كتاب الإحكام في أصول الأحكام للآمدي
أبو الحسن سيد الدين علي بن أبي علي بن محمد بن سالم الثعلبي الآمدي (المتوفى: 631هـ)
[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ بَلَغَ عَدَدُ الْمُخْبِرِينَ إِلَى حَدِّ التَّوَاتُرِ لَكِنِ اخْتَلَفَتْ أَخْبَارُهُمْ مَعَ اشْتِرَاكِ جَمِيعِ أَخْبَارِهِمْ فِي مَعْنًى جَلِيٍّ]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ
إِذَا عُرِفَ أَنَّ التَّوَاتُرَ يُفِيدُ الْعِلْمَ بِالْخَبَرِ الْوَاحِدِ، كَالْإِخْبَارِ عَنْ قَتْلِ مَلِكٍ أَوْ هُجُومِ بَلَدٍ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ، فَلَوْ بَلَغَ عَدَدُ الْمُخْبِرِينَ إِلَى حَدِّ التَّوَاتُرِ، لَكِنِ اخْتَلَفَتْ أَخْبَارُهُمْ وَالْوَقَائِعُ الَّتِي أَخْبَرُوا عَنْهَا مَعَ اشْتِرَاكِ جَمِيعِ أَخْبَارِهِمْ فِي مَعْنًى جَلِيٍّ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ مُخْبِرَاتِهِمْ فَالْكُلُّ مُخْبِرُونَ عَنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُشْتَرِكِ ضَرُورَةَ إِخْبَارِهِمْ عَنْ جُزْئِيَّاتِهِ، إِمَّا بِجِهَةِ التَّضَمُّنِ، أَوِ الِالْتِزَامِ، فَكَانَ مَعْلُومًا مِنْ أَخْبَارِهِمْ، وَذَلِكَ كَالْأَخْبَارِ الَّتِي وَرَدَتْ خَارِجَةَ الْحَصْرِ عَنْ وَقَائِعِ عَنْتَرَةَ فِي حُرُوبِهِ، وَوَقَائِعِ حَاتِمٍ فِي هِبَاتِهِ وَضِيَافَاتِهِ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ وَقَائِعُ هَذِهِ الْأَخْبَارِ، فَكُلُّهَا دَالَّةٌ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ شَجَاعَةِ هَذَا، وَكَرَمِ هَذَا، غَيْرَ أَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ حُصُولُ الْعِلْمِ بِهَا مِثْلَ (1) التَّوَاتُرِ الْأَوَّلِ؛ لِاتِّحَادِ لَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ، أَسْرَعَ حُصُولًا مِنَ الثَّانِي، لِاخْتِلَافِ أَلْفَاظِهِ وَمَا طَابَقَهَا مِنَ الْمَعَانِي، وَإِنِ اتَّحَدَ مَدْلُولُهَا مِنْ جِهَةِ التَّضَمُّنِ، أَوِ الِالْتِزَامِ، وَهَذَا آخِرُ بَابِ التَّوَاتُرِ.
(1) صَوَابُهُ – مِنْ