مختصر زاد المعاد لابن القيم
( فصل : في هَديِه صلى الله عليه وسلم في السَّلام على أهلِ الكِتاب )
صح عنه : ‘ لا تبدؤهم بالسلام ، وإذا لقيتموهم في الطريق ، فاضطرُّوهم إلى أضيق الطريق ‘
لكن قد قيل : إنه في قضية خاصة لما سار إلى بني قريظة قال : ‘ لا تبدؤهم بالسلام ‘
فهل هو عام لأهل الذمة ، أو يختص بمن كانت حاله كأولئك ؟
لكن في ‘ صحيح مسلم ‘ : ‘ لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام ، وإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطرُّوه إلى أضيقه ‘ والظاهر أن هذا عام .
واختلف في الرد عليهم ، والصواب وجوبه ، والفرق بينهم ، وبين أهل البدع أنّا مأمورون بهجرهم ، وثبت عنه أنه مرَّ على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين ، فسلم عليهم ،
وكتب إلى هرقل وغيره ب ‘ السلام على من اتبع الهدى ‘ ويذكر عنه : أنه ‘ يجزيء عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم ، ويجزيء عن الجلوس أن يردَّ أحدهم ‘ فذهب إلى هذا من قال : الرد فرض كفاية .
لكن ما أحسنه لو كان ثابتاً ! فإن فيه سعيد بن خالد ، قال أبو زرعة : ضعيف . وكذلك قال أبو حاتم .
وكان من هديه إذا بلّغه أحد السلام عن غيره أن يرد عليه وعلى المبلّغ ، ومن هديه ترك السلام ابتداء ورداً على من أحدث حدثاً حتى يتوب .