قضاء رمضان

فقه السنة لسيد سابق

قضاء رمضان:

قضاء رمضان لا يجب على الفور، بل يجب وجوبا موسعا في أي وقت، وكذلك الكفارة.
فقد صح عن عائشة: أنها كانت تقضي ما عليها من رمضان في شعبان (1) ولم تكن تقضيه فورا عند قدرتها على القضاء.
والقضاء مثل الاداء، بمعنى أن من ترك أياما، يقضيها دون أن يزيد عليها.
ويفارق القضاء الاداء، في أنه لا يلزم فيه التتابع، لقول الله تعالى: ” ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر “.
أي ومن كان مريضا، أو مسافرا فأفطر، فليصم عدة الايام، التي أفطر فيها، في أيام أخر، متتابعات أو غير متتابعات، فإن الله أطلق الصيام ولم يقيده.
وروى الدارقطني عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال – في قضاء رمضان -: ” إن شاء فرق، وإن شاء تابع “.
وإن أخر القضاء حتى دخل رمضان آخر، صام رمضان الحاضر، ثم يقضي بعده ما عليه، ولا فدية عليه، سواء كان التأخير لعذر، أم لغير عذر.
وهذا مذهب الاحناف، والحسن البصري.
ووافق مالك والشافعي، وأحمد، وإسحق، والاحناف: في أنه لافدية عليه، إذا كان التأخير بسبب العذر.
وخالفوهم فيما إذا لم يكن له عذر في التأخير، فقالوا: عليه أن يصوم رمضان الحاضر.
ثم يقضي ما عليه بعده ويفدي عما فاته عن كل يوم مدا من طعام.
__________
(1) رواه أحمد ومسلم.

وليس لهم في ذلك دليل يمكن الاحتجاج به.
فالظاهر ما ذهب إليه الاحناف، فانه لاشرع إلا بنص صحيح.
من مات وعليه صيام:
أجمع العلماء على أن من مات – وعليه فوائت من الصلاة – فإن وليه لا يصلي عنه، هو ولا غيره، وكذلك من عجز عن الصيام لا يصوم عنه أحد أثناء حياته.
فإن مات وعليه صيام وكان قد تمكن من صيامه قبل موته فقد اختلف الفقهاء في حكمه.
فذهب جمهور العلماء، منهم أبو حنيفة، ومالك، والمشهور عن الشافعي إلى أن وليه لا يصوم عنه ويطعم عنه مدا، عن كل يوم (1) .
والمذهب المختار عند الشافعية: أنه يستحب لوليه أن يصوم عنه، ويبرأ به الميت، ولا يحتاج إلى طعام عنه.
والمراد بالولي، القريب، سواء كان عصبة، أو وارثا، أو غيرهما.
ولو صام أجنبي عنه، صح، إن كان بإذن الولي، وإلا فإنه لا يصح.
واستدلوا بما رواه أحمد، والشيخان، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” من مات وعليه صيام صام عنه وليه ” زاد البزار لفظ: إن شاء (2) .
وروى أحمد وأصحاب السنن: عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم: فقال: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صيام شهر أفأقضيه عنها؟ فقال: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صيام شهر أفأقضيه عنها؟ فقال: ” لو كان على أمك دين أكنت قاضيه؟ ” قال: نعم. قال: ” فدين الله أحق أن يقضى ” قال النووي: وهذا القول هو الصحيح المختار الذي نعتقده وهو الذي صححه محققو أصحابنا الجامعون بين الفقه والحديث لهذه الاحاديث الصحيحة الصريحة.
__________
(1) يرى الحنيفة أن الواجب نصف صاع من قمح، وصاعا من غيره.
(2) سندها حسن.

التقدير في البلاد التي يطول نهارها ويقصر ليلها: اختلف الفقهاء في التقدير، في البلاد التي يطول نهارها، ويقصر ليلها، والبلاد التي يقصر نهارها، ويطول ليلها، على أي البلاد يكون؟ فقيل: يكون التقدير على البلاد المعتدلة التي وقع فيها التشريع، كمكة والمدينة، وقيل: على أقرب بلاد معتدلة إليهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *