الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ إِجْمَاعُ الخلفاء الْأَرْبَعَةِ

كتاب الإحكام في أصول الأحكام للآمدي

أبو الحسن سيد الدين علي بن أبي علي بن محمد بن سالم الثعلبي الآمدي (المتوفى: 631هـ)


الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ
لَا يَنْعَقِدُ إِجْمَاعُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ مَعَ وُجُودِ الْمُخَالِفِ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ خِلَافًا لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ، وَلِلْقَاضِي أَبِي حَازِمٍ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَذَلِكَ لَا يَنْعَقِدُ إِجْمَاعُ الشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مَعَ مُخَالَفَةِ غَيْرِهِمَا لَهُمَا، خِلَافًا لِبَعْضِ النَّاسِ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ مَا سَبَقَ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
حُجَّةُ مَنْ قَالَ بِانْعِقَادِ إِجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ” «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» ” أَوْجَبَ اتِّبَاعَ سُنَّتِهِمْ كَمَا أَوْجَبَ اتِّبَاعَ سُنَّتِهِ، وَالْمُخَالِفُ لِسُنَّتِهِ لَا يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ، فَكَذَلِكَ الْمُخَالِفُ لِسُنَّتِهِمْ.
وَحَجَّةُ مَنْ قَالَ بِانْعِقَادِ إِجْمَاعِ الشَّيْخَيْنِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ” «اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» “.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الْحَصْرِ فِي الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَإِنْ دَلَّ عَلَى الْحَصْرِ فَهُوَ مُعَارَضٌ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ” «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ» (1) ” الْحَدِيثَ.
وَلَيْسَ الْعَمَلُ بِأَحَدِ الْخَبَرَيْنِ أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ، وَإِذَا تَعَارَضَ الْخَبَرَانِ سَلِمَ لَنَا مَا ذَكَرْنَاهُ، وَبِهَذَا يَبْطُلُ الِاسْتِدْلَالُ بِالْخَبَرِ الْآخَرِ أَيْضًا.


(1) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ تَعْلِيقًا ص 232

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *