تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » فصل : في هَديِه صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف

فصل : في هَديِه صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف

  • بواسطة

 

مختصر زاد المعاد لابن القيم


 

( فصل : في هَديِه صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف ) 

 أباح الله له قصر أركان الصلاة وعددها إذا اجتمع الخوف والسفر ، وقصر العدد وحده إذا كان سفراً لا خوف معه ، وقصر الأركان وحدها إذا كان خوفاً لا سفر معه ، وبهذا تعلم الحكم في تقييد القصر في الآية بالضرب في الأرض والخوف . 

 

 
 وكان من هديه في صلاة الخوف إذا كان العدو بينه وبين القبلة أن يصفّ المسلمين خلفه صفين ، فيكبر ويكبرون جميعاً ، ثم يركعون ويرفعون جميعاً ، ثم يسجد أول الصف الذي يليه خاصة ، ويقوم الصف المؤخر مواجه العدو ، فإذا نهض للثانية سجد الصف المؤخر سجدتين ، 
 
ثم قاموا فتقدموا إلى مكان الصف الأول ، وتأخر الصف الأول مكانهم ، لتحصل فضيلة الصف الأول للطائفتين ، وليدرك الصف الثاني معه السجدتين في الثانية ، وهذا غاية العدل ،
 
 فإذا ركع صنع الطائفتان كما صنعوا أول مرة ، فإذا جلس للتشهد سجد الصف المؤخر سجدتين ، ولحقوه في التشهد ، فسلم بهم جميعاً .
 
 وإن كان العدو في غير جهة القبلة فإنه تارة يجعلهم فرقتين : فرقة بإزاءِ العدو ، وفرقة تصلي معه ، فتصلي معه إحدى الفرقتين ركعة ، ثم تنصرف في صلاتها إلى مكان الفرقة الأخرى ، وتجيء الأخرى إلى مكان هذه ، فتصلي معه الركعة الثانية ، ثم يسلم ، وتقضي كل طائفة ركعة ركعة بعد سلام الإمام ، 
 
وتارة يصلي بإحدى الطائفتين ركعة ، ثم يقوم إلى الثانية ، وتقضي هي ركعة وهو واقف ، وتسلم قبل ركوعه ، وتأتي الطائفة الأخرى ، فتصلي معه الركعة الثانية ، فإذا جلس في التشهد ، قامت ، فقضت ركعة وهو ينتظرها في التشهد ، فإذا تشهدت ، سلم بهم . 
 
وتارة كان يصلي بإحدى الطائفتين ركعتين ويسلم بهم ؛ وتأتي الأخرى فيصلي بهم ركعتين ويسلم بهم ، 
 
وتارة كان يصلي بإحدى الطائفتين ركعة ، ثم تذهب ولا تقضي شيئاً ، وتجيء الأخرى ، فيصلي بهم ركعة ولا تقضي شيئاً ، فيكون له ركعتان ، ولهم ركعة ركعة ، وهذه الأوجه كلها تجوز الصلاة بها . 
 
قال أحمد : ستة أوجه أو سبعة تروى فيها كلها جائزة . وظاهر هذا أنه جوز أن تصلي كل طائفة معه ركعة ، ولا تقضي شيئاً ، وهذا مذهب جابر ، وابن عباس ، وطاوس ، ومجاهد ، والحسن ، وقتادة ، والحكم ، وإسحاق . 
 
وقد روي فيها صفات أخر ترجع كلها إلى هذه ، وقد ذكرها بعضهم عشراً ، وذكرها ابن حزم نحو خمسة عشر صفة ، 
 
والصحيح ما ذكرنا ، وهؤلاء كلما رأوا اختلاف الرواة في قصة ، جعلوا ذلك وجوهاً من فعل النبي صلى الله عليه وسلم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *