مختصر زاد المعاد لابن القيم
المقدمة :
( بسم الله الرحمن الرحيم ، وبه الثقة والعصمة ) | الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . | أما بعد : فإن الله سبحانه وتعالى هو المتفرد بالخلق والاختيار .
قال الله تعالى :
وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون
( القصص : آية 68 )
والمراد بالاختيار : هو الاجتباء والاصطفاء ، وقوله : ما كان لهم الخيرة
أي : ليس هذا الاختيار إليهم ، فكما أنه المتفرد بالخلق ، فهو المتفرد بالاختيار منه ، فإنه أعلم بمواقع اختياره ، كما قال تعالى :
الله أعلم حيث يجعل رسالته > 2 ! الأنعام : ( الآية 124 ) وكما قال تعالى : ! 2 < وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات
الزخرف ( الآية : 31 ) فأنكر سبحانهُ عليهم تخيرهم ، وأخبر أن ذلك إلى الذي قسم بينهم معيشتهم ، ورفع بعضهم فوق بعض درجات .
وقوله : سبحان الله وتعالى عما يشركون
نزه نفسه عما اقتضاه شركهم من اقتراحهم واختيارهم . ولم يكن شركهم متضمناً لإثبات خالق سواه حتى ينزِّه نفسه عنه . والآية مذكورة بعد قوله : !
فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين
( القصص الآية : 67 ) .
وكما أنه خلقهم اختار منهم هؤلاء ، وهذا الاختيار راجع إلى حكمته سبحانه ، وعلمه بمن هو أهل له ، لا إلى اختيار هؤلاء واقتراحهم .
وهذا الاختيار في هذا العالم من أعظم آيات ربوبيته وأكبر شواهد وحدانيته ، وصفات كماله ، وصدق رُسله .
ومن هذا اختيارُه من الملائكة المصطَفينَ منهم ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ‘ اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل ، فاطر السموات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما اختُلِف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ‘ .
وكذلك اختياره سبحانه الأنبياء من ولد آدم ، واختياره الرسل منهم ، واختياره أولي العزم منهم ، وهم الخمسة المذكورون في سورتي الأحزاب والشورى واختياره منهم الخليلين : إبراهيم ومحمداً صلى الله عليهما وسلم وعليهم أجمعين .
ومِن هذا اختياره سبحانه ولد إسماعيل من أجناس بني آدم ، ثم اختار منهم بني كنانة من خزيمة ، ثم اختار من ولد كنانة قريشاً ، ثم اختار من قريش بني هاشم ، ثم اختار من بني هاشم سيّد ولد آدم محمداً صلى الله عليه وسلم ، واختار أمته على سائر الأمم .
كما في ‘ المسند ‘ عن معاوية بن حيدة مرفوعاً : ‘ أنتم توفون سبعين أمّة ، أنتم خيرها وأكرمها على الله ‘ .
وفي ‘ مسند البزار ‘ من حديث أبي الدرداء مرفوعاً : ‘ إن الله سبحانه قال لعيسى بن مريم : | إني باعثٌ بعدك أمةً إن أصابهم ما يحبون حمدوا وشكروا ، وإن أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا ، ولا حلم ولا علم .
قال : يا رب كيف هذا ولا حلم ولا علم ؟ قال : أعطيهم من حلمي وعلمي .
فهرس أبواب الكتاب :
- فصل : اختَصَّ اللهُ نفسَه بالطيب
- فصل : في وجوب مَعرفة هَدي الرَّسُول
- فصل : في هَديِه صلى الله عليه وسلم في الوضُوءِ
- فصل : في هَديِه صلى الله عليه وسلم في الصّلاة
- فصل : في هَديِه صلى الله عليه وسلم في قِيامِ اللَّيل
- فصل : في هَديِه صلى الله عليه وسلم في الجُمعَة وذكر خصائص يَومها
- فصل : في هَديِه صلى الله عليه وسلم في سفره وعباداته فيه
- فصل : في هَديِه صلى الله عليه وسلم في قراءة القرآن
- فصل : في هَديِه صلى الله عليه وسلم في زيارة المرضى
- فصل : في هَديِه صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف
- فصل : في هَديِه صلى الله عليه وسلم في الزكاة
- فصل : في هَديِه صلى الله عليه وسلم في صدقة التطوّع
- فصل : في هَديِه صلى الله عليه وسلم في الصّيام
- فصل : في هَديِه صلى الله عليه وسلم في الاعتِكافْ
- فصل في هَديِه صلى الله عليه وسلم في حجه وعمره
- في هَديِه صلى الله عليه وسلم في الهدايا والضحايا والعقيقة
- فصل : في هَديِه صلى الله عليه وسلم في الأسماء والكنى
- فصل : في هَديِه صلى الله عليه وسلم في حفظ المنْطِق واختيار الألفاظ
- فصل : في هَديِه صلى الله عليه وسلم في الذِّكْر
- في هَديِه صلى الله عليه وسلم في السَّلام والاستِئذان وتشميت العاطِس
- فصل : في هَديِه صلى الله عليه وسلم في السَّلام على أهلِ الكِتاب
- فصل : في هَديِه صلى الله عليه وسلم في الاسْتئْذان
- فصل : في هَديِه صلى الله عليه وسلم في آداب السّفر
- فصل : فيما يقوله ويفعله مَنْ بُلي بالوسواس
- فصل : في ألفاظٍ كان صلى الله عليه وسلم يكره أنْ تُقال
- فصل : في هَديِه صلى الله عليه وسلم في الجهاد والغزوات
- دعوة النبي صلى الله عليه وسلم في مكة
- الإسراء والمعراج
- في مَبْدأ الهِجْرَة التي فَرّق الله بها بين أوْليائِه وأعْدائِهِ وجَعَلها مَبْدأ لإعزاز دِينِه ونصْرة رسُوله
- مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة
- فصل : في بِناءِ المسْجد
- الإذن بالقتال