كتاب مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين
المؤلف: أبو الحسن علي بن إسماعيل بن إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري
(المتوفى: 324هـ)
مقالات الخوارج [1]
49 – العجاردة [1] وفرقها
ومن العطوية أصحاب عبد الكريم بن عجرد ويسمون العجاردة.
وهم خمس عشرة فرقة:
1 – فالفرقة الأولى منهم يزعمون أنه يجب أن يدعى الطفل إذا بلغ وتجب البراءة منه قبل ذلك حتى يدعى إلى الإسلام ويصفه هو.
الميمونية[2]:
2 – والفرقة الثانية من العجاردة الميمونية.
والذي تفردوا به القول بالقدر على مذهب المعتزلة وذلك أنهم يزعمون أن الله – سبحانه – فوض الأعمال إلى العباد وجعل لهم الاستطاعة إلى كل ما
كلفوا فهم يستطيعون الكفر والإيمان جميعاً وليس لله – سبحانه – في أعمال العباد مشيئة وليس أعمال العباد مخلوقة لله فبرئت منه العجردية وسموا الميمونية.
الخلفية[3]:
3 – والفرقة الثالثة من العجاردة الخلفية أصحاب رجل يقال له خلف فارقوا الميمونية في القول بالقدر وقالوا بالإثبات.
الحمزية[4]:
4 – والفرقة الرابعة منهم الحمزية أصحاب رجل يدعى حمزة.
ثبتوا على قول الميمونية بالقدر وأنهم يرون قتال السلطان خاصة ومن رضيبحكمه فأما من أنكره فلا يرون قتله إلا إذا أعان عليهم أو طعن في دينهم أو صار عوناً للسلطان أو دليلاً له.
وحكى زرقان أن العجاردة أصحاب حمزة لا يرون قتل أهل القبلة ولا أخذ المال في السر حتى يبعث الحرب.
الشعيبية[5]:
5 – والفرقة الخامسة من العجاردة الشعيبية أصحاب شعيب وهو رجل برئ من ميمون ومن قوله فقال أنه لا يستطيع أحد أن يعمل إلا ما شاء الله وأن أعمال العباد مخلوقة لله.
وكان سبب فرقة الشعيبية والميمونية أنه كان لميمون على شعيب مال فتقاضاه فقال له شعيب: أعطيكه إن شاء الله فقال ميمون: قد شاء الله أن تعطينيه الساعة فقال شعيب: لو شاء الله لم أقدر ألا أعطيكه فقال ميمون: فإن الله قد شاء ما أمر وما لم يأمر لم يشأ وما لم يشأ لم يأمر فتابع ناس ميموناً وتابع ناس شعيباً فكتبوا إلى عبد الكريم بن عجرد وهو في حبس خالد بن عبد الله البجلي يعلمونه قول ميمون وشعيب فكتب عبد الكريم: إنا نقول ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولا نلحق بالله سوءاً فوصل الكتاب إليهم ومات عبد الكريم فادعى ميمون أنه قال بقوله حين قال: “لا نلحق بالله سوءاً” وقال شعيب: لا بل قال بقولي حيث قال: “ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن” فتولوا جميعاً عبد الكريم وبرئ بعضهم من بعض.
وقال بعض الناس: إن عبد الكريم بن عجرد وميمون الذي تنسب إليه الميمونية رجل من أهل بلخ[6].
وقال قوم إن عبد الكريم كان من أصحاب أبي بيهس خالفه وفارقه في بيع الأمة.
وذكر الكرابيسي في بعض كتبه أن العجاردة والميمونية يجيزون نكاح بنات البنين وبنات البنات وبنات بنات الأخوة وبنات بني الأخوة ويقولون إن الله حرم البنات وبنات الأخوة وبنات الأخوات.
وحكي لنا عنهم ما لم نتحققه أنهم يزعمون أن سورة يوسف ليست من القرآن.
الخازمية [7] من العجاردة:
6 – والفرقة السادسة من العجاردة الخازمية.
والذي تفردوا به أنهم قالوا في القدر بالإثبات وبأن الولاية والعداوة صفتان لله -عز وجل- في ذاته وأن الله يتولى العباد على ما هم صائرون إليه وإن كانوا في أكثر أحوالهم مؤمنين.
المعلومية[8]:
7 – والفرقة السابعة من العجاردة وهي الثانية من الخازمية ويدعون المعلومية.
والذي تفردوا به أنهم قالوا: من لم يعلم الله بجميع أسمائه فهو جاهل به وإن أفعال العباد ليست مخلوقة وإن الاستطاعة مع الفعل ولا يكون إلا ما شاء الله.
المجهولية[9]:
8 – والفرقة الثامنة من العجاردة وهي الثالثة من الخازمية المجهولية.
ومن قولهم: أن من علم الله ببعض أسمائه فقد علمه ولم يجهله وقالوا بإثبات القدر.
الصلتية[10]:
9 – والفرقة التاسعة من العجاردة الصلتية أصحاب عثمان بن أبي الصلت.
والذي تفرد به أنه قال: إذا استجاب لنا الرجل وأسلم توليناه وبرئنا من أطفاله لأنه ليس لهم إسلام حتى يدركوا فيدعون إلى الإسلام فيقبلونه.
الثعالبة[11]:
10 – والفرقة العاشرة من العجاردة الثعالبة.
يقولون: ليس لأطفال الكافرين ولا لأطفال المؤمنين ولاية ولا عداوة ولا براءة حتى يبلغوا فيدعوا إلى الإسلام فيقروا به أو ينكروه.
وكان ثعلبة مع عبد الكريم يداً واحدة إلى أن اختلفا في أمر الطفل.
الأخنسية[12]:
11 – والفرقة الحادية عشرة من العجاردة وهي الأولى من الثعالبة يدعون الأخنسية.
يتوقفون عن جميع من في دار التقية من منتحلي الإسلام وأهل القبلة إلا من قد عرفوا منه إيماناً فيتولونه عليه أو كفراً فيتبرءون منه لأجله ويحرمون الاغتيال والقتل في السر وأن يبدأ أحد من أهل البغي من أهل القبلة بقتال حتى يدعى إلا من عرفوه بعينه فبرئت منهم الثعلبية وسموهم الأخنسية لأن الذي دعاهم إلى قولهم رجل كان يقال له الأخنس.
المعبدية[13]:
12 – والفرقة الثانية عشرة من العجاردة وهي الثانية من الثعالبة المعبدية ومما تفردوا به أنهم رأوا أخذ زكاة أموال عبيدهم إذا استغنوا وإعطاءهم من زكاتهم إذا افتقروا ثم رأوا أن ذلك خطأ ولم يتبرءوا ممن فعل ذلك فقال لهم رجل يقال له معبد: إن كنتم لا تتبرءون ممن فعل ذلك فإنا لا ندعه فأقام على ذلك وبرئت منه الثعالبة ومن أصحابه.
الشيبانية[14]:
13 – والفرقة الثالثة عشرة من العجاردة وهي الثالثة من الثعالبة الشيبانية أصحاب شيبان بن سلمة الخارج أيام أبي مسلم والمعين له.
ومن قصتهم أن شيبان بن سلمة لما أحدث أحداثاً من معاونة أبي مسلم وغير ذلك برئت منه الخوارج فلما قتل شيبان جاء قوم فذكروا توبته فلم تقبل الثعلبية منهم توبة شيبان وقالوا إن أحداث شيبان كانت قتل المسلمين وأخذ أموالهم وضربهم فإن كنتم دفعتم من دار العلانية فإنا لا نقبل من القاتل في دار العلانية توبة حتى يعفو عنه ولي المقتول ولا نقبل توبة من ضرب المسلمين حتى يقص من نفسه أو يوهب ذلك له وحتى يرد أموالهم وشيبان لم يفعل شيئاً من ذلك فإن زعمتم أنكم قد دفعتم توبته من دار التقية فقد كذبتم فإن أمره كان ظاهراً ودعوته كانت ظاهرة إلى أن قتل فقبل قوم منهم توبته فسموا الشيبانية.
ثم إن الشيبانية أحدثوا التشبيه لله بخلقه.
الزيادية[15]:
وثبت قوم منهم على قول الثعلبية وهم أعظم أصحاب الثعلبية وجمهورهم فسموا الزيادية وذلك أن رجلاً منهم كان يسمى زياد بن عبد الرحمن كان فقيه الثعلبية ورئيسهم.
ثم إن الشيبانية الذين أجازوا توبته قالوا في الولاية والعداوة أنهما صفتان لله من صفات الذات لا من صفات الفعل.
الرشيدية العشرية[16]:
14 – والفرقة الرابعة عشرة من العجاردة وهي الرابعة من الثعالبة الرشيدية.
ومما تفردوا به أنهم كانوا يؤدون عما سقي بالعيون والأنهار الجارية نصف العشر ثم رجعوا عن ذلك وكتبوا إلى المسمى زياد بن عبد الرحمن فأجابهم ثم أتاهم فأعلمهم أن في ذلك العشر وأنه لا يجيز البراءة ممن غلط منهم في ذلك فقال رجل منهم يسمى رشيداً: إن كان يسعنا أن لا نتبرأ منهم فإنا نعمل بالذي يعملون به وثبت هو ومن معه على الفعل الأول فبرئت منهم الثعالبة وسموهم العشرية.
المكرمية[17]:
15 – والفرقة الخامسة عشرة من العجاردة وهي الخامسة من الثعالبة المكرمية أصحاب أبي مكرم.
ومما تفردوا به أنهم زعموا إن تارك الصلاة كافر وليس هو من قبل تركه الصلاة كفر ولكن من قبل جهله بالله وكذلك قالوا في سائر الكبائر وزعموا أن من أتى كبيرة فقد جهل الله – سبحانه – وبتلك الجهالة كفر لا بركوبه المعصية وقالوا بالموافاة وهي أن الله – سبحانه – إنما يتولى عباده ويعاديهم على ما هم صائرون إليه لا على أعمالهم التي هم فيها فبرئت منهم الثعالبة.
ومن قول الثعالبة في الأطفال أنهم يشتركون في عذاب آبائهم وأنهم ركن من أركانهم يريدون بذلك أنهم بعض من أبعاضهم.
الفديكية[18]:
ومن الخوارج الفديكية أصحاب أبي فديك.
ولا نعلم أنهم تفردوا بقول أكثر من إنكارهم على نافع ونجدة ما حكيناه عنهم.
الصفرية من الخوارج[19]:
ومن الخوارج الصفرية أصحاب زياد بن الأصفر وهم لا يوافقون الأزارقة في عذاب الأطفال فإنهم لا يجيزون ذلك ويقال: إن الصفرية نسبوا إلى عبيدة وكان ممن خالف نجدة ورجع من اليمامة فلما كتب نجدة إلى أهل البصرة اجتمع عبيدة وعبد الله بن أباض فقرءوا كتابه فقال عبد الله بن أباض بما سنذكره من مذهبه وقال عبيدة بجملة مذهب الخوارج: من أن مخالفيهم
مشركون السيرة فيهم السيرة في أهل حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين حاربوه من المشركين. وأصل قول الخوارج إنما هو قول الأزارقة والإباضية والصفرية والنجدية وكل الأصناف سوى الأزارقة والإباضية والنجدية فإنما تفرعوا من الصفرية.
ومن الخوارج طائفة يقولون: ما كان من الأعمال عليه حد واقع فلا يتعدى بأهله الاسم الذي لزمهم به الحد وليس بكفر بشيء ليس أهله به كافراً كالزنا والقذف وهم قذفة زناة وما كان من الأعمال ليس عليه حد كترك الصلاة والصيام فهو كافر وأزالوا اسم الإيمان في الوجهين جميعاً.
[1] العجاردة: التنبيه والرد وقد وردت باسم العجردية الفرق بين الفرق: 67 التبصير في الدين: 53 الملل والنحل: 1/ 102 – 104 الحور العين: 171 – 172 وقد ورد باسم العجردية اعتقادات فرق المسلمين: 47 الفرق الإسلامية: 71 – 81 التعريفات: 147 الخطط المقريزية: 2/ 354.
[2] الميمونية: التبصير في الدين: 57 الملل والنحل: 1/ 102 الحور العين: 171, 256 – 257 اعتقادات فرق المسلمين: 48 الفرق الإسلامية: 72 – 73 التعريفات: 238 الخطط المقريزية: 2/ 354 – 355.
[3] الخلفية: الفرق بين الفرق: 69 التبصير في الدين: 54 وقد وردت باسم الخليفية الملل والنحل: 1/ 103 الحور العين: 171 وقد وردت باسم الحلفية اعتقادات فرق المسلمين: 48 الفرق الإسلامية: 75 التعريفات: 101
[4] الحمزية: المقالات والفرق: 56 التنبيه والرد: 52 و 54 الفرق بين الفرق: 70 – 71 التبصير في الدين: 55 الملل والنحل: 1/ 103 اعتقادات فرق المسلمين: 48 الفرق الإسلامية: 73 التعريفات: 93 الخطط المقريزية: 2/ 355
[5] الفرق بين الفرق: 68 – 69.
التبصير في الدين: 54.
الملل والنحل: 1/ 104
اعتقادات فرق المسلمين: 49.
الفرق الإسلامية: 73 – 74.
التعريفات: 127.
الخطط المقريزية: 2/ 355.
[6] بلخ: مدينة مشهورة بخراسان قيل إن أول من بناها لهراسف الملك وهي من أجل مدن خراسان وأكثرها خيرا وأوسعها غلة وينسب إليها خلق مثير من العلماء …
[7] الخازمية: الفرق بين الفرق: 67 – 68 التبصير في الدين: 53 الملل والنحل: 1/ 104 وقد ورد باسم الحازمية بالحاء المهملة الحور العين: 171 اعتقادات فرق المسلمين: 49 وقد وردت بالمهملة كذلك وفي الفرق الإسلامية: 74 – 75 وردت بالجيم التحتية: الجازمية. ووردت بالجيم أيضا في التعريفات: 73 وفي الخطط المقريزية: 2/ 355 بالحاء المهملة: الحازمية.
[8] المعلومية: الفرق بين الفرق: 69 التبصير في الدين: 54 الملل والنحل: 1/ 106 الحور العين: 171 اعتقادات فرق المسلمين: 51 الفرق الإسلامية: 76 التعريفات: 222 الخطط المقريزية ك 2/ 355.
[9] المجهولية: الفرق بين الفرق: 69 التبصير في الدين: 54 الملل والنحل: 1/ 106 الحور العين: 171 اعتقادات فرق المسلمين: 51 التعريفات 204 الخطط المقريزية: 2/ 355
[10] الصليتية: التنبيه والرد: 4, 53 وذكرها أيضا باسم الصلدية الفرق بين الفرق: 69 – 70 التبصير في الدين: 54 الملل والنحل: 1/ 201 الحور العين: 171 اعتقادات فرق المسلمين: 48 الفرق الإسلامية: 77 التعريفات: 134 الخطط المقريزية: 2/ 355
[11] الثعالبة: الفرق بين الفرق: 71 – 73 التبصير في الدين: 55 وورد ذكرها تحت اسم الثعالبية الملل والنحل: 1/ 104 – 107 اعتقادات فرق المسلمين: 49 ووردت تحت اسم الثعلبية الفرق الإسلامية: 77 – 81 الخطط المقريزية: 2/ 355
[12] الأخنسية: الفرق بين الفرق: 72 التبصير في الدين: 55 الملل والنحل: 1/ 105 الحور العين: 172 اعتقادات فرق المسلمين: 49 الفرق الإسلامية: 78 – 79 الخطط المقريزية: 2/ 355 وقد أوردها تحت اسم الأحسنية ثم أورد في الشرح … إلى أن خرج رجل عرف بالأخنس ….
[13] المعبدية: الأخنسية: الفرق بين الفرق: 72 التبصير في الدين: 55 الملل والنحل: 1/ 105 الحور العين: 172 اعتقادات فرق المسلمين: 50 الفرق الإسلامية: 79 الخطط المقريزية: 2/ 355
[14] الشيبانية: الفرق بين الفرق: 72 التبصير في الدين: 56 الملل والنحل: 1/ 105 الحور العين: 172 اعتقادات فرق المسلمين: 49 الفرق الإسلامية: 79 – 80 الخطط المقريزية: 2/ 355
[15] الزيادية: الفرق بين الفرق: 73 ورد ضمن الحديث عن الرشيدية, الملل والنحل: 2/ 109 – 110 ضمن الحديث عن الصفيرية الزيادية, اعتقادات فرق المسلمين: 21 لم يذكر الفرقة إنما ذكر زياد بن الأصفر الذي تنسب إليه, الخطط المقريزية ك 2/ 354 ضمن الحديث عن الصفرية
[16] الرشيدية: الفرق بين الفرق: 73, الملل والنحل: 1/ 105 الحور العين: 172 اعتقادات فرق المسلمين: 50, الخطط المقريزية: 2/ 355.
[17] المكرمية: الفرق بين الفرق: 73, التبصير في الدين: 56, الملل والنحل: 1/ 106, الحور العين: 172, اعتقادات فرق المسلمين: 50, الفرق الإسلامية: 80 – 81 الخطط المقريزية: 2/ 355
[18] الفديكية: التنبيه والرد: 180, الملل والنحل: 1/ 99, الحور العين: 180.
[19] الصفرية: التنبيه والرد: 4, 52, 178 الفرق بين الفرق: 65 – 67 التبصير في الدين: 52, الملل والنحل: 1/ 109 – 110 الحور العين: 177 – 178 و 274 اعتقادات فرق المسلمين: 51 وقد وردت باسم الأصفرية, الفرق الإسلامية: 68 الخطط المقريزية: 2/ 354