فصل : في هَديِه صلى الله عليه وسلم في الوضُوءِ

مختصر زاد المعاد لابن القيم


 

فصل : في هَديِه صلى الله عليه وسلم في الوضُوءِ

كان صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاةٍ في غالب أحيانه ، وربما صَلى الصلوات بوضوء واحد . 

 
وكان يتوضأ بالمد تارة وبثلثيه تارة ، وبأزيد منه تارة . 

 

 
وكان من أيسر الناس صباً لماء الوضوء ، ويحذر أمته من الإسراف فيه ، وصح عنه أنه توضأ مرة مرة ، ومرتين مرتين ، وثلاثاً ثلاثاً . 

 

 
وفي بعض الأعضاء مرَّتين ، وبعضها ثلاثاً ، وكان يتمضمض ويستنشق تارة بغَرفةٍ ، وتارة بغَرفتين ، وتارة بثلاث ،
 
 وكان يصل بين المضمضة والاستنشاق ، وكان يستنشق باليمنى وينتثرُ باليسرى ، وكان يمسح رأسه كله تارةً ، وتارةً يقبل بيديه ويدبر بهما .

 

 
 ولم يصح عنه أنه اقتصر على مسح بعض رأسه ألبتة ، ولكن كان إذا مسح على ناصيته كمل على العمامة ، ولم يتوضأ إلا تمضمض واستنشق ، ولم يحفظ عنه أنه أخل بهما مرة واحدة . 
 
وكذلك الوضوء مرتّباً متوالياً ، ولم يخلّ به مرة واحدة ، وكان يغسل رجليه إذا لم يكونا في خفين ولا جوربين ، ويمسح أُذنيه مع رأسه ظاهرهما وباطنهما .

 

| وكل حديث في أذكار الوضوء التي تقال عليه فكذب ، غير التسمية في أوله ، وقول : ‘ أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ‘ . في آخره . 

 
 وحديث آخر في سنن النسائي : ‘ سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ‘ . 
 
ولم يكن يقول في أوله : نويت . ولا أحد من الصحابة البتّة . ولم يتجاوز الثلاث قط . 
 
وكذلك لم يثبت عنه أنه تجاوز المرفقين والكعبين . | ولم يكن يعتاد تنشيف أعضائه . 
 
وكان يخلّل لحيته أحياناً ولم يواظب على ذلك ، وكذلك تخليل الأصابع ولم يكن يحافظ عليه ، وأما تحريك الخاتم فروي فيه حديث ضعيف . 
 
وصح عنه أنه مسح في الحضر والسفر ، ووقت للمقيم يوماً وليلةً ، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن ، وكان يمسح ظاهر الخفين ومسح على الجوربين ، ومسح على العمامة مقتصراً عليها ومع الناصية ولكن يحتمل أن يكون خاصاً بحال الحاجة ، ويحتمل العموم وهو أظهر . 
 
 ولم يكن يتكلف ضدّ حاله التي عليها قدماه ، بل إن كانتا في الخُفين مسح ، وإن كانتا مكشوفتين غسل . 
 
 وكان يتيمّم بضربةٍ واحدة للوجه والكفين ، ويتيمّم بالأرض التي يصلي عليها تراباً كانت أو سبخة أو رملاً . وصح عنه أنه قال : ‘ حيثما أدركت رجلاً من أُمتي الصلاةُ فعنده مسجده وطهورُه ‘ .
 

ولما سافر هو وأصحابه في غزوة تبوك قطعوا تلك الرمال وماؤهم في غاية القلة ، 

 
ولم يُروَ عنه أنه حمل معه التراب ، ولا أمرَ به ، ولا فعله أحد من الصحابة .
 
 ومن تدبر هذا قطع بأنه كان يتيمّم بالرمل . | ولم يصح عنه التيمم لكل صلاةٍ ولا أمر به ، بل أطلق التيمم وجعله قائماً مقام الوضوء .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *