وجوب الزكاة في الذمة لا في عين المال

فقه السنة لسيد سابق

وجوب الزكاة في الذمة لا في عين المال

مذهب الاحناف، ومالك، ورواية عن الشافعي وأحمد: أن الزكاة واجبة في عين المال.

والقول الثاني للشافعي، وأحمد: أنها واجبة في ذمة صاحب المال لا في عين المال.
وفائدة الخلاف تظهر، فيمن ملك مائتي درهم مثلا، ومضى عليها حولان دون أن تزكى.
فمن قال: إن الزكاة واجبة في العين، قال: إنها تزكى لعام واحد فقط، لانها بعد العام الاول، تكون قد نقصت عن النصاب قدر الواجب فيها، وهو خمسة دراهم.
ومن قال: إنها واجبة في الذمة، قال إنها تزكى زكاتين، لكل حول زكاة، لان الزكاة وجبت في الذمة، فلم تؤثر في نقص النصاب.
ورجح ابن حزم وجوبها في الذمة، فقال: لا خلاف بين أحد من الامة – من زمننا إلى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم – في أن من وجبت عليه زكاة بر، أو شعير، أو تمر، أو ذهب، أو إبل، أو بقر، أو غنم، فأعطى زكاته الواجبة عليه، من غير ذلك الزرع، ومن غير ذلك التمر، ومن غير ذلك الذهب، ومن غير تلك الفضة، ومن غير تلك الابل، ومن غير تلك البقر، ومن غير تلك الغنم، فإنه لا يمنع ذلك، ولا يكره ذلك له، بل سواء أعطى من تلك العين، أو مما عنده من غيرها، أو مما يشترى، أو مما يوهب، أو مما يستقرض.
فصح يقينا: أن الزكاة في الذمة، لا في العين، إذ لو كانت في العين، لم يحل له ألبتة، أن يعطي من غيرها، ولوجب منعه من ذلك كما يمنع من له شريك في شئ من كل ذلك أن يعطي شريكه، من غير العين، التي هم فيها شركاء، إلا بتراضيهما، وعلى حكم البيع.
وأيضا فلو كانت الزكاة في عين المال، لكانت لا تخلو من أحد وجهين لا ثالث لهما.
وذلك إما أن تكون الزكاة في كل جزء من أجزاء ذلك المال، أو تكون في شئ منه بغير عينه.
فلو كانت في كل جزء منه لحرم عليه أن يبيع منه رأسا، أو حبة فما فوقها، لان أهل الصدقات في ذلك الجزء شركاء ولحرم عليه أن يأكل منها شيئا لما ذكرناه، وهذا باطل بلا خلاف، وللزمه أيضا أن لا يخرج الشاة إلا بقيمة مصححة مما بقي، كما يفعل في الشركات ولا بد.
وإن كانت الزكاة في شئ منه بغير عينه فهذا باطل.
وكان يلزم أيضا مثل ذلك، سواء سواء.
لانه كان لا يدري، لعله يبيع أو يأكل الذي هو حق أهل الصدقة؟ فصح ما قلنا يقينا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *