ( 2162 ) ( 4 ) .
([104]) في ” صحيحه ” 7/2 ( 2162 ) ( 5 ) .
([105]) صحيح البخاري 2/90 ( 1239 ) و3/168 ( 2445 ) ، وصحيح مسلم 6/134
( 2066 ) ( 3 ) .
([106]) في ” صحيحه ” 6/134 ( 2066 ) ( 3 ) .
([107]) أخرجه : المروزي في ” تعظيم قدر الصلاة ” ( 823 ) .
([108]) المسند 5/351 و360 والحديث صحيح .
([109]) السنن ( 2418 ) .
([110]) أخرجه : مالك في ” الموطأ ” ( 2688 ) برواية يحيى الليثي ، وأحمد 2/375 و517 ، والبخاري 3/146 – 147 ( 2363 ) و3/173 – 174 ( 2466 )، و8/11 ( 6009 ) وفي ” الأدب المفرد ” ، له ( 378 ) ، ومسلم 7/43 ( 2244 ) ( 153 ) ، وأبو داود
( 2550 ) ، وأبو عوانة 3/365 و366 ، وابن حبان ( 544 ) ، والقضاعي في ” مسند الشهاب ” ( 113 ) ، والبيهقي 4/185 – 186 و8/14 ، والبغوي ( 384 ) .
([111]) أخرجه : أحمد 2/507 و510 ، والبخاري 4/158 ( 3321 )، ومسلم 7/43 ( 2245 ) ( 154 ) و( 155 ) ، وأبو يعلى ( 6035 ) و( 6044 ) ، وابن حبان ( 386 ) ، والبيهقي 8/14 ، والبغوي ( 1666 ) من حديث أبي هريرة ، به .
([112]) انظر : الطبقات لابن سعد 5/102 ، وحلية الأولياء لأبي نعيم 2/161 – 162 ، والزهد الكبير للبيهقي ( 830 ) .
([113]) انظر : الزهد لهناد ( 945 ) ، وحلية الأولياء لأبي نعيم 2/134 .
([114]) أخرجه : ابن أبي شيبة ( 35544 ) ، وأبو نعيم في ” حلية الأولياء ” 5/366 ، وابن الجوزي في ” صفة الصفوة ” 4/138 ، والمزي في ” تهذيب الكمال ” 6/170 ( 5569 ) .