كتاب الإحكام في أصول الأحكام للآمدي
أبو الحسن سيد الدين علي بن أبي علي بن محمد بن سالم الثعلبي الآمدي (المتوفى: 631هـ)
[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الْأَحْكَامِ الثَّابِتَةِ بِخِطَابِ الْوَضْعِ وَالْأَخْبَارِ]
[الصِّنْفُ الْأَوَّلُ الْحُكْمُ عَلَى الْوَصْفِ بِكَوْنِهِ سَبَبًا]
الْفَصْلُ السَّادِسُ
فِي الْأَحْكَامِ الثَّابِتَةِ بِخِطَابِ الْوَضْعِ وَالْأَخْبَارِ وَهِيَ عَلَى أَصْنَافٍ:
الصِّنْفُ الْأَوَّلُ: الْحُكْمُ عَلَى الْوَصْفِ بِكَوْنِهِ سَبَبًا
وَالسَّبَبُ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَمَّا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ بِهِ إِلَى مَقْصُودٍ مَا.
وَمِنْهُ سُمِّيَ الْحَبْلُ سَبَبًا وَالطَّرِيقُ سَبَبًا ; لِإِمْكَانِ التَّوَصُّلِ بِهِمَا إِلَى الْمَقْصُودِ. وَإِطْلَاقُهُ فِي اصْطِلَاحِ الْمُتَشَرِّعِينَ عَلَى بَعْضِ مُسَمَّيَاتِهِ فِي اللُّغَةِ، وَهُوَ كُلُّ وَصْفٍ ظَاهِرٍ مُنْضَبِطٍ دَلَّ الدَّلِيلُ السَّمْعِيُّ عَلَى كَوْنِهِ مُعَرِّفًا لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ. وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنَ الِاحْتِرَازِ.
وَهُوَ مُنْقَسِمٌ إِلَى مَا لَا يَسْتَلْزِمُ فِي تَعْرِيفِهِ لِلْحُكْمِ حِكْمَةً بَاعِثَةً عَلَيْهِ، كَجَعْلِ زَوَالِ الشَّمْسِ أَمَارَةً مُعَرِّفَةً لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} وَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ” «إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَصَلُّوا» “، وَكَجَعْلِ طُلُوعِ هِلَالِ رَمَضَانَ أَمَارَةً عَلَى وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ، وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ” «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ» ” وَنَحْوِهِ.
وَإِلَى مَا يَسْتَلْزِمُ حِكْمَةً بَاعِثَةً لِلشَّرْعِ عَلَى شَرْعِ الْحُكْمِ الْمُسَبَّبِ كَالشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ الْمُعَرِّفَةِ لِتَحْرِيمِ شُرْبِ النَّبِيذِ لَا لِتَحْرِيمِ شُرْبِ الْخَمْرِ فِي الْأَصْلِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ تَحْرِيمَ شُرْبِ الْخَمْرِ مَعْرُوفٌ بِالنَّصِّ أَوِ الْإِجْمَاعِ لَا بِالشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ (1) ، وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُعَرِّفَةً لَهُ فَهِيَ لَا يُعْرَفُ كَوْنُهَا عِلَّةً بِالِاسْتِنْبَاطِ إِلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ، وَذَلِكَ دَوْرٌ مُمْتَنِعٌ.
وَعَلَى هَذَا فَالْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ لَيْسَ هُوَ نَفْسَ الْوَصْفِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِالسَّبَبِيَّةِ، بَلْ حَكَمَ الشَّرْعُ عَلَيْهِ بِالسَّبَبِيَّةِ.
وَعَلَى هَذَا فَكُلُّ وَاقِعَةٍ عُرِفَ الْحُكْمُ فِيهَا بِالسَّبَبِ لَا بِدَلِيلٍ آخَرَ مِنَ الْأَدِلَّةِ السَّمْعِيَّةِ، فَلِلَّهِ تَعَالَى فِيهَا حُكْمَانِ: أَحَدُهُمَا الْحُكْمُ الْمُعَرِّفُ بِالسَّبَبِ، وَالْآخَرُ السَّبَبِيَّةُ الْمَحْكُومُ بِهَا عَلَى الْوَصْفِ الْمُعَرِّفِ لِلْحُكْمِ، وَفَائِدَةُ نَصْبِهِ سَبَبًا مُعَرِّفًا لِلْحُكْمِ
_________
(1) لَكِنَّهَا رُوعِيَتْ فِي إِثْبَاتِ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ بِالنَّصِّ، وَقَدِ اعْتَرَفَ الْمُؤَلِّفُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَبْلُ فِي قَوْلِهِ: وَإِلَى مَا يَسْتَلْزِمُ حِكْمَةً بَاعِثَةً لِلشَّرْعِ إِلَخْ.
(1/127)
________________________________________
عُسْرُ وُقُوفِ الْمُكَلَّفِينَ عَلَى خِطَابِ الشَّرْعِ فِي كُلِّ وَاقِعَةٍ مِنَ الْوَقَائِعِ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْوَحْيِ، حَذَرًا مِنْ تَعْطِيلِ أَكْثَرِ الْوَقَائِعِ عَنِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ (1) ، وَسَوَاءٌ كَانَ السَّبَبُ مِمَّا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ الْحُكْمُ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ وَطُلُوعِ الْهِلَالِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَسْبَابِ الضَّمَانَاتِ وَالْعُقُوبَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ، أَوْ غَيْرَ مُتَكَرِّرٍ بِهِ كَالِاسْتِطَاعَةِ فِي الْحَجِّ وَنَحْوِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ وَصْفًا وُجُودِيًّا أَوْ عَدَمِيًّا شَرْعِيًّا أَوْ غَيْرَ شَرْعِيٍّ، عَلَى مَا يَأْتِي تَحْقِيقُهُ فِي الْقِيَاسِ.
وَإِذَا أُطْلِقَ عَلَى السَّبَبِ أَنَّهُ مُوجِبٌ لِلْحُكْمِ فَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُوجِبُهُ لِذَاتِهِ وَصِفَةِ نَفْسِهِ وَإِلَّا كَانَ مُوجِبًا لَهُ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُعَرِّفٌ لِلْحُكْمِ لَا غَيْرُ (2) ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي تَحْدِيدِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَتِ السَّبَبِيَّةُ حُكْمًا شَرْعِيًّا لَافْتَقَرَتْ فِي مَعْرِفَتِهَا إِلَى سَبَبٍ آخَرَ يُعَرِّفُهَا، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ إِمَّا الدَّوْرُ إِنِ افْتَقَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ السَّبَبَيْنِ إِلَى الْآخَرِ – وَأَيْضًا فَإِنَّ الْوَصْفَ الْمُعَرِّفَ لِلْحُكْمِ إِمَّا يُعَرِّفُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِصِفَةٍ زَائِدَةٍ – وَإِمَّا التَّسَلْسُلُ وَهُوَ مُحَالٌ.
فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مُعَرِّفًا لَهُ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ وَهُوَ مُحَالٌ، وَإِنْ كَانَ بِصِفَةٍ زَائِدَةٍ عَلَيْهِ فَالْكَلَامُ فِي تِلْكَ الصِّفَةِ كَالْكَلَامِ فِي الْأَوَّلِ وَهُوَ تَسَلْسُلٌ مُمْتَنِعٌ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الطَّرِيقَ إِلَى مَعْرِفَةِ كَوْنِ الْوَصْفِ سَبَبًا لِلْحُكْمِ إِنَّمَا هُوَ مَا يَسْتَلْزِمُهُ مِنَ الْحِكْمَةِ الْمُسْتَدْعِيَةِ لِلْحُكْمِ مِنْ جَلْبِ مَصْلَحَةٍ أَوْ دَفْعِ مَفْسَدَةٍ، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ لِوَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَتِ الْحِكْمَةُ مُعَرِّفَةً لِحُكْمِ السَّبَبِيَّةِ لَأَمْكَنَ تَعْرِيفُ الْحُكْمِ الْمُسَبَّبِ بِهَا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى تَوَسُّطِ الْوَصْفِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ.
الثَّانِي: أَنَّ الْحِكْمَةَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ قَدِيمَةً أَوْ حَادِثَةً.
فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ لَزِمَ مِنْ قِدَمِهَا قِدَمُ مُوجِبِهَا وَهُوَ مَعْرِفَةُ السَّبَبِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ مُعَرِّفٍ آخَرَ لِخَفَائِهَا، وَالتَّقْسِيمُ فِي ذَلِكَ الْمُعَرِّفِ عَائِدٌ بِعَيْنِهِ.
_________
(1) انْظُرْ صَفْحَةَ 28 ج 19 مَجْمُوعَ الْفَتَاوَى.
(2) الْحَقُّ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْحُكْمَ بِنَفْسِهِ وَلَا هُوَ مُجَرَّدُ مُعَرِّفٍ وَأَمَارَةٍ لِلْحُكْمِ، بَلْ هُوَ مَعْنًى فِي الْفِعْلِ وَنَحْوِهِ، أَوْ أَمْرٌ لَازِمٌ لَهُ، رَعَاهُ الشَّرْعُ فِي إِثْبَاتِ الْحُكْمِ عَلَى وَفْقِهِ.
(1/128)
________________________________________
قُلْنَا: مَعْرِفَةُ السَّبَبِيَّةِ مُسْتَنِدَةٌ إِلَى الْخِطَابِ (1) أَوْ إِلَى الْحِكْمَةِ الْمُلَازِمَةِ لِلْوَصْفِ مَعَ اقْتِرَانِ الْحُكْمِ بِهَا فِي صُورَةٍ (2) ، فَلَا تَسْتَدْعِي سَبَبًا آخَرَ يُعَرِّفُهَا حَتَّى يَلْزَمَ الدَّوْرُ أَوِ التَّسَلْسُلُ، وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ هَاهُنَا يَكُونُ دَفْعُ إِشْكَالِ الثَّانِي (3) أَيْضًا. (4) وَأَمَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ مِنَ الْإِشْكَالِ الثَّالِثِ: فَالْوَجْهُ فِي دَفْعِهِ أَنَّ الْحِكْمَةَ الْمُعَرِّفَةَ لِلسَّبَبِيَّةِ لَيْسَ مُطْلَقَ حِكْمَةٍ بَلِ الْحِكْمَةُ الْمَضْبُوطَةُ بِالْوَصْفِ الْمُقْتَرِنِ بِالْحُكْمِ، فَلَا تَكُونُ بِمُجَرَّدِهَا مَعْرِفَةً لِلْحُكْمِ، فَإِنَّهَا إِذَا كَانَتْ خَفِيَّةً غَيْرَ مَضْبُوطَةٍ بِنَفْسِهَا وَلَا بِمَلْزُومِهَا مِنَ الْوَصْفِ، فَلَا يُمْكِنُ تَعْرِيفُ الْحُكْمِ بِهَا لِعَدَمِ الْوُقُوفِ عَلَى مَا بِهِ التَّعْرِيفُ لِاضْطِرَابِهَا وَاخْتِلَافِهَا بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَالْأَزْمَانِ، وَمَا هَذَا شَأْنُهُ فَدَأْبُ (5) الشَّارِعِ فِيهِ رَدُّ النَّاسِ إِلَى الْمَظَانِّ الظَّاهِرَةِ الْمُنْضَبِطَةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِاحْتِمَالِ الْحِكْمَةِ دَفْعًا لِلْعُسْرِ وَالْحَرَجِ عَنْهُمْ.
وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْهُ: فَالْوَجْهُ فِي دَفْعِهِ أَنْ يُقَالَ: الْحِكْمَةُ إِذَا كَانَتْ مَضْبُوطَةً بِالْوَصْفِ فَهِيَ مَعْرُوفَةٌ بِنَفْسِهَا غَيْرُ مُفْتَقِرَةٍ إِلَى مُعَرِّفٍ آخَرَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَقَدُّمِهَا عَلَى وُرُودِ الشَّرْعِ أَنْ تَكُونَ مُعَرِّفَةً لِلسَّبَبِيَّةِ لِتَوَقُّفِ ذَلِكَ عَلَى اعْتِبَارِهَا فِي الشَّرْعِ، وَلَا اعْتِبَارَ لَهَا قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ، وَإِذَا عُرِفَ مَعْنَى السَّبَبِ شَرْعًا فَلَوْ تَخَلَّفَ الْحُكْمُ عَنْهُ فِي صُورَةٍ مِنَ الصُّوَرِ فَهَلْ تَبْطُلُ سَبَبِيَّتُهُ أَمْ لَا؟ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ فِيمَا بَعْدُ.
_________
(1) مِثْلُ: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) .
(2) مِثْلُ سَبَبِيَّةِ الْغَضَبِ فِي مَنْعِ الْقَاضِي مِنَ الْحُكْمِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ، وَذَلِكَ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى التَّشْوِيشِ الْمَانِعِ مِنْ دِقَّةِ النَّظَرِ وَاسْتِيفَاءِ وَسَائِلِ الْحُكْمِ كَمَا يَنْبَغِي.
(3) فَإِنَّ مَعْرِفَةَ السَّبَبِيَّةِ إِمَّا بِالْخِطَابِ وَلَا خِطَابَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ، وَإِمَّا بِالْحِكْمَةِ الَّتِي يَتَضَمَّنُهَا الْوَصْفُ مَعَ اقْتِرَانِ الْحُكْمِ، وَلَا حُكْمَ قَبْلَ الشَّرْعِ.
(4) لَعَلَّهُ الْإِشْكَالُ الثَّانِي.
(5) لَوْ قَالَ: فَسُنَّةُ الشَّارِعِ فِيهِ. لَكَانَ أَنْسَبَ.
(1/129)
________________________________________
[الصِّنْفُ الثَّانِي الْحُكْمُ عَلَى الْوَصْفِ بِكَوْنِهِ مَانِعًا]
وَالْمَانِعُ مُنْقَسِمٌ إِلَى مَانِعِ الْحُكْمِ، وَمَانِعِ السَّبَبِ.
أَمَّا مَانِعُ الْحُكْمِ، فَهُوَ كُلُّ وَصْفٍ وُجُودِيٍّ ظَاهِرٍ مُنْضَبِطٍ مُسْتَلْزِمٍ لِحِكْمَةٍ مُقْتَضَاهَا بَقَاءُ نَقِيضِ حُكْمِ السَّبَبِ مَعَ بَقَاءِ حِكْمَةِ السَّبَبِ، كَالْأُبُوَّةِ (1) فِي بَابِ الْقِصَاصِ مَعَ الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ.
وَأَمَّا مَانِعُ السَّبَبِ، فَهُوَ كُلُّ وَصْفٍ يُخِلُّ وُجُودُهُ بِحِكْمَةِ السَّبَبِ يَقِينًا، كَالدَّيْنِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ مَعَ مِلْكِ النِّصَابِ.
[الصِّنْفُ الثَّالِثُ الشَّرْطُ]
وَالشَّرْطُ مَا كَانَ عَدَمُهُ مُخِلًّا بِحِكْمَةِ السَّبَبِ، فَهُوَ شَرْطُ السَّبَبِ كَالْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ فِي بَابِ الْبَيْعِ، وَمَا كَانَ عَدَمُهُ مُشْتَمِلًا عَلَى حِكْمَةٍ مُقْتَضَاهَا نَقِيضُ حُكْمِ السَّبَبِ مَعَ بَقَاءِ حِكْمَةِ السَّبَبِ فَهُوَ شَرْطُ الْحُكْمِ، كَعَدَمِ الطَّهَارَةِ فِي الصَّلَاةِ مَعَ الْإِتْيَانِ بِمُسَمَّى الصَّلَاةِ، وَالْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ فِي ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ (2) قَضَاءُ الشَّارِعِ عَلَى الْوَصْفِ بِكَوْنِهِ مَانِعًا أَوْ شَرْطًا لَا نَفْسَ الْوَصْفِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَقَدْ يَرِدُ هَاهُنَا مِنَ الْإِشْكَالَاتِ مَا وَرَدَتْ عَلَى السَّبَبِ، وَالْوَجْهُ فِي دَفْعِهَا مَا سَبَقَ.
[الصِّنْفُ الرَّابِعُ الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ]
وَهِيَ فِي اللُّغَةِ مُقَابِلٌ لِلسَّقَمِ وَهُوَ الْمَرَضُ.
وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ فَقَدْ تُطْلَقُ الصِّحَّةُ عَلَى الْعِبَادَاتِ تَارَةً، وَعَلَى عُقُودِ الْمُعَامَلَاتِ تَارَةً.
أَمَّا فِي الْعِبَادَاتِ، فَعِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ: الصِّحَّةُ عِبَارَةٌ عَنْ مُوَافَقَةِ أَمْرِ الشَّارِعِ وَجَبَ الْقَضَاءُ أَوْ لَمْ يَجِبْ. وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ: الصِّحَّةُ عِبَارَةٌ عَنْ سُقُوطِ الْقَضَاءِ بِالْفِعْلِ، فَمَنْ صَلَّى وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُتَطَهِّرًا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ لِمُوَافَقَةِ أَمْرِ الشَّارِعِ بِالصَّلَاةِ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ، وَغَيْرُ صَحِيحَةٍ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ لِكَوْنِهَا غَيْرَ مُسْقِطَةٍ لِلْقَضَاءِ.
_________
(1) الْأُبُوَّةُ مِنَ الصِّفَاتِ الْإِضَافِيَّةِ، وَقَدِ اعْتَبَرَهَا الْمُؤَلِّفُ هُنَا وَصْفًا وُجُودِيًّا مُقْتَضِيًا بَقَاءَ نَقِيضِ حُكْمِ السَّبَبِ، وَجَعْلِهَا مُلْحَقَةً بِالْأَوْصَافِ الْعَدَمِيَّةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ مَسَائِلِ شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ فِي بَاب الْقِيَاسِ.
(2) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِمَا ذُكِرَ فِي الصِّنْفِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ.
(1/130)
________________________________________
وَأَمَّا فِي عُقُودِ الْمُعَامَلَاتِ، فَمَعْنَى صِحَّةِ الْعَقْدِ تَرَتُّبُ ثَمَرَتِهِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْهُ عَلَيْهِ. وَلَوْ قِيلَ لِلْعِبَادَةِ صَحِيحَةٌ بِهَذَا التَّفْسِيرِ فَلَا حَرَجَ، وَمَنْ فَسَّرَ صِحَّةَ الْعَقْدِ بِإِذْنِ الشَّارِعِ فِي الِانْتِفَاعِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَهُوَ فَاسِدٌ، فَإِنَّ الْبَيْعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ صَحِيحٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ إِذْنُ الشَّارِعِ بِالِانْتِفَاعِ بِتَقْدِيرِ الْفَسْخِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَطَّرِدُ هَذَا التَّفْسِيرُ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْعِبَادَاتِ، وَإِنْ صَحَّ فَالنِّزَاعُ فِي أَمْرٍ لَفْظِيٍّ، وَلَا بَأْسَ بِتَفْسِيرِ كَوْنِ الْعِبَادَةِ مُجْزِيَةً بِكَوْنِهَا مُسْقِطَةً لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ، وَحَيْثُ لَمْ تَكُنْ مُتَّصِفَةً بِكَوْنِهَا مُجْزِيَةً عِنْدَ أَدَائِهَا مَعَ اخْتِلَالِ شَرْطِهَا وَسُقُوطِ الْقَضَاءِ بِالْمَوْتِ، إِنَّمَا كَانَ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْقُطِ الْقَضَاءُ بِفِعْلِهَا بَلْ بِالْمَوْتِ.
[الصِّنْفُ الْخَامِسُ الْحُكْمُ بِالْبُطْلَانِ]
وَهُوَ نَقِيضُ الصِّحَّةِ بِكُلِّ اعْتِبَارٍ مِنَ الِاعْتِبَارَاتِ السَّابِقَةِ.
وَأَمَّا الْفَاسِدُ فَمُرَادِفٌ لِلْبَاطِلِ عِنْدَنَا، وَهُوَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ قِسْمٌ ثَالِثٌ مُغَايِرٌ لِلصَّحِيحِ وَالْبَاطِلِ، وَهُوَ مَا كَانَ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ مَمْنُوعًا بِوَصْفِهِ، كَبَيْعِ مَالِ الرِّبَا بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا وَنَحْوِهِ، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ ذَلِكَ فِي الْمَنَاهِي.
[الصِّنْفُ السَّادِسُ الْعَزِيمَةُ وَالرُّخْصَةُ]
(1) أَمَّا الْعَزِيمَةُ، فَفِي اللُّغَةِ الرُّقْيَةُ، وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ عَقْدِ الْقَلْبِ الْمُؤَكَّدِ عَلَى أَمْرٍ مَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} أَيْ قَصْدًا مُؤَكَّدًا.
وَمِنْهُ سُمِّيَ بَعْضُ الرُّسُلِ ” أُولُو الْعَزْمِ ” لِتَأَكُّدِ قَصْدِهِمْ فِي إِظْهَارِ الْحَقِّ.
وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ، فَعِبَارَةٌ عَمَّا لَزِمَ الْعِبَادَ بِإِلْزَامِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْعِبَادَاتِ الْخَمْسِ وَنَحْوِهَا.
وَأَمَّا الرُّخْصَةُ فِي اللُّغَةِ – بِتَسْكِينِ الْخَاءِ – فَعِبَارَةٌ عَنِ التَّيْسِيرِ وَالتَّسْهِيلِ، وَمِنْهُ يُقَالُ: رَخَصَ السِّعْرُ: إِذَا تَيَسَّرَ وَسَهُلَ، وَبِفَتْحِ الْخَاءِ عِبَارَةٌ عَنِ الْأَخْذِ بِالرُّخَصِ.
_________
(1) ذَكَرَ الشَّاطِبِيُّ أَنَّ كُلًّا مِنَ الْعَزِيمَةِ وَالرُّخْصَةِ يُطْلَقُ عَلَى أَرْبَعَةِ مَعَانٍ، وَعَرَّفَ كُلًّا مِنْهُمَا عَلَى كُلِّ إِطْلَاقٍ مَعَ التَّوْضِيحِ بِالْأَمْثِلَةِ، وَذَكَرَ فُرُوعًا كَثِيرَةً تُبْنَى عَلَى بَعْضِ هَذِهِ الْمَعَانِي، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ تَفَاصِيلَ ذَلِكَ وَشَرْحَ مَا أَجْمَلَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا فَلْيَرْجِعْ إِلَى مَسَائِلِ النَّوْعِ الْخَامِسِ فِي الْعَزِيمَةِ وَالرُّخْصَةِ جـ 1 مِنَ الْمُوَافِقَاتِ.
(1/131)
________________________________________
وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ فَقَدْ قِيلَ: الرُّخْصَةُ مَا أُبِيحَ فِعْلُهُ مَعَ كَوْنِهِ حَرَامًا، وَهُوَ تَنَاقُضٌ ظَاهِرٌ.
وَقِيلَ: مَا رُخِّصَ فِيهِ مَعَ كَوْنِهِ حَرَامًا، وَهُوَ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ تَعْرِيفِ الرُّخْصَةِ بِالتَّرْخِيصِ الْمُشْتَقِّ مِنَ الرُّخْصَةِ غَيْرُ خَارِجٍ عَنِ الْإِبَاحَةِ، فَكَانَ فِي مَعْنَى الْأَوَّلِ.
وَقَالَ أَصْحَابِنَا: الرُّخْصَةُ مَا جَازَ فِعْلُهُ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ الْمُحَرِّمِ، وَهُوَ غَيْرُ جَامِعٍ، فَإِنَّ الرُّخْصَةَ كَمَا قَدْ تَكُونُ بِالْفِعْلِ قَدْ تَكُونُ بِتَرْكِ الْفِعْلِ، كَإِسْقَاطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَالرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الرُّبَاعِيَّةِ فِي السَّفَرِ. فَكَانَ مِنَ الْوَاجِبِ أَنْ يُقَالَ: الرُّخْصَةُ مَا شُرِعَ مِنَ الْأَحْكَامِ لِعُذْرٍ، إِلَى آخِرِ الْحَدِّ الْمَذْكُورِ، حَتَّى يَعُمَّ النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ.
ثُمَّ الْعُذْرُ الْمُرَخِّصُ (1) لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ رَاجِحًا عَلَى الْمُحَرَّمِ أَوْ مُسَاوِيًا أَوْ مَرْجُوحًا.
فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَمُوجِبُهُ لَا يَكُونُ رُخْصَةً بَلْ عَزِيمَةً، وَإِلَّا كَانَ كُلُّ حُكْمٍ ثَبَتَ بِدَلِيلٍ رَاجِحٍ مَعَ وُجُودِ الْمُعَارِضِ الْمَرْجُوحِ رُخْصَةً وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ.
وَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا فَإِنْ قُلْنَا بِتَسَاقُطِ الدَّلِيلَيْنِ الْمُتَعَارِضَيْنِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَالرُّجُوعِ إِلَى الْأَصْلِ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ رُخْصَةً وَإِلَّا كَانَ كُلُّ فِعْلٍ بَقِينَا فِيهِ عَلَى النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ رُخْصَةً، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ. وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِالتَّسَاقُطِ فَالْقَائِلُ قَائِلَانِ:
قَائِلٌ يَقُولُ بِالْوَقْفِ عَنِ الْحُكْمِ بِالْجَوَازِ وَعَدَمِهِ إِلَى حِينِ ظُهُورِ التَّرْجِيحِ، وَذَلِكَ عَزِيمَةٌ لَا رُخْصَةٌ.
وَقَائِلٌ يَقُولُ بِالتَّخْيِيرِ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالْجَوَازِ وَالْحُكْمِ بِالتَّحْرِيمِ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ أَكْلُ الْمَيْتَةِ حَالَةَ الِاضْطِرَارِ رُخْصَةً، ضَرُورَةَ عَدَمِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ جَوَازِ الْأَكْلِ وَالتَّحْرِيمِ ; لِأَنَّ الْأَكْلَ وَاجِبٌ جَزْمًا، وَقَدْ قِيلَ بِكَوْنِهِ رُخْصَةً، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّلِيلُ الْمُحَرِّمُ رَاجِحًا عَلَى الْمُسْتَبِيحِ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ الْعِلْمُ بِالْمَرْجُوحِ وَمُخَالَفَةُ الرَّاجِحِ، وَهُوَ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْقِسْمُ هُوَ الْأَشْبَهَ بِالرُّخْصَةِ لِمَا فِيهَا مِنَ التَّيْسِيرِ وَالتَّسْهِيلِ بِالْعَمَلِ بِالْمَرْجُوحِ وَمُخَالَفَةِ الرَّاجِحِ، وَعَلَى هَذَا فَإِبَاحَةُ
_________
(1) بَدْءُ إِشْكَالٍ لَمْ يُجِبْ عَنْهُ الْمُؤَلِّفُ، وَإِنْ كَانَ حَاوَلَ التَّخَلُّصَ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى اخْتِيَارِ الثَّالِثِ، وَلَيْسَ بِوَاضِحٍ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِاخْتِيَارِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَخِّصُ رَاجِحًا، لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ قَامَ بِهِ الْعُذْرُ خَاصَّةً زَمَنَ قِيَامِهِ بِهِ لَا مُطْلَقًا، وَهَذَا لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ الْمُحَرِّمُ رَاجِحًا مُقْتَضِيًا لِحُكْمِهِ الْأَصْلِيِّ الْكُلِّيِّ فِي الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ كُلِّهَا مَا عَدَا صُورَةَ التَّرْخِيصِ لِلْعُذْرِ فَلَا إِشْكَالَ.
(1/132)
________________________________________
شُرْبِ الْخَمْرِ وَالتَّلَفُّظِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ، وَإِسْقَاطُ صَوْمِ رَمَضَانَ، وَالْقَصْرُ فِي الرُّبَاعِيَّةِ فِي السَّفَرِ، وَالتَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ لِلْجِرَاحَةِ أَوْ لِبُعْدِ الْمَاءِ أَوْ لِبَيْعِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ – رُخْصَةٌ حَقِيقَةٌ، وَأَكْلُ الْمَيْتَةِ حَالَةَ الِاضْطِرَارِ وَإِنْ كَانَ عَزِيمَةً مِنْ حَيْثُ هُوَ وَاجِبٌ اسْتِبْقَاءً لِلْمُهْجَةِ فَرُخْصَةٌ مِنْ جِهَةِ مَا فِي الْمَيْتَةِ مِنَ الْخُبْثِ الْمُحَرَّمِ وَمَا لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ عَلَيْنَا، وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا عَلَى مَنْ قَبْلَنَا فَلَيْسَ رُخْصَةً حَقِيقَةً وَإِنْ سُمِّيِ رُخْصَةً (1) لِعَدَمِ الدَّلِيلِ الْمُحَرِّمِ لِتَرْكِهِ (2) ، وَكَذَلِكَ كُلُّ حُكْمٍ ثَبَتَ جَوَازُهُ عَلَى خِلَافِ الْعُمُومِ لِلْمُخَصِّصِ لَا يَكُونُ رُخْصَةً ; لِأَنَّ الْمُخَصِّصَ بَيَّنَ لَنَا أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَمْ يُرِدْ بِاللَّفْظِ الْعَامِّ لُغَةً صُورَةَ التَّخْصِيصِ، فَلَا يَكُونُ إِثْبَاتُ الْحُكْمِ فِيهَا عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ ; لِأَنَّ الْعُمُومَ إِنَّمَا يَكُونُ دَلِيلًا عَلَى الْحُكْمِ فِي آحَادِ الصُّوَرِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ الْعُمُومِ لُغَةً مَعَ إِرَادَةِ الْمُتَكَلِّمِ لَهَا وَمَعَ الْمُخَصَّصِ فَلَا إِرَادَةَ. (3)