صلاة الاستخارة

  فقه السنة لسيد سابق

صلاة الاستخارة:

يسن لمن أراد أمرا من الامور المباحة (1) والتبس عليه وجه الخير فيه أن يصلي ركعتين من غير الفريضة ولو كانتا من السنن الراتبة أو تحية المسجد في أي وقت من الليل أو النهار يقرأ فيهما بما شاء بعد الفاتحة، ثم يحمد الله ويصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بالدعاء الذي رواه البخاري من حديث جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الامور كلها (2) كما يعلمنا السورة من القرآن بقول: (إذا هم أحدكم بالامر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: (اللهم أستخيرك (3) بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب.
اللهم إن كنت تعلم أن هذا الامر (4) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله (5) فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه. وإن كنت تعلم أن هذا الامر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به) قال: ويسمي حاجته: أي يسمي حاجته عند قوله: (اللهم إن كان هذا الامر) .
ولم يصح في القراءة فيها شئ مخصوص، كما لم يصح شئ في استحباب تكرارها.
قال النووي: ينبغي أن يفعل بعد الاستخارة ما ينشرح له، فلا
__________
(1) الواجب والمندوب مطلوب الفعل، والمحرم والمكروه مطلوب الترك، ولهذا لا تجرى الاستخارة إلا في أمر مباح.
(2) قال الشوكاني: هذا دليل على العموم وأن المرء لا يحتقر أمرا لصغره وعدم الاهتمام به فيترك الاستخارة فيه مما قرب أمر يستخف بأمره فيكون في الاقدام عليه ضرر عظيم أو في تركه، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليسأل أحدكم ربه حتى في شسع نعله) .
(3) أستخيرك: أي أطلب منك الخيرة أو الخير.
(4) يسمي حاجته هنا.
(5) يجمع بينهما.

ينبغي أن يعتمد على انشراح كان فيه هوى قبل الاستخارة، بل ينبغي للمستخير ترك اختياره رأسا وإلا فلا يكون مستخيرا لله، بل يكون غير صادق في طلب الخيرة وفي التبري من العلم والقدرة وإثباتهما لله تعالى، فإذا صدق في ذلك تبرأ من الحول والقوة ومن اختياره لنفسه.

صلاة التسبيح:

عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس ابن عبد المطلب: (يا عباس يا عماه، ألا أعطيك، ألا أمنحك، ألا أحبوك (1) ، ألا أفعل بك عشر خصال (2) ، إذا أنت فعلت ذلك غفر الله ذنبك أوله وآخره، وقديمه وحديثه، وخطأه وعمده، وصغيره وكبيره، وسره وعلانيته.
عشر خصال: أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة (3) ، فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة فقل وأنت قائم: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر خمس عشرة، ثم تركع فتقول وأنت راكع عشرا (4) ثم ترفع رأسك من الركوع.
فتقولها عشرا، ثم تهوي ساجدا فتقول وأنت ساجد عشرا، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا، ثم تسجد فتقولها عشرا ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا (5) .
فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تفعل ذلك في أربع ركعات.
وإن استطعت أن تصليها في كل يوم
مرة فافعل، فإن لم تستطع ففي كل جمعة مرة، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة) .
رواه أبو داود وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه والطبراني.
قال الحافظ: وقد روي هذا الحديث من طرق كثيرة، وعن جامعة من الصحابة.
وأمثلها حديث عكرمة هذا، وقد صححه جماعة: منهم الحافظ أبو بكر الاجري، وشيخنا أبو محمد عبد الرحيم المصري، وشيخنا الحافظ أبو الحسن المقدسي رحمهم الله.
وقال ابن المبارك: صلاة التسبيح مرغب فيها، يستحب أن يعتادها في كل حين ولا يتغافل عنها.
__________
(1) أي أخصك.
(2) أي أعلمك ما يكفر عشر أنواع من ذنوبك.
(3) أي سورة دون تقييد.
(4) أي بعد ذكر الركوع، وكذا في كل الحالات يأتي المصلى بالذكر بعد الاتيان بذكر كل ركن.
(5) أي في جلسة الاستراحة قبل القيام.

صلاة الحاجة:

روى أحمد بسند صحيح عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من توضأ فأسبغ الوضوء ثم صلى ركعتين يتمهما أعطاه الله ما سأل معجلا أو مؤخرا) .

صلاة التوبة:

عن أبي بكر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهر ثم يصلي (1) ثم يستغفر الله إلا غفر له. ثم قرأ هذه الاية: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم، ومن يغفر الذنوب إلا الله؟ … ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الانهار
خالدين فيها) (2) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي والترمذي وقال: حديث حسن.
وروى الطبراني في الكبير بسند حسن عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من توضأ فأحسن الوضوء ثم قام فصلى ركعتين أو أربعا مكتوبة أو غير مكتوبة يحسن فيهن الركوع والسجود ثم استغفر الله غفر له) .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *